الاخوان المسلمون: (50%) من كلفة فاتورة الطاقة في الاردن "مفتعلة"
وجه حزب جبهة العمل الاسلامي مذكرة الى رئيس الوزراء د.عبدالله النسور حول ارتفاع فاتورة الطاقة وانخفاض أسعار المحروقات عالميا وسياسة رفع الأسعار.
وتاليا نص المذكرة:
دولة السيد رئيس الوزراء الأكرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ...
تواجه الدولة الأردنية تحديات كبيرة ومصيرية، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة المستوردة، وتدني مستوى الحياة وزيادة معدلات الفقر، والتهديد الكبير للسيادة والأمن الوطني في حال استيراد الغاز من الكيان الصهيوني. ولكن وبنفس القدر وأكثر تتوفر لدى الأردن فرص كثيرة يمكن الاستثمار فيها لمواجهة أزمة الطاقة والحد من المخاطر والتحديات التي تترتب عليها، ولسد بعض الاحتياجات المالية، وتعويض الخسائر المتراكمة لهذا القطاع، ظلت الحكومات الأردنية المتعاقبة تستخدم سياسة التسعير، لتحصيل بعض المبالغ الزهيدة نسبياً في كل مرة، دون مراعاة الآثار الضارة لهذه العملية، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وعلى المديين المتوسط والبعيد .
إن توجه الحكومة الأخير لرفع أسعار الكهرباء بنسبة (7.5%) يأتي في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار المحروقات عالميا بحوالي (60%)، ما يعني أن الحكومة تحررت من قيمة الدعم الذي كانت تقدمه للطاقة. وهذا منحى خطير سوف يؤدي إلى المزيد من الإرهاق للمواطنين، والإفلاس للمصالح والشركات والصناعات الصغيرة وحتى المتوسطة .
حيث أن التسعيرة تأخذ بشكل عام منحى صعودياً وبوتيرة أسرع من وتيرة ارتفاع الأسعار العالمية للمحروقات ولا تتأثر خفضاً بنفس الوتيرة التي تنخفض بها، ما يجعلها وسيلة للجباية أكثر منها سياسة لزيادة كفاءة قطاع الطاقة وتحسين وسائل الإنتاج الاقتصادي كما أن الحكومة تتجاهل في التسعيرة الدعم الذي تقدمه بعض الدول والجهات الدولية على شكل منح أو قروض أو مواد عينية ( نفط أو غاز ) بأسعار تفضيلية .
دولة الرئيس:
إن سياسة رفع الأسعار تؤدي إلى المزيد من إرهاق الفقراء وذوي الدخل المحدود، واستنزاف مدخرات الطبقة الوسطى، وإضعاف قدرتها على إنشاء مشاريع داعمة للاقتصاد، وتعريض مصير الشركات الصغرى والمتوسطة والصناعات الناشئة لخطر الإفلاس والإغلاق، الأمر الذي يتطلب مزيدا من البحث عن حلول جذرية للمشاكل المزمنة التي يعاني منها قطاع الطاقة في الأردن والتي تتمثل في الأمور التالية:
أولاً:عدم تحقيق أي اختراق في مجال مصادر الطاقة الأولية التقليدية (كالنفط والغاز)؛ رغم الشواهد الكثيرة على توفر احتياطيات كبيرة منها في الأردن. والتأخر عن استثمار مصادر الطاقة الجديدة (كالصخر الزيتي)؛ والجديدة والمتجددة (كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح)؛التي تكفي الأردن لزمن غير محدود؛ وتساعد في إنشاء الكثير من الصناعات الداعمة وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة؛ والتي تدل الممارسات الدولية في السنوات العشر الأخيرة، أنها أصبحت منافسة، وبحجوم كبيرة. وتحرر الأردن كلياً من الاعتماد أو الارتهان للمزودين الأجانب.
ثانياً: إن قطاع الطاقة في الأردن، يعاني من تضخم مؤسسي ووظيفي، وترهل تشريعي كبير؛ ما يتسبب في تحميل الدولة والمواطن نفقات إدارية ولوجستية، كبيرة جداً. إن حجم الاستهلاك الكلي لمصادر الطاقة في الأردن (البالغ حوالي (3000) ميجاوات كهرباء، وما يكافئها تقريباً، من استهلاك للمشتقات النفطية في القطاعات الأخرى)، يشكل جزءاً صغيراً فقط، من إنتاج محطة واحدة من محطات توليد الكهرباء في بعض الدول، تعمل بعدد محدود من العاملين (قد لا يزيد عن مئات الأشخاص فقط).
ثالثاً: إن نسبة الفاقد في الطاقة والكهرباء في الأردن، تبلغ (20%) من مجمل استهلاك الطاقة، وهي الأكبر في العالم، مقابل (5%) كمعدل عالمي. أي أن مليار دينار تفقد سنوياً كهدر غير مبرر. ما يتطلب بذل جهود مثمرة لمواءمة هذا الوضع مع المعدل العالمي .
رابعاً: يتسبب تقادم مصفاة البترول في خسائر باهظة تزيد عن (310) مليون دينار (12%) من مجمل كلفة الإنتاج سنوياً؛ ما يتطلب تحديث خطوط الإنتاج؛ كما أن تراكم ديون هذه الشركة على الحكومة والتي تقارب من (600) مليون دينار، يحول دون تمكين الشركة من تطوير عملياتها وإجراء التحديثات المطلوبة.
خامساً: إن قطاع النقل يستنزف حوالي (50%) من الطاقة النهائية؛ وهي الأكبر في العالم. ويرجع ذلك إلى عدم استخدام أساليب النقل الحديثة ومشكلات الازدحام والطرق؛ حيث يستخدم (70%) من الأردنيين لوسائط النقل الخاصة.
سادساً : لقد بدأ الأردن قبل سبع سنوات بتنفيذ مشروع الطاقة النووية، الذي سيكلف حوالي 20 مليار دينار، وفق الأرقام المعلنة، بهدف توليد (30%) فقط من الكهرباء في الأردن. ولقد استنفد هذا المشروع مئات الملايين من الدنانير حتى الآن، قبل أن يبدأ إعداد دراسة الجدوى ودراسة الأثر البيئي الخاصة به، رغم ما قيل منذ البداية بأنه مجدٍ وخيار استراتيجي؛ وأنه سوف يمول من اليورانيوم المحلي. في الوقت الذي يكفي هذا المبلغ لتوليد كل حاجة الأردن من الكهرباء من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، الرفيقة بالبيئة، والتي لا تستهلك المياه، ولا تتسبب في حوادث، ولا تخضع الأردن لشروط وإملاءات المزودين الأجانب.
دولة الرئيس:
وبناء على دراسات مستفيضة لكوادرنا، ودوائرنا المختصة، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وفي ضوء ما تقدم يتضح أن ما يزيد عن (50%) من كلفة فاتورة الطاقة في الأردن، هي كلف مفتعلة، تذهب لتمويل الهدر في الكهرباء والمحروقات، وتقادم خطوط العمل في المصفاة، والتزامات مالية من الحكومة للشركات العاملة في مجال توليد وتوزيع الكهرباء، عدا عن خدمة الدين المترتب على هذا القطاع؛ ولهذا فإن حزب جبهة العمل الإسلامي يتقدم إليكم بهذه المقترحات للمساعدة في التغلب على ما يواجهه بلدنا من تحديات وشعبنا من ضنك وعناء، بسبب أزمة الطاقة وما تسبب فيه من آثار ضارة بالاقتصاد والأمن الاجتماعي والسيادة الوطنية، ومنها :
- ضرورة العمل على إعادة هيكلة قطاع الطاقة بما يضمن إنشاء نافذة واحدة والحد من الترهل الوظيفي وتعدد الشركات والمصالح العاملة في القطاع والحد من الكلف الإدارية بما يتواءم مع المعدلات الدولية في الإنفاق والكفاءة.
- العمل على تقليص الهدر الكلي في مصادر الطاقة والكهرباء وصولاً إلى المعدل الدولي خلال 10 أعوام ما يكفل توفير (75 – 100) مليون دينار في كل سنة، زيادة على السنة السابقة لها وصولاً إلى مليار دينار في نهاية الخطة بمعدلات الاستهلاك والأسعار الحالية .
- إزالة العوائق أمام استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة مثل الصخر الزيتي، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، في توليد الكهرباء وصولاً الى حالة الاكتفاء الذاتي خلال (10) سنوات .
- الامتناع عن تنفيذ صفقة استيراد الغاز من الكيان الصهيوني الغاصب لما في ذلك من خطورة على سيادة الأردن وربط اقتصاده بالاقتصاد الصهيوني، والإضرار بفرص تطوير الطاقة المحلية وضرورة التوجه بدلاً من ذلك إلى الدول العربية مثل قطر والجزائر .
دولة الرئيس
إننا نؤمن بأن أي خطة أو إستراتيجية لا يكتب لها النجاح دون محاربة حقيقية للفساد بكل أشكاله، وتفعيل القوانين والأنظمة بحق كل من يسيء للوطن ومؤسساته، آملين إيلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم، بتنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات، تضمن تحقيق الغايات التي نسعى إليها، وتخفف العناء عن شعبنا وبلدنا.