رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي: الأردن بحاجة إلى إصلاحات هيكلية
قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى الأردن كريستينا كوستيال إنه من غير المستحسن اتخاذ قرارات إستراتيجية تعتمد على أسعار نفط منخفضة "كون هذا الانخفاض قد يكون مؤقتا".
وأضافت أن التوفير من انخفاض أسعار النفط لن يكون جوهريا إلا إذا استمرت الأسعار في هذه المستويات للمدى المتوسط.
وبينت أن تأثير انخفاض أسعار النفط له جوانب ايجابية لكنه يحمل سلبيات قد تؤثر على اقتصاد المملكة؛ حيث أن الانخفاض جيد للمواطن الذي سيتجه للتوفير وزيادة الاستهلاك، لكن بالمقابل فإن خزينة الدولة ستخسر من تراجع ضريبة المبيعات على المشتقات النفطية، ودول الخليج التي تعتمد عليها الأردن في جزء كبير من تجارتها الخارجية ستتأثر إيراداتها سلبا بهذا الانخفاض وبالتالي يؤثر على تدفق الاستثمار والسياحة من هذه الدول للمملكة.
وأقرت كوستيال، التي زارت المملكة في دورة المراجعة السادسة لأداء الاقتصاد الوطني في ظل برنامج الاستعداد الائتماني الذي سينتهي في أيلول المقبل، بأن المملكة لازالت بحاجة إلى إصلاحات هيكلية تعزز بيئة الاستثمار وتضمن نمو "عالي القيمة" يولد فرص عمل جديدة وترفع نسبة المشاركة في سوق العمل خصوصا بين المرأة والشباب.
وقالت إن المملكة شهدت نموا اقتصاديا تراوح معدله بين 7 و8 بالمئة قبل الأزمة المالية العالمية لكن هذا النمو لم يترجم إلى فرص عمل في السوق المحلية.
وأكدت أن البطالة التي تحوم حول 13 بالمئة، وتخفيض نسبة العاطلين عن العمل تعد أحد أهم أهداف برنامج الإصلاح الوطني الذي بدأ تنفيذه مع الصندوق، لضمان أن ينعكس النمو الاقتصادي في توفير فرص عمل جديدة ورفع مستوى المشاركة في سوق العمل خصوصا بين الشباب، والمرأة التي تعد نسبة مشاركتها الأقل مقارنة مع دول الشرق الأوسط.
وشددت على ضرورة إحداث نمو عالي القيمة يسهم في استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل وينعكس إيجابا على معدلات البطالة، خصوصا بين الشباب.
وردا على سؤال، قالت كوستيال إن الأردن لازال بحاجة إلى إصلاحات هيكلية، هناك مشجعة مثل إقرار قانون الاستثمار، وتحسين الإجراءات الحكومية، وإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل البنك المركزي على تنفيذ برامج تمويل للمشروعات بالتعاون مع المانحين مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الدولي.
وحول ماهية الإصلاحات، أكدت أن هناك حاجة إلى تحسين بيئة الاستثمار ومناخ العمل، وتسهيل الوصول إلى مصادر
التمويل وهو لا يعني فقط منح التسهيلات، بل وضع إطار قانوني يحسن فرص الوصول على التسهيلات مثل إقرار قانون الإفلاس وضمان الدين واستكمال خطوات تأسيس شركة الاستعلام الائتماني.
ودعت إلى تحسين بيئة العمل في المؤسسات العامة لتصبح الإدارة المالية شفافة وأن تكون الإدارة الضريبية واضحة، وتحسين البيئة الاستثمارية بشكل عام، لافتة إلى أن النافذة الواحدة في قانون الاستثمار لا تعني موظفين ممثلين لدوائر رسمية في مكان واحد، يجب أن يتمكن المستثمر من تقديم نموذج يتم تعبئته في البيانات المطلوبة وبإجراءات تتم في وقت زمني محدد.
وشددت على الاهتمام أكثر بسوق العمل ، مؤكدة ان "هناك استراتيجية جيدة لكن يجب تنفيذها على مستوى السياسات".
واضافت " يجب أن لا يستمر طويلا النظر إلى القطاع العام على أنه المولد الأكبر لفرص العمل، يجب رفع مشاركة المرأة في سوق العمل والاهتمام في القطاع الخاص المولد الأكبر لفرص العمل، وهذا يحتاج أن يكون النمو الاقتصادي "ذو قيمة عالية".
وحول وضع مديونية شركة الكهرباء الوطنية (نبكو) في ظل تراجع أسعار النفط ، اوضحت ان " التوفير سيكون جوهريا إذا استمرت أسعار النفط على هذه المستويات للمدى المتوسط، لكن في ظل استمرار الاعتماد على النفط وانقطاع تدفق الغاز من مصر، "وهذا توفير مؤقت يجب الاعتماد على مصادر أخرى حتى يكون التوفير جوهري على المدى المتوسط".
وحول مهام بعثة الصندوق للمراجعة السادسة لبرنامج الاستعداد الائتماني، قالت كوستيال إن مهام البعثة اعتيادية لمراجعة أداء الاقتصاد الأردني في ظل البرنامج الذي سينهي عمره (3 سنوات) في آب المقبل.
وأكدت أنه لا يمكن تمديد البرنامج لأن عمره الأقصى 3 سنوات، لكن بإمكان إتباعه في برنامج متابعة، "وهذا لن يتم إلا إذا طلب السلطات الأردنية هذه المتابعة".
وفيما يتصل بإنجازات البرنامج، بينت أن البرنامج جاء لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية التي شكلت نحو 5 إلى 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي زاد الدين العام بنسبة كبيرة، ما تطلب وضع برنامج إصلاحي يهدف إلى معالجة خسائر نبكو وتقليل مستويات الدين.
وردا على سؤال حول دعم تعرفة الكهرباء وضرورة النظر إلى الكهرباء كمدخل إنتاج، قالت إن الدعم بعمومية "فكرة غير جيدة.. يجب أن يكون دعما مستهدفا، لأنه بغير ذلك يستفيد الغني أكثر من الفقير".
وفيما يتعلق ببرنامج الاستعداد الائتماني وجولة المراجعة، قالت كوستيال قابلت إثناء الزيارة محافظ البنك المركزي ووزير المالية والتخطيط والتعاون الدولي والعمل والطاقة والمياه، لمحاولة وضع تصور جديد للاقتصاد الأردني وخصوصا في ظل انخفاض أسعار النفط.
ونوهت الى أن البرنامج الحالي مدته 3 سنوات ولا يمكن تمديده لان هذه أقصى عمر لهذه الأداة "يمكن أن يكون هناك برنامج متابعة بعد انتهاء البرنامج، لا يوجد بدائل حاليا لكن أي طلب من السلطات الأردنية سيتم مناقشته.. لكن من المبكر الحديث في هذا الموضوع لحين معرفة الموقف حيال هذا الموضوع".
ويتوقع صندوق النقد أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الأردن بنسبة 6ر3 بالمئة في العام الحالي ، وان يبقى معدل التغير في أسعار المستهلك (التضخم) 4ر2 بالمئة، وان يحوم عجز الحساب الجاري بحدود 1ر8 بالمئة وأن تصل الاحتياطات الأجنبية إلى 14081 مليون دولار.