هل كان إعلان التعاون بين الأردن وروسيا "مفاجئاً"..؟!!

يبدو أن إعلان التعاون العسكري بين الأردن وروسيا سبب مفاجأة لدى مراقبين لكنه كان متوقعاً لآخرين خاصة وأن أميركا التي اتخذت موقفاً مضاداً لتدخل روسيا في الحرب الدائرة بسوريا وافقت أخيراً على قبول هذا التدخل من أجل محاربة الإرهاب.
والقارئ لتطورات المشهد السياسي يرى أن الأردن يختار عادة البقاء في المنطقة الرمادية بعيداً عن التطرف في اصطفافاته إلا فيما أعلنه بشأن محاربة الإرهاب.
ورغم أن الأردن انضم للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة التنظيمات الإرهابية وبالأخص تنظيم داعش إلا أنه لم يندد بتدخل روسيا عسكرياً في سوريا.
** هل كان إعلان التعاون بين الأردن وروسيا مفاجئاً؟
وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة أكد خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيره الروسي سيرغي لافروف، على وجود "قنوات تنسيق عميقة بين الأردن وروسيا حول سوريا"، معرباً عن أمله في أن تكون "آلية التنسيق بين الجيشين الأردني والروسي فعالة."
كما أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني على أن التعاون "بين الأردن وروسيا قديم ويحدث على كافة الصعد."
بينما ذكرت روسيا في تصريحات صادرة عنها مؤخراً ويبدو أنها كانت تمهد للإعلان عن هذا التعاون "على ضرورة وجود الأردن ضمن مجموعة لحل الأزمة السورية."
من جانبه اعتبر المحلل السياسي فهد الخيطان أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة باعتبار أن العلاقات الأردنية الروسية قوية واستدل على ذلك بأن الأردن اتخذ موقف الحياد الإيجابي ولم يدن التدخل الروسي في سوريا.
لكن يخالفه الرأي المحلل العسكري اللواء فايز الدويري الذي يعتقد أن إعلان هذا التعاون كان مفاجئاً وتصريحات الجانبين كانت مغلفة بالإبهام.
إلا أنه يعيد ويؤكد على أن التصريحات الأردنية الروسية الأخيرة وبقاء الأردن على الحياد في "المنطقة الرمادية" تجاه تدخل روسيا العسكري في سوريا مؤشر على وجود محاولات للتقارب والتعاون بين البلدين.
** مدى استفادة الأردن من التعاون العسكري مع روسيا
يقول الخيطان إن الأردن معني بالتنسيق الجوي خاصة وأنه ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب مما يدفعه لاتخاذ خطوة استباقية تحول دون تعرض طائراته للاحتكاك مع الطيران الحربي الروسي أو تعرضها لأي ضربة عسكرية من قبلهم.
وأكد أن الأردن وروسيا لديهما مصالح مشتركة في التعاون العسكري، إلا أن الأردن مصحلته أكبر.
وبحسب الخيطان فإن الاتفاق مع روسيا الذي رحبت به الولايات المتحدة الأميركية سيمنح الأردن دوراً في التدخل بالحل السياسي الممكن للأزمة السورية، خاصة وأن روسيا باتت تتحكم بقواعد اللعبة هناك.
وأضاف أن لدى الأردن مصالح إيجابية يتحرك لحمايتها ومنها حماية حدوده مع الجنوب السوري من أي ضربات روسية وحماية المعارضة السورية المعتدلة ، الأمر الذي يوافقه فيه الدويري الذي أشار إلى أن الحملة العسكرية الروسية قد تتوسع لتطال جنوب سوريا أي المناطق القريبة من حدود الأردن.
وأبدت روسيا حسن نيتها تجاه المعارضة المعتدلة في تصريحات أدلى بها لافروف عقب اجتماعي رباعي بين بلاده وتركيا والسعودية وأميركا أكد فيها "أن روسيا مستعدة لدعم المعارضة الوطنية جوياً، بما في ذلك الجيش الحر."
وتابع الدويري أن الأردن حريص على اتخاذ خطوات لحماية أمنه من الجماعات الإرهابية التي قد تلجأ لقطع حدوده، إضافة إلى إمكانية عودة تدفق اللاجئين السوريين إلى المملكة في حال اشتدت الضربات الروسية على جنوب سوريا.
وقال إن الأردن ما زال ضمن التحالف الدولي مما يعني ضرورة أن يكون هناك مسارات محددة لحركة الطائرات مما يحول دون احتكاك الطائرات العسكرية الأردنية بتلك الروسية.
** ما طبيعة التعاون العسكري؟
يرى الدويري أن التعاون العسكري يهدف لحماية حدود الأردن ومسار طائراتها في حال شاركت بضربات جوية ضمن التحالف الدولي، مؤكداً في ذات الوقت على أن الأردن لن يتخذ من أرضه قاعدة لانطلاق ضربات جوية روسية.
وقال " لا أرى أن الأردن سيقدم تسهيلاً لضربات روسيا العسكرية."
وكان المومني قال في تصريح صحافي إن إن آلية التنسيق العسكري بين الأردن وروسيا "تأتي بشأن الأوضاع في جنوب سوريا وبما يضمن أمن حدود المملكة الشمالية."
وأضاف "أن التنسيق يضمن استقرار الأوضاع في الجنوب السوري وأمن الحدود الشمالية للأردن."
مؤكداً في ذات الوقت على "أن الأردن لا زال بالتاكيد جزءاً من التحالف الدولي للحرب على الإرهاب.