تطبيق الكتروني اسرائيلي يخفي قبة الصخرة

سياق الخطط الاسرائيلية الرامية لتهويد المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة استحدثت منظمة يهودية مؤخرا تطبيقا الكترونيا جديدا يعرض "الهيكل الاسرائيلي المزعوم" مكان قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك في سابقة خطيرة تتماشى والسياسات الاسرائيلية الهادفة لطمس معالم المدينة المقدسة.

إذ أنهت منظمة في القدس المحتلة تطلق على نفسها اسم "نار إسرائيل" العمل على هذا التطبيق، حيث يمكن مشاهدته عبر حواسيب رقمية "تابلت" من سقف المبنى التهويدي "نار التوراة" المقام في أقصى ساحة البراق، ويطل مباشرة على المسجد الأقصى، - رغم أن السقف المذكور بني على أنقاض أبنية إسلامية تاريخية - ، الا انه يستخدم كمركز تهويدي يزوره آلاف المستوطنين والسياح الأجانب سنويا، وقد نصب عليه مجسم ضخم "للهيكل" المزعوم في اطار تكريس الاكاذيب الاسرائيلية.

ويعرض مركز الزوار الذي تشغله المنظمة الصهيونية في البلدة القديمة بالقدس المحتلة هذه الخدمة، بحيث يقوم الزائر بالنظر عبر الحاسوب الرقمي نحو ساحة البراق والأقصى، ليرى أن قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى المبارك قد اختفيا وحل مكانهما "الهيكل"، وعندما يتجول في أنحاء أخرى من القدس القديمة سيرى ويسمع عن تاريخ عبري مزيف للقدس وحاراتها القديمة بأسماء وتواريخ مختلقة. 

معنيون تحدثوا حول خطورة هذا الاجراء مؤكدين أن مثل هذا التطبيق ومضمونه يشير إلى سعي الاحتلال الاسرائيلي وبشتى الوسائل لتزييف التاريخ وارضاء المتطرفين وتهيئة الرأي العام لديهم من أجل تمرير" اكاذيب الهيكل" وتحويلها الى واقع يلبي جموح التطرف الاسرائيلي والفكر القائم على الاغتصاب والتحريف.

وفي هذا الاطار يقول الشيخ الدكتور عكرمة صبري خطيب المسجد الاقصى المبارك لـ "قنا" إن الحركة اليهودية قائمة برمتها على قوة الاحتلال، وهذا التطبيق الالكتروني الخطير ليس غريبا على تفكيرهم لانهم يروجون عبر وسائل إعلامهم المضللة وبشكل دائم لفكرة ان الهيكل مكان المقدسات الاسلامية، مشيرا إلى انهم يتغنون بذلك اذ ان لديهم مجسمات صغيرة للهيكل المزعوم يجري تبادلها بين الاسرائيليين كقطع وهدايا تذكارية، في الوقت الذي يكرسون فيه نظريتهم المُحرفة عبر تثبيت مجسم كبير للهيكل على مدخل الكنيست الاسرائيلي ما يؤشر الى احلامهم ومخططاتهم واهدافهم الخطيرة حيال تهويد المسجد الاقصى المبارك. 

ويضيف الشيخ عكرمه صبري، وهو رئيس الهيئة الاسلامية العليا، إلى أن وزارة الخارجية الاسرائيلية كانت اصدرت فيما مضى نشرة وفيلم فيديو يوضحان كيف سقطت الصخرة المشرفة وهدم المكان بما فيه من مقدسات اسلامية وبُني مكانها الهيكل المزعوم , مبينا ان هذا هو النهج الاسرائيلي الذي يزرع في اذهان الاسرائيليين والعالم ان ذلك حقا اسرائيليا، وانهم يقومون بواجبهم تجاه دولتهم ومقدساتها "المزعومة"، رغم انها دولة احتلال. 
ويشدد الشيخ صبري على ان المسجد الاقصى المبارك في خطر، وان تلك الخطورة تبرز من خلال ما تتبناه حكومة الاحتلال من دعم متواصل للجماعات اليهودية المتطرفة التي تقتحم الاقصى والاماكن المقدسة كلما ارادت ذلك، وبتغطية ودعم من القوات الاسرائيلية الامر الذي يحتم على كل المسلمين التنبه للخطط الاسرائيلية وتفويت الفرصة على كل ما يهدد حرمات الاماكن المقدسة داعيا جميع المسلمين في فلسطين المحتلة إلى شد الرحال لتلك الرحاب الطاهرة، والى حراك سياسي يقوده كل المسلمين في العالم لمناهضة التطرف الاسرائيلي ومخططاته الرامية الى تهويد الأقصى المبارك. 

بدوره يؤكد عبد الله كنعان أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس في الاردن سعي الاحتلال لتزييف التاريخ وتهيئة الرأي العام الغربي بعد تضليله وإيهامه بصحة "خرافة الهيكل"، وإصرار الاحتلال الصهيوني على هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه في ظل تغلغل اعلامي يهودي يحاول المس بالقدس الشريف وتغيير الحقائق وتزوير التاريخ. 

ويضيف أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس في الاردن: ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ عام 1967 تواصل العمل على تهويد الشطر الشرقي من القدس بشكل عام والمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص وفق سياسة ممنهجة، غير آبهة بقرارات الشرعية الدولية التي لا تجيز لها ذلك، ودون مراعاة لمشاعر المسلمين والمسيحيين باعتداءاتها المتكررة على مقدساتهم ومنعهم من القيام بشعائرهم الدينية بسهولة ويسر وكل ذلك في ظل الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والتي باتت تتم بشكل شبه يومي من قبل المتطرفين اليهود بقيادة عدد من الحاخامات والمسؤولين اليهود وتحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال بهدف فرض تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً. 

ويوضح انه وبالتزامن مع الإجراءات التهويدية العملية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الأرض من محاولات لهدم المسجد الأقصى المبارك والقيام بحرق جزء منه عام 1969، والاستمرار في الحفريات التي تجريها أسفل وحول المسجد الأقصى المبارك بهدف خلخلة أساساته تمهيداً لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، قامت هذه السلطات في الآونة الأخيرة باستغلال وسائل الإعلام المختلفة ومنها المواقع الإلكترونية لتضليل الرأي العام الغربي بترويجها صورة للبلدة القديمة في القدس وللمسجد الأقصى المبارك كما يتخيلونها مدينة يهودية فيها الهيكل "مكان المسجد الأقصى" وقدس الأقداس "مكان قبة الصخرة" وقصر الملك "مكان المصلى المرواني" وعدد من المعابد اليهودية حول المسجد الأقصى وداخل القدس القديمة "مكان عدد من المباني التاريخية العربية". 

ويشير الى بعض هذه المواقع ومنها موقع "ويكيبيديا" العالمي الذي قام باستبدال الحرم القدسي عنوانا ومضمونا بـ "جبل الهيكل" عند التصفح في الموقع على شبكة الانترنت باللغات الأخرى غير العربية ولغات الدول الإسلامية ,لافتا الى ان النسخة المكتوبة باللغة العربية تختلف عن نظيراتها باللغات الأخرى الأجنبية وخاصة الانجليزية عنوانا ومضمونا في ذات الموقع الالكتروني العالمي في حال التصفح على شبكة الانترنت بحثا عن كلمة "الحرم القدسي". 

ويوضح انه وفيما يقود البحث عن "الحرم القدسي" في موسوعة ويكيبيديا عند استخدام اللغة العربية إلى كامل المعلومات عن الحرم القدسي وبواباته وقبة الصخرة والمسجد القبلي فإن العنوان والمضمون في حال استخدام اللغة الانجليزية أو اللغة الفرنسية أو الايطالية أو العبرية أو أي لغة أخرى تخص غير العرب والمسلمين لنفس الموضوع في الموسوعة يتحدث عن "جبل الهيكل" بدلا من "الأقصى المبارك"، فالباحث بالانجليزية على سبيل المثال يجد العنوان الرئيسي هو "جبل الهيكل" فيما يتطرق النص إلى تاريخ بناء الهيكل وأهميته عند اليهود. 

ويتابع كنعان أن اللجنة الملكية أصدرت مؤخرا كتابا جديدا بعنوان "القدس تاريخ مختطف وآثار مزورة" باللغتين العربية والانجليزية ليكشف للعالم زيف الاحتلال وتزويره، واستغلاله للاعلام الغربي وتطويعه لنشر أكاذيب تصبح مع الوقت حقائق راسخة لدى الغرب. 

ويستطرد السيد عبدالله كنعان امين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس في الاردن بأن التطبيق الالكتروني الاسرائيلي الجديد الذي يستبدل المسجد الاقصى المبارك بالهيكل المزعوم ليس بغريب على الفكر اليهودي، بل ياتي في سياق سلسلة معقدة من اجراءات التهويد على غير صعيد إذ تقوم جهات إسرائيلية وترسيخا للتهويد بتوزيع خرائط تحتوي على صورة الهيكل مكان قبة الصخرة مع ذكر بعض الشروحات على الخارطة تشير إلى قدسية المكان عند اليهود وارتباطه بالتاريخ اليهودي المزعوم في القدس، فضلا عن قيام الأجهزة العسكرية الإسرائيلية بإنتاج أفلام تثقيفية لليهود تتناول صوراً لما يسمى "هيكل سليمان" على أرض المسجد الأقصى بدون إظهار قبة الصخرة المشرفة. 

ويحذر كنعان في تصريحه  من مثل هذه الإجراءات واستغلال المواقع الالكترونية بشكل مضلل داعيا كافة المعنيين من دول ومنظمات وهيئات دولية وبخاصة منظمة اليونسكو للتنبه لهذه الإجراءات والعمل بجدية على تفنيدها وإلزام إسرائيل "السلطة القائمة بالاحتلال" على إلغائها حتى يحل السلام في المنطقة تجنبا لحدوث ما لا تحمد عقباه. 

وتزامنا مع ذلك، نشرت ما تسمى حركة "عائدون إلى الجبل" اليهودية المتطرفة، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، صورة تظهر "جسر المغاربة" وفي الخلفية مجسم للهيكل المزعوم مكان مسجد قبة الصخرة في المسجد الأقصى، في وقت اعلنت فيه منظمة احتلالية متطرفة عن مخطط لتسجيل المسجد الأقصى، كملك تابع للحكومة الإسرائيلية بشكل رسمي، بهدف إقامة كنس يهودية على أجزاء منه تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.