مطالبات بضمان حق ذوي الإعاقة في العمل
يجدد الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يصادف اليوم، مطالب إعادة صياغة المادة 13 من قانون العمل، الخاصة بضمان حق ذوي الإعاقة في العمل، لتعدل بما يضمن تطبيقها على أرض الواقع.
وتنص هذه المادة على "صاحب العمل أن يشغل من العمال المعوقين، النسبة المحددة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين النافذ، ووفق الشروط الواردة فيه، وأن يرسل إلى الوزارة بيانا يحدد فيه الأعمال التي يشغلها المعوقون وأجر كل منهم".
وتنص المادة الخاصة بتشغيل ذوي الإعاقة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين على "إلزام مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقل عدد العاملين في أي منها عن 25 عاملا ولا يزيد على 50، بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين، وإذا زاد عدد العاملين في أي منها على 50 عاملا، تخصص ما لا يقل عن 4 % من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين، شريطة أن تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك".
وأكدت دراسة أصدرها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أمس، أهمية تعديل النسبة في المادة 13، وعدم الإحالة لقانون حقوق الأشخاص المعوقين، تجنبا لخروج مفتش العمل عن الصلاحيات الممنوحة له، بموجب قانون العمل، والتي تنحصر في القانون، المعني بتنظيم العلاقات الناشئة عن العمل.
ويقدر البنك الدولي نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة بالأردن في أدنى تقدير من 4 % إلى 5% من عدد السكان، بما يعادل 300 ألف شخص.
ويشير التقرير الذي يحمل عنوان "واقع الإعاقة في الأردن: العمالة والبطالة" للعام 2010، ونفذه المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، إلى أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن تبلغ 2 % من مجمل السكان.
بينما قدر المجلس النسبة في نهاية العام الماضي بـ1.18 %، معتبراً أن الإحصائيات الحالية لهم غير دقيقة.
وتؤكد الدراسة، تدني نسبة تشغيل ذوي الإعاقة في القطاعين العام أو الخاص، إذ تشير التقديرات التي طورها فريق المرصد العمالي الأردني، التابع لـ"الفينيق" العام 2010، استنادا لمسح ميداني سريع، أن نسبة تشغيلهم في القطاع العام لا تزيد على 1 %، بينما تقارب 0.5 % في الخاص.
وفي ضوء المعطيات المتاحة، من غير المتوقع تحسن نسب التشغيل، ما يحرم القادرين على العمل منهم، من حقهم في العمل بشكل لائق.
وفي هذا الإطار، لا تتوافر مؤشرات إحصائية تبين معدلات البطالة بينهم، تسهل مقارنتها مع الفئات الاجتماعية الأخرى.
ومن المؤشرات التي تدل على تدني تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة العمل، التي تشير إلى أن عددا من شغلوا منذ بداية العام الحالي وحتى تشرين الأول (اكتوبر)، بلغ 231 شخصاً فقط في القطاعين العام والخاص، بينهم 189 ذكور و42 إناث، توزعوا على عدة قطاعات، منها: الصناعات التحويلية والمحيكات والفنادق والمطاعم.
وإضافة لضعف تشغيلهم، فإن عدداً كبيراً منهم، بخاصة من يعملون في القطاع الخاص، ما يزالون يعانون من ظروف عمل صعبة، تتمثل بانخفاض جودة وظائفهم، وانخفاض معدلات أجورهم عن المعدلات العامة.
كما أنهم يعملون لساعات عمل طويلة، تصل إلى أكثر من 8 ساعات، دون حصولهم على بدل إضافي، ليعد ذلك مخالفة صريحة لنص المادة (57) من قانون العمل، وتنص على عدم جواز تشغيل العاملين/ات، أكثر من ساعات عمل رسمية وتبلغ 8 ساعات يوميا.
وتؤكد الدراسة، غياب شعورهم بالأمان والاستقرار الوظيفي، وعدم ثقة أصحاب العمل بهم، برغم أن إنتاجية غالبيتهم لا تختلف عن إنتاجية زملائهم من غير ذوي الإعاقة.
كما يتعرض هؤلاء للضغوط النفسية الناجمة عن نظرة غالبية أصحاب العمل، وغالبية زملائهم نظرة شفقة واحسان، وليس نظرة حقوقية.
وتضيف أن ضعف البنية التحتية لعمل الأشخاص ذوي الإعاقة، ساهم جراء عدم توافر المصاعد ووسائل نقل عام مناسبة، بإضعاف فرص تشغيلهم.
كما يعاني الكثير منهم من عدم شمولهم بأنظمة الحماية الاجتماعية، بخاصة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، لأن غالبيتهم يعملون بالقطاعات الاقتصادية غير المنظمة، ولا يشغلون وفق مؤهلاتهم العلمية.
وتقل الصعوبات التي تواجههم في القطاع العام، بحيث تطبق عليهم ما يطبق على زملائهم من أنظمة وتعليمات، وتتمحور شكاواهم في هذه القطاع من الاتجاهات السلبية لمديرين تجاه قدراتهم ومهاراتهم.
أما النساء منهم، فيواجهن تحديات مضاعفة في مجال التشغيل مقارنة بالرجال، لوجود صعوبات كبيرة لا تمكنهن من الحصول على فرص عمل ملائمة، وندرة حصولهن على فرص عمل بشكل عام، وإحساسهن بأن التعامل معهن، ينطلق من منظور "إحساني"، لا احتراما لإنسانيتهن وقدراتهن.
كما أن يعضهن يتعرضن لأنواع من "التحرش"، يدفعهن لعدم المغامرة بالانخراط في العمل، بالإضافة لعدم رغبة أسرهن بخروجهن من المنزل لغايات العمل.
دراسة أخرى، أعدها الباحث القانوني عبد الجواد النتشة، تؤكد أن عبارة "من حيث طبيعة العمل" التي تسمح بتشغيل المعوقين، والواردة في المادة الرابعة من قانون حقوق الأشخاص المعوقين،"مطاطة وغير واضحة"، ولم تحدد الجهة المختصة فيما إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك، وهل هو صاحب العمل أم العامل أم مفتش العمل؟ مؤكدة تحديد الجهة في النص التشريعي التي تبين فيما إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك أم لا.
وتقول الدراسة، إن التزام أصحاب العمل بهذه النصوص "ضعيف جدا، بخاصة في ظل عدم التشدد في الرقابة عليهم"، يرافقه عزوف عمال من ذوي الإعاقة عن القبول بفرص عمل أو الاضطرار للتخلي عنها لأسباب عديدة، بينها صعوبة تنقلهم من وإلى مواقع العمل، نتيجة عدم تهيئة الطرق العامة، بما يناسب احتياجاتهم، وعدم توافر خدمات نقل عام وتجهيزات للمعوقين في مواقع العمل، وعدم تلاؤم بيئة العمل مع طبيعة إعاقاتهم.
وتحدثت الدراسة، عن التمييز في الأجر والترقي الوظيفي والامتيازات والتعيين، يعاني منه ذوو الإعاقة في أماكن العمل، ما يدفعهم لتفضيل التوجه للبحث عن فرص عمل في وظائف حكومية، كونها توفر لهم الاستقرار الوظيفي وعدم التمييز وفرص عمل مناسبة.
وبينت أن فرص العمل المتوافرة في القطاع العام، لا تكفي لاستيعابهم، وعليه لا غنى عن تأمين فرص مناسبة للجزء الأكبر منهم في القطاع الخاص.
أما من حيث إثبات واقعة الامتناع عن تشغيل العامل المعوق، فتشرح الدراسة أنه ولكي يثبت الامتناع، فإنه لا بد من وضع آلية معينة وواضحة، تتضمن توجيه كتاب خطي من مديرية التشغيل المعنية بتحويله للمؤسسة المراد تشغيله بها.
وبناء عليه، يشغله صاحب العمل أو يرفض، وبيان الأسباب في كلتا الحالتين على الكتاب نفسه، وإعادته لمديرية التشغيل المعنية، بحيث تحيل المديرية الكتاب لمفتش العمل ضمن منطقة الاختصاص، والذي يفتش بدوره على المؤسسة، للتأكد فيما إذا كانت أحكام المادة (13) تنطبق عليها أم لا، لاتخاذ الإجراء القانوني بحقها.
من جهة أخرى، أوصت الدراسة بالنص صراحة في قانون العمل، على اعتبار العامل إذا أصيب إصابة عمل، نتج عنها عجز دائم جزئي لا يمنعه من أداء عمل غير عمله الذي كان يقوم به، محسوبا ضمن النسبة المحددة في المادة (13)، تشجيعا لأصحاب العمل لتشغيل العمال ذوي الإعاقة.
ودعت لتوضيح العقوبة المترتبة على مخالفة أحكام المادة (13)، بإضافة عقوبة واضحة تترتب على مخالفتها في قانون العمل، أو الإحالة بالعقوبة صراحة إلى قانون حقوق الأشخاص المعوقين.
وطالبت بإدراج نص في قانون العمل، يعطي الأولوية للمعوقين بشغل وظائف ومهن، وذلك انسجاما مع الاتفاقية العربية رقم 17 لسنة 1993.