عمّان : "أجى الحزين يفرح .. ما لقيله مطرح".. ذهب ليخطب فأعجب والده بالعروس .. فتزوجها
(قصة حقيقية والأسماء وهمية).. دارت أحداثها في منطقة الهاشمي الشمالي شمال شرق عمان.
علاء شاب يبلغ من العمر 28 عاماً يعاني من تشوُّه في إحدى يديه، لم 'يفلح' في الدراسة، فأجلسه والده في محل خضار يمتلكه حتى يشقَّ طريقه نحو العمل.. وكان ذلك.
علاء هو كبير إخوته الـ (19)، 14 ولداً و5 بنات، من إمرأتين، يقيمون هؤلاء جميعاً في بيت واحد بالإضافة لوالديّ الزوج وشقيقاته الثلاثة.. (أي 27 فرداً، في بيت واحد، يأكلون معاً، ويشربون معاً، وينامون معاً).
هذا ما أسرَّ لنا به أحد أصدقاء هذه العائلة، والذي أضاف بأن الوالد لا يعرف أسماء الكثير من أبنائه، فقد كنا في إحدى الأمسيات جالسين في حديقة منزلهم أنا وزوجتي في زيارة عائلية لهم، فنادى الرجل على أحد أبنائه الذين كانوا يجلسون في زاوية الحديقة بقوله: 'ياولد، إنتا يا بو الأزرق، تعال، روح جيبلي التلفون من على طاولة التلفزيون'، فقلت له: 'إنتَ مش حافظ أسماء ولادك؟!'، فقال لي: 'الله يقطعهم، من كثرهم بطلت أحفظهم'، فضحكت وقلت له: 'الله يعينك'. وقلت في نفسي: 'بس شاطرين تخلفوا وتزتوا، ومش عارفين تربوا، لا فالحين بمدارس ولا غيره!'.
وقال هذا الصديق بأن أبو علاء والذي يملك بناية من 3 طوابق، يقيم في الطابق الأرضي مع عائلته، والطابقين الثاني والثالث مؤجر لأربع عائلات، إثنتان أردنيتان، والإثنتان الأخريان من جنسيتين عربية.
ويضيف: نأتي هنا لبطل قصتنا 'علاء'.. وهو مقرَّب مني كثيراً ويصارحني ويأخذ نصيحتي في أمور كثيرة، ويتواصل معي دائما، وقد حدثني عن ما مرَّ به من 'منغصات' و'صدمات' عندما فكر في المسير في مشروع الإرتباط وتكوين أسرة تملأ عليه حياته، وسوف يتقدم للإرتباط من إحدى قريباته والتي تصغره بـ '5 سنوات'، هذا كان وهو في عمر '25 عاماً'، حينها ذهب هو ووالده ووالدته إلى منزل الفتاة لطلب يدها، ولكن الفتاة رفضت الإرتباط به بسبب التشوُّه الذي في يده، لأنها وكما قالت والدتها لعائلة علاء: بنتي 'حساسة' و'بتئرف' من 'المنازر' زي اللي في إيد علاء. فأجابتها أم علاء: 'شو فيها، كل إنسان معرض ليصير معه متل هيك شي، وبنتكم ما في على راسها 'خيمة' ويمكن يصير معها أكتر من هيك'.
فردت عليها أم الفتاة: 'بهمش، لا تزعلوا منا، بس ما إلكم نصيب عنا'.
وتكررت هذه الحكاية مع 'العريس المرفوض' من كثير من عائلات الأقرباء التي ذهب علاء لطلب يد بناتهم.. وكان الرد الموحد بينهم: 'آسفين.. لا يوجد لك نصيب عندنا'.
أصيب علاء بصدمة نتيجة هذا الرفض المتكرر من جميع الفتيات اللواتي تقدم للزواج منهن. واستسلم، وسلم أمره لله، وانشغل في عمله حتى ينسى صدماته المتكررة.
وفي يوم من الأيام حضر علاء حفل زفاف لأحد أصدقائه، وأعجب بفتاة من جنسية عربية تعيش في الأردن مع عائلتها منذ عام 2006، وعرف بأنها تكون صديقة مقربة من شقيقة صديقه العريس، فجلس طوال الحفل وهو ينظر إليها بإعجاب شديد، وخاف إن إنتهى الحفل أن لا يراها مرة أخرى، فاستغل قيام أقرباء العروسين كعادات الأردنيين لتقديم الـ 'نقوط' للعروسين، -أي السلام على العروسين وإهدائهما مبلغاً من المال-، وقام ووقف في نهاية الصف، وعندما جاء دوره للسلام على العروسين، حضن صديقه وهمس في أذنه 'أنا داخل على الله وعليك يا صاحبي تنقذني من همي وبفديك بدمي'، فقال له صديقه: 'شو مالك يا زلمة، إنتَ إنجنيت'؟!.
فقال له علاء: إذا ما بتحققلي اللي بدي أطلبه منك والله لـ 'أخرِّبلك' الحفلة'. فقال له صديقه: 'إحكي شو بدك!'. فهمس علاء في أذنه: 'أريد أن أتعرف على البنت اللي جالسة قبالك ولابسه الفستان النهدي وحاطة على شعرها وردة نهدية.. مشان الله، بدي أتزوج يا صاحبي، كل صحابي الأصغر مني تزوجوا إلا أنا، حتى قريباتي رفضوني علشان 'التشوه' اللي في إيدي'.
فقال له صديقه: 'والله يا صاحبي لأسعالك بالموضوع قبل ما أطلع من القاعة'. فرغرغت عيون علاء وحضن صديق وعاد إلى طاولته.
ويقول الراوي: أشار العريس لشقيقته صديقة الفتاة، وطلب منها جس نبضها بالأمر، فذهبت إلى الفتاة وجلست معها، وعادت بعد دقائق وهمست في أذن شقيقها بكلمات، ونظر العريس لصديقه 'المعذَّب' وابتسم وأشار إليه بيده بعلامة (إعجاب). هنا لم تسع الفرحة علاء، وذهب فوراً إلى صديقه العريس وقبله وطلب منه تحديد موعد مع أهل الفتاة للذهاب لطلب يدها. ومسك العريس وشد على يد صاحب قائلاً له: 'البنت من جنسية عربية، مش أردنية'، فرد عليه علاء: 'إن شاالله من موزمبيق أنا بدي أتزوج!'.
ويضيف: تم تحديد موعد لأهل علاء مع أهل الفتاة، والتي هي يتيمة الأب وتعيش مع أمها وشقيقتيها اللتين تصغراها سناً.
وذهب علاء ووالديه لطلب يد الفتاة، وكانت المفاجأة والصدمة الكبيرة التي قصمت ظهر علاء، فالأب عندما شاهد الفتاة، أعجبته جمالاً وأناقة وتهذيباً، فقال لوالدتها: 'أريد أن أطلب يد إبنتكِ.. لي، وأنا على إستعداد لدفع كل تكاليف الزواج، وسأسكنها في شقة لوحدها، ولن أجعلها تحتاج لأي شيء، وكذلك أنتم، فستصبحون تحت رعايتي'. فوافقت الأم.
ذهب والد علاء ليخطب لإبنه، فأعجب بالفتاة وطلبها لنفسه، ولم يأبه لمشاعر إبنه التي واصل خلال سنوات طوال على تحطيمها، فما بين الضرب والتوبيخ وإخراجه من المدرسة إلى زرعه في محله ليمتهن البيع.
علاء.. عاد أدراجه حزيناً مكسوراً.. تائها لا يدري ماذا يفعل أو يقول.. فماذا سيقول: والدي حطم حياتي وقضى على حلمي بالزواج والإستقرار، هذا جزائي بعد أن عشت خادماً لوالدي وجميع افراد العائلة.
لم يقُل علاء إلا: حسبي الله ونعم الوكيل..
وأنا أقول: 'أجى الحزين يفرح.. ما لقيله مطرح'، ومبروك لـ 'أبو علاء' الزوجة الثالثة التي أنجب منها لغاية الشهر الماضي 3 أبناء، وأصبحت ذريته (22 فرداً)، والعائلة جميعها (30 فرداً).