غيّب الموت الحزبي الشيوعي عبد العزيز احمد العطي، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم الاربعاء.
والعطي من مواليد 1925 وهو من قرية ياصور (40 شمال لواء غزة)، ويعود في جذوره إلى عائلة المحتسب في الخليل، وكان عمره 23 عاماً وقت النكبة الفلسطينية، .
ويعتبر (أبو الوليد) آخر مؤسسي عصبة التحرر من الأحياء والتي تأسست العام 1945م، وانبثق عنها الحزب الشيوعي الاردني والحزب الشيوعي الفلسطيني والحزب الشيوعي العراقي.
وسيتم تشييع جثمان الفقيد في مدينة الرصيفة يوم الجمعة المقبلة بعد قدوم اقربائه من فلسطين ولبنان وبعض الدول في المهجر.
وسيوارى الثرى في المقبرة الاسلامية بعد الصلاة عليه في مسجد البلدية بالرصيفة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
كتب الزميل محمد خروب في يومية الرأي ب 2013 عن الراحل وكتابه :
نحن اذاً أمام «رحلة العمر.. من شاطئ غزة الى صحراء الجفر» وهو العنوان الذي اختاره المناضل الشيوعي عبدالعزيز العطي لسرد مسيرة حياته الحافلة بالنضال والالام والدموع والسجون, ولكن دائماً المفعمة بالتفاؤل والاستعداد للبذل والعطاء في سبيل هدف نبيل نذر نفسه له واقتنع بأن هذا الهدف لن يتحقق، الا عبر الحركة الشيوعية الفلسطينية التي انتمى اليها في بواكير شبابه ثم انخرط في لجّتها وكان أحد جنودها في مواجهة البريطانيين والصهاينة الى ان فرضت النكبة استحقاقاتها, وكان الحزب الشيوعي الاردني الذي غدا العنوان واليافطة والمحرك الرئيسي والفاعل والصلب في الحركة الوطنية الاردنية بنجاحاتها واخفاقاتها كما بانجازاتها ومجدها الذي يتبدى في صحة ودقة قراءاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي جنّبت الاردن الكثير من الخسارات وعادت على المجتمع الاردني بتلاوينه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والديموغرافية بمكاسب لم تستطع الحكومات المتعاقبة التهرب منها، حتى وهي تواجه حركات المعارضة واحزابها وترفض خطابها ومواقفها وتزج بقياداتها وكوادرها في السجون والمعتقلات..
مياه كثيرة تدفقت تحت جسور السياسة والتنظيم والتحالفات والرحلة الطويلة التي بدأها الشاب اليافع عبدالعزيز العطي، منذ ابصر النور في قرية ياصور (25 اذار 1925) الى ان انتهى به المطاف الآن في مدينة الرصيفة عندما عكف اخيراً على كتابة مذكراته تحت الحاح وضغط من ارادوا لتجربة هذا الرجل القدوة، ان تُكْتب وان تكون وثيقة ومرجعاً لمن يريد ان يتعرف الى سيرة ومسار مناضلين من قماشة «العطيّ» الذي لا اعرف احداً كرهه او ضاق بحضوره على المستوى الشخصي او الانساني او النضالي، قد يكون له كارهين سياسيين وقد يكون له خصومه من المنافسين حتى عندما كان في المكتب السياسي للحزب او لجنته المركزية وغيرها من المواقع التنظيمية والقيادية التي شغلها، بل ان رئيس منظمة التحرير الراحل ياسر عرفات وضع «فيتو» على اسمه «شخصياً» رافضاً ان يكون عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني واقترح اسماء شيوعية اخرى رغم ان ابا الوليد كان رئيس فصيل مسلح هو «منظمة الانصار» التي شكلتها احزاب شيوعية عربية من بينها الحزبان الشيوعيان الاردني واللبناني.
جاءت المذكرات هذه تأريخاً لمرحلة من الزمان الجميل رغم الفقر والبؤس وشح الامكانات، الذي عاشه الاردنيون والفلسطينيون قبل سنوات النكبة وبعدها، وصاحبتهم احلام جميلة وناضلوا من اجل اهداف نبيلة، قد تكون اجيال هذه الايام لا تعرف عنها شيئاً او تعرف القليل.
وهنا تكمن اهمية ان يكتب «الكبار» اصحاب التجارب الثرية، والتاريخ الناصع، ما تسعفهم ذاكراتهم على تدوينه وتوثيقه والتذكير به، كي تستفيد منه الاجيال الراهنة والمستقبلية.