سورية: لا توقعات بحدوث انفراجة سياسية أو عسكرية
على الرغم من إعلان القوى الدولية أنها ستجتمع لمناقشة الأزمة السورية في فيينا في 17 الشهر الحالي في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق جولة جديدة من مفاوضات جنيف، ما تزال الشكوك تثار حول إمكانية نجاح الجهود الدولية في تثبيت الهدنة وإطلاق عملية سياسية جادة في ظل عمق الخلافات بين الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ومحاولة طرفي الصراع اعتماد الحرب أساسا لإنجاز التسوية.
ويعتقد محللون أن المشكلات، التي تواجهها الجهود الدولية، لم تتغير، وبقيت كما هي، وبالتالي، فلا إمكانية في الأفق القريب لتوقع حدوث انفراجة سياسية أو عسكرية من شأنها تغيير مسار الأزمة المعقدة.
فعلى الصعيد الميداني، ما تزال الأطراف المحلية وداعموها الإقليميون تنظر إلى محافظة حلب على أنها عنوان الصراع وعنوان التسوية السياسية. وعليه، فلا يتوقع أن تصمد الهدنة في هذه المحافظة كثيرا؛ إذ إن لكل حساباته المعقدة، حسب المحللين.
وقالوا ان الأحداث الأخيرة، خصوصا في حلب، حيث تشابكُ خطوط القتال وكثرة القوى المقاتلة من الطرفين، بينت أن ضبط وقف إطلاق النار صعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، فضلا عن أن الهيمنة أو الضغوط الخارجية ليست بالمستوى المطلوب، أو بالأحرى غير قادرة على إيصال كلمتها.
لفت المحللون الى ان العقبة، التي تقف حجر عثرة أمام أي اتفاق لوقف إطلاق النار، تتمثل في "جبهة النصرة" الرافضة لمبدأ الهدنة، وفي الحكومة السورية غير الراغبة بهذه الهدنة في محافظة حلب.
أما على الصعيد السياسي، فيرى المحللون ان الهوة ما تزال أكثر اتساعا: المعارضة تطالب دمشق بإجراءات بناء الثقة وفق القرار الدولي 2254، الذي نص في فقرته الـ12 على إتاحة الإمكانية للوكالات الإنسانية للوصول السريع والمأمون وغير المعرقل إلى جميع أنحاء سورية، ولا سيما في جميع المناطق المحاصرة، والإفراج عن أي محتجزين تعسفيا، ولا سيما النساء والأطفال.
كما تطالب المعارضة بهيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، وليس حكومة وحدة وطنية. وتطالب أيضا بأن تكون صياغة الدستور مناطة بهذه الهيئة. ما يعني اعتماد الترتيب، الذي نص عليه القرار الدولي نفسه: هيئة حكم ذي مصداقية، ثم كتابة دستور جديد، ثم إجراء الانتخابات.
وأخيرا ترفض المعارضة فكرة تغيير وفدها إلى المفاوضات وإدخال قوى سياسية لا تتوافق مع مواقفها السياسية (وفد منتدى موسكو، وفد مؤتمر القاهرة، وفد أستانا، وربما وفد حميميم).
أما دمشق، فترفض هذه المطالب جملة وتفصيلا، وتشدد على حكومة وحدة ثلاثية القوى (بممثلين عن الحكومة السورية، المعارضة، مستقلين). وهذه الحكومة يجب ألا تكون مطلقة الصلاحيات، بل تعمل وفق صلاحيات واسعة وتخضع للدستور الحالي الذي يعطي رئيس الجمهورية الصلاحيات الكبرى والرئيسية في السياسة والجيش والقضاء والتشريع.
كما ترفض دمشق اعتبار القضايا الإنسانية جزءا من إجراءات بناء الثقة تسبق المفاوضات، وترى أن هذه المسائل تدخل في صلب المفاوضات، وأداة من أدوات الضغط على المعارضة والمجتمع الدولي.