الملك: علينا أن نكون استباقيين في محاربة الإرهاب
هوا الأردن -
لخّص جلالة الملك عبدالله الثاني في المقابلة الشاملة والصريحة والاكثر وضوحاً في عالم ملتبس لا يأخذ مسألة محاربة الارهاب بشمولية وافق اكثر اتساعاً, ما هو مطروح على جدول الاعمال الاقليمي والدولي في التصدي لخوارج العصر وارهابييه, بكلمات وعبارات واضحة لا تحتمل التأويل او الاجتهاد الخاطئ.
جلالة الملك في مقابلة مع قناة CBS الاميركية اجراها الاعلامي المعروف ومقدم برنامج ستون دقيقة الاخباري في المحطة سكوت بيلي, وضع الامور في سياقاتها الطبيعية معيداً جلالته التذكير بما كان لفت اليه مراراً وتكراراً في السابق إن على صعيد المشهد الاردني الذي اكد جلالته مرة اخرى وفي حزم وصراحة اننا لن نسمح بالعبث مع الاردن كاشفاً جلالته عن مسألة غاية في الاهمية يجدر بالاردنيين بالذات ان يتوقفوا عند دلالاتها وهي أننا قتلنا العديد من قتلة الشهيد معاذ الكساسبة, وستصل ايدينا الى الباقين ولو بعد خمسين عاماً.
الحساب الاردني مع القتلة والارهابيين مفتوح حتى النهاية لا مهادنة ولا تراجع بل مضي في الطريق الذي اخترناه عن قناعة ورضى, بعد ان جاوز الظالمون وخوارج العصر المدى, وما زالوا يرتكبون المزيد من الجرائم والسلوك المتوحش, على نحو يصعب علينا التراجع أو صرف النظر عن ارتكاباتهم, ما دفع جلالته ايضاً للقول عبر المحطة الاميركية المشهورة للشعب الاميركي وللعالم اجمع: أنه يجب التعامل مع الحركات الارهابية دفعة واحدة, حيث لا يمكننا التركيز على سوريا في سنة ومن ثم التعامل مع بوكو حرام سنة اخرى.. جلالة الملك يرى المسألة هذه في نظرة شمولية, بعيداً عن الانتقائية والاجواء الدولية والاقليمية, بمعنى أنه يتعين علينا أن نكون استباقيين لأن رد فعل هؤلاء الارهابيين - كما رأى جلالته عن حق - اسرع من استجابتنا للاسف.
هنا يضع جلالته الاصبع على الجرح, رافضاً جلالته القراءات والسياسات الغربية التي ترى حدوداً بين سوريا والعراق, فيما عصابة داعش لا ترى ذلك, وقد شكّل ذلك مصدر احباط لعدد منا في علاقاتنا مع شركائنا في التحالف الدولي لعدة سنوات.
جلالة الملك اشار في عبارات دقيقة وقراءة عميقة الى ما تتركه «الاسلاموفوبيا» من اثار سلبية على المسلمين والشعور الذي ينتابهم بالعزلة والتهميش وهذا ما يريده الارهابيون, الامر الذي دفع جلالته الى التذكير بما كان قاله على الساحة الاميركية وايضاً الساحة الاوروبية كثيراً وهو الازعاج الذي يستبد بجلالته عندما يشاهد في الغرب من سوء فهم لنظرة المسلمين للمسيحية واليهودية, لافتاً جلالته الى حقيقة الاركان الستة في الدين الاسلامي منها الايمان بالكتب السماوية أي الانجيل والتوراة واخرى الايمان بالرسل, والمسلمون يؤمنون بسيدنا المسيح عليه السلام, في الوقت ذاته الذي ذكر فيه القرآن سيدنا المسيح 25 مرة ومريم العذراء عليها السلام 34 مرة فأين هي كراهية المسلمين للمسيحيين واليهود.
في الملف الوطني الاردني اضاء جلالته على تداعيات وأكلاف اللجوء السوري الذي ارهق اقتصادنا الوطني واستنزف مواردنا المحدودة واسهم في رفع نسبة الفقر والبطالة في صفوف ابناء شعبنا, كون بلدنا فتح ذراعيه للاجئين من العديد من البلدان, ولكن الان وصلنا فعلاً الى مرحلة شهدت زيادة في عدد السكان نتيجة اللجوء السوري بنسبة 20% الامر الذي شكّل عبئاً كبيراً عليه لخّصه جلالته بعبارة مؤثرة «نحن في وضع لا نحسد عليه».
معنى العبارة الملكية هذه ان صبر شعبنا قد نفد ولم نعد نتحمل المزيد, لأن ما يؤرق جلالته هو تأمين فرص الحياة الكريمة لجيل الشباب اما التحدي الاخر فهو أن يُحرم الشباب الاردني من الفرص بسبب الضغوط الاقتصادية وخصوصاً انه اذا كان للتطرف ان يرسخ في أي مكان في العالم أو في هذه المنطقة, فإنه يستهدف الشباب الذين يعانون الحرمان والظروف الصعبة, وهنا بالتحديد تكمن مصلحة العالم كله في دعم الاقتصاد الاردني كوننا بالفعل نمثل قصة نجاح في المنطقة وعنوانها الاستقرار, وهذه القصة (كما قال جلالته عن حق) تتجاوز حدود بلادنا.