فيسك: "صانعو السلام" الأربعة في عهد كلينتون كانوا من اليهود الأمريكيين

نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية مقالاً للكاتب البريطاني روبيرت فيسك، تناول فيه علاقات كوشنر التجارية مع إسرائيل.
ويقول فيسك في مقاله الذي ترجمه “شرق وغرب” اللندني: “لقد خدعنا جميعاً ولفترة طويلة بخرافة أن عملية السلام الأمريكية في الشرق الأوسط كانت عملية عادلة ومحايدة وغير متأثرة بالخلفية الدينية أو السياسية أو الاقتصادية لصانعي السلام الأمريكيين.
وحتى في عهد إدارة كلينتون كان “صانعو السلام” الأربعة الرئيسيين كلهم من اليهود الأمريكيين، كما أن المفاوض الرئيسي دينيس روس، كان عضواً بارزاً في اللوبي الإسرائيلي الأقوى على الإطلاق والمسمى آيباك (اختصار لحنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية)، إلا أن الصحافة الغربية لم تشر إلى هذا الأمر إلا نادراً، بينما ذكر ذلك فقط في الصحافة الإسرائيلية عندما دعتهم صحيفة معاريف بـ”بعثة اليهود الأربعة”.
ويضيف فيسك أن الناشط والصحفي الإسرائيلي ميرون بينفيتيستي قد كتب في صحيفة هآرتس “أنه ربما يكون الأصل الاثني للدبلوماسيين الأمريكيين الأربعة لا علاقة له بالموضوع ولكن “من الصعب تجاهل حقيقة كون الولايات المتحدة أوكلت مهمة تحقيق عملية السلام إلى اليهود الأمريكيين دون غيرهم، وأنها اختارت عضواً واحداً على الأقل من فريق الخارجية لهذه المهمة لكونه يمثل وجهة نظر المؤسسة اليهودية الأمريكية.
وقد ظهر التأثير الهائل للمؤسسة اليهودية على إدارة كلينتون بأوضح صوره من خلال تعديل مصطلح “المناطق المحتلة” في فلسطين إلى مصطلح “مناطق النزاع”.
ولا يستطيع الفلسطينيون التحدث عن ارتباط كلينتون باليهود خشية اتهامهم بمعاداة السامية “لا سمح الله” وفق ما يقول بينفيتيستي.
ولا يزال نفس هذا الخوف يأكل شجاعة السلطات الفلسطينية بسبب التشنيع بتهمة معاداة السامية لمجرد إدانة وحشية السلطات الإسرائيلية واحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وعندما تم تعيين جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالب ترامب مبعوثاً للسلام خاصة بالرئيس، كان الفلسطينيون يعلمون دعمه للاستيطان المستمر واللاشرعي للأراضي العربية، إلا أنهم رغم ذلك رحبوا بالخطوة المفاجئة حين تم تعيينه صانعاً للسلام. وكان الإعلام الإسرائيلي أول من أشار إلى ضحالة معرفته بالشرق الأوسط الحقيقي أو بالشخصيات الهامة هناك.
إلا أن دينيس روس، رجل آيباك السابق، والذي انتقده زملاؤه اليهود والعرب على حد سواء بسبب تحيزه الكبير لصالح إسرائيل، دعم كوشنر بقوة عندما حاز على هذا المنصب.
أما ترامب فكل ما كان يعرفه عن براعة كوشنر مسجل في قوله: “تعرفون ماذا؟ جاريد رجل طيب وسيعقد صفقة مع إسرائيل لم يتمكن أحد قبله من إنجازها. إنه شخص فطري، نعم أنا أعلم ما أتحدث عنه، إنه صانع صفقات بالفطرة والجميع يحبه”.
ويواصل فيسك: “ربما يكون كوشنر، بصفته مستثمراً عقارياً، “صانع صفقات بالفطرة” بالفعل. ولكن المفاجأة كانت حين اكتشفت صحيفة نيويورك تايمز منذ بضعة أيام، أن شركة عائلته العقارية حصلت على حوالي 30 مليون دولار من شركة مينورا ميفتاشيم، وهي إحدى أكبر شركات التأمين والمؤسسات المالية في إسرائيل وذلك قبل فترة قصيرة من مرافقته لترامب في رحلته الدبلوماسية الأولى إلى إسرائيل في شهر أيار.
ويا لها من مفاجأة، لم ينشر هذا الاتفاق للعلن! ولم يوجد أي دليل على ضلوع كوشنر مباشرة بهذه الصفقة، ولا يوجد ما يدل على انتهاكه القوانين الفيدرالية الأخلاقية، وذلك وفقاً لنيويورك تايمز. وتضيف الصحيفة أن هذه الصفقة “يمكن أن تقوض من قدرة الولايات المتحدة على لعب دور الوسيط في المنطقة”.
وتابع: “إلى جانب قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولكن لحظة! كيف يمكن هذا؟ ألم تقل الصحيفة أن كوشنر “راعى القواعد الأخلاقية بشكل جاد”؟ (وذلك نقلاً عن الناطق باسم البيت الأبيض). وعلى الرغم من أنه لا يمكن منع شركات كوشنر من العمل مع شركة أجنبية فقط لأنه يعمل لصالح الإدارة الأمريكية، فإن هذه الشركة لا ترتبط بحكام أو حكومات أجنبية”.
ويستطرد فيسك، فيقول: “لا يزال كوشنر يستفيد من اتحادات الشركات التي تملك حصصاً في شركات كوشنر، وذلك بالرغم من استقالته من منصب الرئيس التنفيذي في يناير من السنة الماضية. ويبقى اقتباسي المفضل هو ما قاله أحد محاميي كوشنر وهو آبي لويل، الذي قال: “إن الربط بين أيّ من رحلاته المعلنة إلى الشرق الأوسط وبين أي شيء يتعلق بشركات كوشنر وأعماله المالية هو ربط بلا معنى ويفسح المجال لتأليف قصة لا وجود لها أصلاً.”
ويضيف: “حسناً، فلنفترض إذاً أن يكون أحد الأعضاء الرئيسيين لفريق مفاوضات السلام الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط وبمجرد الصدفة مسلماً (فلنتذكر أن الأصل الاثني لا علاقة له بالموضوع كما هو الحال بالنسبة لكوشنر)، وبينما كان هذا العضو المسلم يعمل لصالح الرئاسة الأمريكية، كان يستفيد من اتحاد شركات في شركة تتعامل تجارياً مع شركات في السعودية أو مصر أو حتى في رام الله في الضفة الغربية، فإن هذا سيكون أمراً عادياً وشرعياً ولا غبار عليه لرجل لا يرغب إلا بتحقيق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين.
وحتى لو كانت هذه الشركات العربية تستثمر في الشركة العقارية المملوكة لذلك المفاوض المسلم، فإن هذا الأمر لا يجب أن يحرك شعرةً في أحد، ولا أن يدعو للشك بوجود حلقة مفقودة أو خلل ما (ودعونا نحاول تجنب استخدام كلمة “أمر غير أخلاقي”).
ولفت إلى أنه “على الرغم من كل هذا، دائماً ما يبدي المسؤولون الأمريكيون المنتخبون شكوكاً تجاه المساعدات المالية العربية للولايات المتحدة، لو كانت هذه المساعدات مجانية وبدون مصلحة.
خذ على سبيل المثال الأمير السعودي الوليد بن طلال، وهو أحد أغنى رجال العالم والذي يقبع حالياً على فراش في فندق ريتز في الرياض كضيف غير مرحب به من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الوليد بن طلال قدم في عام 2001 مبلغ 10 ملايين دولار لصندوق برجي التجارة التوأمين وذلك لصالح ضحايا وعائلات اعتداء 11/9.
وقد أشار أيضاً إلى القضية الفلسطينية حين قال: “يسأل الصحفيون باستمرار منذ الهجوم حول كيفية القضاء على الإرهاب، على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفهم أنها إذا أرادت حل مشكلة هذا السلوك المريع من جذورها فإنه يتوجب عليها حل هذه القضية.”
ويوصل فيسك مقاله، فيقول: “لكن هذه الحقيقة البديهية كانت بعيدة تماماً عن رودولف جولياني عمدة نيويورك الذي أجاب الأمير بسرعة وحزم مطالباً إياه أن يحتفظ بالشيك. إذ لا يمكن أن تعرض المال وتتكلم بالسياسة في الوقت نفسه.
وقد أظهر هذا الموقف إلى أي حد يمكن تكون العلاقة بين المال والسياسة علاقة حساسة ضمن محور الشرق الأوسط-أمريكا، حتى لو كان هذا المال تبرعات من العرب.
إلا أن هذه المشاكل لم تكن تعني جاريد كوشنر الذي وافق على القرار العجيب لحموه ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل”.
ويختم فيسك مقاله بالقول: “الذي أخرج الفلسطينيين من “الصفقة الفطرية” التي ادعى ترامب أنه يستطيع تحقيقها. وبالتأكيد، فإن العلاقات بين شركة كوشنر العقارية والمؤسسات المالية الإسرائيلية لا صلة لها بهذا الموضوع على الإطلاق”. (شرق وغرب اللندني)