جهود الأمير علي بـ «قضية الحجاب» أثارت الإعجاب
شكلت قضية حجاب اللاعبات، منعطفاً مهماً في مسيرة كرة القدم النسوية، خاصة في المناطق الأقل حظاً على مستوى العالم، إذ انتصرت للتعاليم الدينية والثقافة، دون إغفال للسلامة العامة التي تعد الجوهر الأساس في أي لعبة كانت، والتي كانت بمثابة القوة الدافعة لكل المناهضين للجهود المباركة الرامية إلى السماح للاعبات بارتداء غطاء الرأس بالشكل الأمثل.
ويستذكر الجميع بفخر كبير، الخطوات العملاقة التي قام بها الأمير علي بن الحسين بهذا الصّدد تحديداً، إذ أطلق سموّه جرس الإنذار مهدداً بخطر مُحدق لو استمر الحال على ما هو عليه، وكان أول من نادى بأهمية إعادة النظر بالقانون الخاص بالحجاب، كي يُصبح أكثر مرونة ويتناسب مع الالتزام الديني للاعبة كرة القدم.
وكانت قضية غطاء الرأس ظهرت فوق مسرح الأحداث حينما تقرر منع الحجاب في دورة الألعاب الأولمبية للشباب في سنغافورة 2010، وبعد اعتراض المنتخب الإيراني على الأمر، تم الاستعاضة عن الحجاب بـ(الكاب) الذي يُغطي الشعر ويكشف عن الأذنين والرقبة، لكن ذلك لم يرق للكثيرين.
ثم تفجرت القضية في التصفيات الأولمبية النسوية التي جرت في الأردن صيف عام 2011، بقرار من مراقبة التصفيات بداعي أن الحجاب لا ينسجم مع التعليمات الصادرة من قبل الاتحاد الدولي، فضلاً عن إصرار عدد من (نشمياتنا) على عدم اللعب إن أصرّ الاتحاد الدولي على موقفه.
وإزاء ذلك، استثمر الأمير علي مكانته المتميزة على خارطة كرة القدم العالمية، ومنصبه الجديد (آنذاك) كنائب لرئيس الاتحاد الدولي عن قارة آسيا، فأوصل صوت الكثير من اللاعبات المُحجّبات وممّن أحتجبن عن ممارسة كرة القدم جراء القرار إلى قادة التشريع، ليتم تفويضه لشرح الأمر برمّته خلال اجتماع مجلس الاتحاد الدولي (آيفاب) في لندن خلال الثلث الأول من العام 2012، وهو المجلس المسؤول عن سنّ القوانين الخاصة بكرة القدم، وبعد نقاشات مُستفيضة استمرت لنحو عام، تمت الموافقة على تصميم مقترح لغطاء الرأس، يُراعي السلامة العامة والتعاليم الدينية بآن معاً.
وارتبطت قضية الحجاب بالبند الرابع من قانون كرة القدم الخاص بمعدات اللاعبين.
وكان من بين المساعي التي قام بها الأمير علي قبيل ذلك، ترؤسه أعمال الندوة الخاصة حول الحجاب التي أقيمت في الأردن نهاية العام 2011، بحضور العديد من الشخصيات والخبراء وأصحاب الاختصاص في مجالات الثقافة والتشريعات والسلامة والصحة والتنمية والبحث والتصميم في الاتحادين الدولي والاسيوي، وقد خرجت تلك الندوة بالعديد من التوصيات المهمة فيما يتعلق بالحجاب.
وأكد الأمير علي مراراً أن هذه القضية تمس ملايين النساء حول العالم، وأنه من الضرورة بمكان أن يتم معالجة الأمر بأفضل طريقة ممكنة، تضمن معها سلامة اللاعبات، وتحترم الثقافة، وتشجع على ممارسة كرة القدم للجميع دونما تمييز أو عوائق.
وقد لاقت تلك الجهود المباركة التي قام بها الأمير علي، تقدير العديد من الشخصيات الرياضية والرسمية حول العالم، وإعجابهم بالشخصية القيادية للأمير علي وقدرته على إحداث التغيير نحو الأفضل لما فيه مصلحة كرة القدم، كما لقيت الجهود إشادة عدد كبير من اللاعبات الأردنيات والعربيات سواء المسلمات أو حتى المسيحيات، معتبرات بأن ما قام به سموّه سيفتح المجال للاعبات المُحجّبات باللعب بأريحية ودون قيود، كما سيُشجّع الكثير من المسلمات المحجّبات على الدخول في معترك كرة القدم، طالما أن هذه اللعبة الشعبية الأولى أضحت بلا عوائق.
اهتمام محلي
ولم تكن الجهود التي قام بها الأمير علي إزاء قضية الحجاب، سوى جزء من اهتمامه الواسع بكرة القدم النسوية بوجه عام، إذ تحظى اللعبة باهتمام خاص من قبل سموّه.
فعلى الساحة المحلية، توالت النجاحات على منتخباتنا النسوية منذ تشكيلها لأول مرة عام 2005، وهو العام الذي شهد تتويج الأردن بلقب بطولة غرب آسيا الأولى، ثم تواصل الإنجاز بالاحتفاظ باللقب عام 2007، وتخلل ذلك تأهل منتخب الشابات إلى نهائيات كأس آسيا 2006.
ولم يكن لذلك أن يتحقق، لولا المتابعة المتواصلة للأمير علي واستفساره الدائم عن أحوال اللاعبات، وتفقده المستمر للتدريبات، وتقديره لعطائهن خلال مناسبات كثيرة أقامها الاتحاد، لتتعزز مسيرة الإنجاز بعد ذلك، فظفرت النشميات بلقب بطولة كأس العرب الأولى في البحرين 2010، وفي العام 2013 تمكن المنتخب النسوي من التأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأول مرّة على صعيد فئة السيدات، وقبل ذلك تأهل منتخب الناشئات أيضاً إلى النهائيات الآسيوية.
وفي العام الماضي 2014، فاز منتخب النشميات بلقب بطولة غرب آسيا للمرة الثالثة في تاريخه.
وشهدت أعوام 2013 و2014و2015 حضوراً متميزاً للأردن على صعيد منتخب الواعدات، الذي فاز لـ3 مرات متتالية بلقب البطولة الإقليمية لمنطقة غرب آسيا.
وكان من أبرز المتكسبات التي تحققت على صعيد كرة القدم النسوية بفضل الحضور المميّز للأمير علي على الساحة الخارجية والاحترام الكبير الذي يحظى به، منح الأردن شرف استضافة نهائيات كأس العالم للسيدات تحت 17 عاماً التي ستجري نهاية أيلول من العام المقبل 2016، ويعلم الجميع ما ستحمله هذه الاستضافة من انعكاس إيجابي على بنية كرة القدم الأردنية فيما يتعلق بتحديث المنشآت الحالية أو بناء مجمعات رياضية جديدة تخدم الأندية والمنتخبات الوطنية المختلفة، ناهيك عن الترويج السياحي الذي ستحظى به المملكة جراء توافد منتخبات من مختلف القارات للمشاركة في البطولة.
.. وجهود خارجية
ولا يقتصر اهتمام الأمير علي بكرة القدم النسوية على الشأن المحلي فحسب، بل شكلت هذه اللعبة ركناً أساساً من برنامج سموّه الانتخابي لمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي مطلع عام 2011، ولم يتواني بعد ذلك عن تنفيذ وعوده الانتخابية، وليس أدل على ذلك من استضافة الأردن لمؤتمر تطوير كرة القدم النسوية - التقدّم للأمام، الخاص بتطوير كرة القدم النسوية في منطقة غرب آسيا، وذلك في العام 2013.
وقال الأمير علي حينها إن التجمع فرصة رائعة لاستخلاص الأفكار وتبادل الاَراء، للارتقاء بالجهود المبذولة لدعم كرة القدم النسوية في هذا الجزء من القارة الصفراء، مبيّناً أن الأردن يتصدى لتنظيم مثل هذه المؤتمرات من منطلق حرصه بأن يكون نقطة الإنطلاق نحو تطوير كرة القدم النسوية في منطقة غرب اَسيا والارتقاء بها في شتى المجالات.
كما شدّد الأمير علي على أن هذا المؤتمر قائم لتحديد الصعوبات التي تواجه كرة القدم النسوية في المنطقة، وبحث سبل تطويرها من خلال تعزيز المسابقات والاستثمار فيها بشكل أفضل، إلى جانب الاستفادة من كرة القدم لتطوير المجتمعات.
وحضر المؤتمر آنذاك عدة شخصيّات، من بينها الشيخة نعيمة الصباح، وكذلك السفير ويلفريد ليمكي المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للرياضة من أجل التنمية والسلام، والأسترالية مويا دود نائب رئيس الاتحاد الاَسيوي لكرة القدم ورئيسة اللجنة النسوية فيه، وايميلي شو منسقة كرة القدم النسوية في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وكيلي سيمونز مديرة National Game في الاتحاد الانجليزي لكرة القدم، وممثلين عن (12) دولة منضوية تحت لواء اتحاد غرب اَسيا، وممثلين عن الاتحاد الآسيوي.
وقد أقيم المؤتمر بتنظيم من مشروع تطوير كرة القدم الآسيوية AFDP الذي أسّسه ويرأسه الأمير علي بن الحسين، وكذلك اتحاد غرب آسيا الذي يرأسه سموّه أيضاً.
وخرج المؤتمر بالكثير من التوصيات التي من شأنها الارتقاء بكرة القدم النسوية، وبالعديد من المقترحات التي ستسهم في إيجاد قاعدة صلبة من المنتخبات النسوية وبما ينسجم مع التطلعات المستقبلية، أملاً بأن تتمكن منتخبات غرب آسيا من إظهار تواجد فعّال في مشاركتها الآسيوية المختلفة.
وكان من أبرز القرارات التي تم اتخاذها في المؤتمر، ترشيح الشيخة نعيمة الصباح لرئاسة لجنة كرة القدم النسوية في اتحاد غرب آسيا، بحيث تهدف اللجنة إلى العمل على إعداد استراتيجية تطوير كرة القدم النسوية في المنطقة.
كما تم الكشف عن أن كل اتحاد وطني في منطقة غرب آسيا سيحصل على 250 كرة مقدمة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بحيث يتم استخدامها في كرة القدم النسوية.
عموماً لا تقتصر جهود الأمير علي بن الحسين على ما سبق، بل تتعدّاها لتشمل مجالات أوسع فيما يتعلق بكرة القدم النسوية.