5 شكاوى .. ما هو العنف الانتخابي ضد المرأة وكيف يقع؟
هوا الأردن -
* الطراونة: علينا العمل بشكل متوازي ومكثف لتغيير الثقافة المجتمعية
* مشاركة المرأة ليست ترفا وإنما ضرورة ملحة لتحقيق التنمية
هوا الأردن - أعلنت الهيئة المستقلة للإنتخاب مؤخرا عن تحريك دعوى الحق العام لثلاثة أشخاص بتهمة ارتكاب عنف انتخابي ضد المرأة، وذلك بعد أن تم تحديد هوياتهم من قبل الأجهزة الأمنية وضبطهم في إحدى الدوائر الانتخابية.
الأمم المتحدة عرفت العنف ضد المرأة على أنه "أي عنف على أساس الجنس ينتج عنه، أو يمكن أن ينتج عنه، أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديدات بمثل هذه الأفعال، أو الاكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدوث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة المستقلة للانتخاب سمر الطراونة، شرحت لـ عمون ما هو الشكل الجديد من العنف ضد المرأة "العنف الانتخابي"، وكيف يكون، وعدد الشكاوى الواردة حوله.
س: ما هو العنف الانتخابي ضد المرأة؟
الطروانة: العنف الانتخابي هو جزء من العنف السياسي باعتبار الانتخابات آلية من آليات المشاركة السياسية، ويعتبر العنف السياسي جزء من العنف ضد المرأة بمفهومه العام (حسب المادة (1) من (اعلان القضاء على العنف ضد المرأة).
وحتى يتم تعريف العنف الانتخابي ضد المرأة وتحديد عناصره واركانه وفق السياق الأردني فالأصل ان ينطلق من تعريف الجرائم الانتخابية التي نص عليها قانون الانتخاب لمجلس النواب النافذ، وحتى تتحقق جريمة العنف ضد المرأة فلا بد ان تستوفي أركانها، بالإضافة الى ان هناك ثلاثة عناصر أساسية يجب ان تتوافر في التعريف وتحدده حتى يتم تصنيفه على انه عنف انتخابي ضد المرأة، فالعنف الانتخابي ضد المرأة (السياق الانتخابي الأردني): هو كل فعل او امتناع عن فعل (مادي او معنوي) يهدف مرتكبه لحرمان المرأة او اعاقتها عن ممارسة أي حق او عمل او حرية من الحقوق والحريات المنصوص عليها في قانون الانتخاب ويكون قائما على أساس الجنس.
س: كيف يعتبر العنف "عنفا انتخابيا" ضد المرأة؟
الطراونة: يعتبر العنف عنفا انتخابياً ضد المرأة إذا توافرت به العناصر الأساسية التالية:
1- الدافع: ان يكون الهدف من وراء ارتكاب العنف هو التأثير على العملية الانتخابية او التأثير على نتيجتها حيث يجب ان يكون للعنف دافع متعلق بالانتخابات.
2- قائم على أساس الجنس: ان يقع العنف الانتخابي على امرأة لأنها امرأة، واساس إيقاع هذا العنف هو الجنس، بحيث يشمل كل من: المرشحة، الناخبة، المقترعة، العاملة بالانتخابات.
س: ما هي أنواع العنف الانتخابي ضد المرأة؟
الطراونة: 1- العنف المادي (الجسدي): كل فعل ضار أو مسيء يمسّ السلامة الجسدية للمرأة أو بحياتها كالضرب والجرح والاحتجاز، بسبب ممارسة المرأة او عدم ممارستها لحقها في الترشح او الاقتراع، او حملها على الاقتراع لشخص محدد او منعها من الاقتراع لشخص محدد كما ورد في القانون.
2- العنف المعنوي (اللفظي): كل لفظ كالذم أو القدح أو التحقير أو التهديد أو الحرمان من الحقوق والحريات المنصوص عليها في قانون الانتخاب لمجلس النواب وغيرها من الأفعال أو الأقوال التي تنال من كرامة المرأة أو ترمي إلى إخافتها أو التحكم في ممارستها لحقها في الترشح او الاقتراع.
3- العنف الاقتصادي: كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية يضر، أو من شأنه أن يضر، بالحقوق الاقتصادية للمرأة، مثال: كالاعتداء على المقر الانتخابي للمرشحة او تمزيق اللوحات الدعائية الخاصة بها.
4- العنف ضد المرأة (الالكتروني او في الفضاء الافتراضي) وهو شكل من أشكال العنف يحدث في بيئة الإنترنت ويستخدم في ارتكابه او تزيد من حدته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة ومنصات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، ويشمل الإساءة والتحرش الجنسي والتهديد والابتزاز والتشهير والتدخل في الخصوصية الشخصية والتعرض للمرأة والإزعاج الإلكتروني والتعرض للمرأة بالإذلال والتشويه والتشهير والتحريض على الكراهية والتمييز والتحريض على العنف ضد المرأة.
س: هل وردت اي شكاوى تخص النساء إلى الهيئة؟
الطراونة: نعم ورد عدد من الشكاوى الى الهيئة باستخدام القنوات المتاحة المتعددة كما تم استقبال بلاغات من مؤسسات المجتمع المدني حول عدد من الحالات.
س: ما هي الحالات التي ضبطتها الهيئة حول العنف الانتخابي ضد المرأة؟
الطراونة: الشكاوى التي تم استقبالها هي (5) شكاوى متعلقة بالعنف الانتخابي ضد المرأة، ثلاثة منها حول منع المرأة من الافصاح عن رغبتها في الترشح وقد تم تحويل واحدة من الشكاوى الى المدعي العام بعد ان تم التحقق منها من قبل الباحث القانوني في الدائرة المعنية، بينما تم سحب الشكوتين.
وكانت الشكوى الرابعة على شكل بلاغ من مؤسسة مجتمع مدني حول تعرض احدى المرشحات للضغط من عائلتها بشأن مقرها الانتخابي وتم التحقق منها من قبل الباحث القانوني ولم تثبت صحتها.
كما تم تلقي الشكوى (5) من مرشحة تعرضت لمساس بدعايتها الانتخابية وحركات لا أخلاقية ونشر بيانات خاطئة وتم تحويلها مباشرة للمدعي العام والتعامل معها بسرية لحماية المشتكية وليتم اتخاذ الاجراء المناسب من قبل الجهات المختصة ولا زلنا نتابع القضية.
من ناحية اخرى تقوم الهيئة برصد مواقع التواصل الاجتماعي حول اي ممارسات او خطاب للكراهية موجه ضد المرأة والتعامل معه بالتنسيق مع المعنيين لإزالة الانتهاك او المخالفة ومتابعتها.
س: ما هو الجزاء القانوني لمعنفي المرأة انتخابيا؟
الطروانة: إذا تبين ان مضمون البلاغ او الشكوى او الحالة المرصودة يجعل من المشتكى عليه مرتكباً لإحدى الجرائم الانتخابية المنصوص عليها في القانون، (جريمة عنف انتخابي ضد المرأة مكتملة العناصر والاركان)، وتم التأكد من صحة الوقائع والبينات المقدمة من قبل المجني عليها/ المشتكية للتأكد من استيفاء دلائل الأركان الثلاثة (الشرعي والمادي والمعنوي) بعد احالتها للمدعي العام، يصبح الفاعل مسؤولًا قانونيًا عن فعلته وعليه يعتبر العنف المذكور في الشكوى عنفا انتخابياً لوجود العناصر الثلاثة (الدافع والجنس والفعل)، انطلاقا من هذا يصبح المعنف (الجاني) حسب الفعل المرتكب ينطبق عليه أي من العقوبات المنصوص عليها بقانون الانتخاب او قانون العقوبات حسب رأي المحكمة.
س: كيف قامت وحدة تمكين المرأة بالهيئة بالتوعية بشأن العنف الانتخابي ضد المرأة؟
الطراونة: قامت الهيئة بتنفيذ برنامج توعية وطني بأهمية مشاركة المرأة في الانتخاب والأحزاب وهو أحد برامج خطة العمل المشتركة ما بين الهيئة المستقلة للانتخاب واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، والذي تم تنفيذه من خلال ثلاثة من المؤسسات الممتدة عابرة المحافظات المعنية بتمكين المرأة (تجمع لجان المرأة الوطني الاردني، جمعية اتحاد المرأة الأردني، الاتحاد النسائي الاردني العام)، وبدعم من (هيئة الأمم المتحدة للمرأة / مكتب الأردن)، حيث تم من خلاله العمل على تعزيز وجود بيئة سياسية امنة الأكثر تضمينا، ورفع الوعي بين الجمهور العام حول أهمية مشاركة المرأة السياسية، وأنها مصدر قوة مؤثرة على نتائج الانتخابات ومكتسبات القوائم والأحزاب من خلال استهداف المؤثرين/ات في المجتمعات المحلية وزرع شعور بالمسؤولية المدنية لديهم/ن لنقل المعرفة المكتسبة في جلسات التوعية.
بالإضافة الى إعداد فريق تيسير وطني من المؤسسات الشريكة ذات الاذرع الممتدة بالمحافظات، مزود بقاعدة معرفية متوازنة حول قانوني الانتخاب والأحزاب وفرص المرأة المكرسة بالتشريع تمكنهن من نقل المعرفة لمجتمعاتهن المحلية واعتبارهن ضباط ارتباط للهيئة المستقلة للانتخاب، وتزويدهن بتعريف العنف الانتخابي وعناصره وقنوات التبليغ لنشرها ضمن المجتمعات التي تقع ضمن نطاق كل منهم.
ويعتبر هذا البرنامج بشكل خاص أمرًا حاسمًا حيث ستؤكد حملة التوعية على أن للنساء القدرة والحق في المشاركة في السياسة، وأن تمكينهن يعزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة، وسيُطلب من المشاركين دعم المرأة والعمل معًا لبناء بيئة سياسية أكثر تضمينًا تقدر التنوع، في ظل الإطار القانوني الجديد وتم من خلاله التركيز على المحاور التي ستعزز المشاركة الفعّالة والبيئة الامنة من خلال بيان التأثير الإيجابي للمرأة داخل المجال السياسي عبر استخدام أدوات متنوعة في المرحلة المتعلقة بنقل المعرفة واستدامتها من المشاركين من منطلق ان مشاركة المرأة قوة.
من ناحية أخرى فان الهيئة معنية بفتح قنوات اتصال وتواصل فعالة مع المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام للوصول لأكبر شريحة وعلى امتداد مساحة الوطن، بالإضافة الى التعاون معهم لخلق بيئة داعمة معززة، وتضمين منظور تمكين المرأة في كافة حملات التوعية والتثقيف التي تنفذها، حيث تم التعاون مع مركز قلعة الكرك بناء على طلبه بإعداد دليل ارشادي حول الشكاوى والبلاغات المتعلقة بالعنف الانتخابي ضد المرأة.
س: كيف يمكن الحد من ظاهرة العنف الانتخابي ضد المرأة؟
الطراونة: علينا ان ندرك اننا الان في ما يدعى (بيئة الفرصة السياسية للمرأة) حيث ان المنظومة التشريعية الجديدة افرزت قوانين متقدمة قد استهدفت المرأة بصورة مباشرة، وهذا نابع من الحرص الملكيّ على تمكين المرأة ومنحها الفرص المتساوية، كحزبية وناخبة ومرشحة، وفي الوظائف القيادية العليا، فالمرأة الأردنية لم تعد قيد اختبار؛ بل حققت الإنجازات كيفما وُجدت، ويحق لها اليوم أن تطوّر مسيرتها، وتسعى إلى أن تتعدى مرحلة الأرقام كما كانت تُرى سابقاً، لتصبح مشاركتها السياسية نوعاً بالإضافة إلى الكمّ، وهذا ما يجب أن نبحث به اليوم من خلال إزالة العقبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لتُصبح في الموقع الذي تستحق، ما يُسهم في نهضة العمل الجماعي الوطني.
علينا ان نعمل وبشكل متوازي ومكثف لتغيير الثقافة المجتمعية، النجاح يعتمد على مساهمة كافة الأطراف لدعم وصول المرأة حيث ان العمل الفردي اثبت عدم نجاحة في الماضي، وهذا يعني في المحصلة اننا اليوم لسنا بصدد تعريف وتوضيح دور النساء في العمل السياسي، فالشعارات العامة باتت معروفة للجميع، وشعار المرأة نصف المجتمع وغيرها من الشعارات بات مُستهلكاً، مما يوجبنا الحديث اليوم بلغة عملية عن التدريب والتأهيل وتمكين المرأة وضرورة المساواة في الفرص بين الجميع؛ وهذا ما نسعى إليه جميعاً اليوم.
من هذا المنطلق علينا جميعا ان نؤمن ان مشاركة المرأة ليست ترفا وانما ضرورة ملحة لتحقيق التنمية وتطور المجتمعات، وان تحفيز التغيير المنهجي في المشاركة السياسية للمرأة والتصدي للعنف الانتخابي الموجه ضدها يجب ان يكون مستجيبا للاحتياجات والظروف المحلية كما ان علينا ان لا ننسى دور الأحزاب لخلق بيئة مناسبة معززة لوجود المرأة تحت القبة فالحزب في المحصلة مؤسسة سياسية مستقلة عليها ان تضمن مناجية أعضائها. كما ا ن التعديل الدستوري واضح (تكفل الدولة وجو بيئة خالية من العنف والتمييز)
س: ما الاجراءات التي اتخذتها الهيئة للحد من هذه الظاهرة خلال الانتخابات القادمة؟
الطراونة: لقد وعينا في الهيئة المسؤولية الملقاة على عاتقنا وفق التعديلات الدستورية والقانونية وان الدور المحوري المطلوب من الهيئة والذي اناط بها، إضافة الى إدارة العملية الانتخابية صلاحية الاشراف على تأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها كونها جهة محايدة ومستقلة تحقيقا لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بالإضافة الى سعي الهيئة لترجمة مفهوم الإدارة الانتخابية الشمولية اوجب عليها التحرك للإيفاء بهذه الالتزامات حيث قمنا بما يلي:
اولا: رصد وتوثيق الحالات
اذ تقوم الهيئة برصد جميع حالات العنف الانتخابي ضد المرأة وتوثيقها بشكل دقيق لضمان متابعة فعالة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال برنامج.
ثانيا: استقبال الشكاوى
وذلك عبر توفير الهيئة آليات لاستقبال الشكاوى المتعلقة بالعنف الانتخابي ضد المرأة، وتضمن سرية هذه الشكاوى وسرعة البت فيها، حيث تم تشكيل لجنة لاستقبال الشكاوى والملاحظات برئاسة المف.
ثالثا: التحقيق والمتابعة
حيث تُجري الهيئة تحقيقات شاملة في الشكاوى المقدمة، وتتعاون مع الجهات المعنية لضمان اتخاذ الإجراءات اللازمة. ويجدر الإشارة الى انه تم تعيين باحث قانوني في كل لجنة انتخاب في الدوائر المحلية لرفع جودة العمل المتعلق بمتابعة المخالفات والانتهاكات الانتخابية ومن ضمنها العنف الانتخابي ضد الكارة ليتم اعداد المحاضر والضبوطات بالشكل الفني وحسب الأصول.
رابعا: التدريب والتوعية
اذ تنظم الهيئة برامج تدريبية لتوعية العاملين في العملية الانتخابية بكيفية التعامل مع العنف الانتخابي ضد المرأة، وتضمين هذا المفهوم في موادهم التدريبية.
خامسا: التنسيق مع الشركاء
وذلك عبر تعاون الهيئة مع منظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والجهات الحكومية لضمان بيئة انتخابية آمنة وخالية من العنف.
سادسا: إجراءات وقائية
حيث تضع الهيئة تدابير وقائية مثل الحد من الاكتظاظ في مراكز الاقتراع والفرز، وتعزيز الرقابة على العملية الانتخابية.
سابعا: إدراج العنف الانتخابي في التقارير
اذ تقوم الهيئة بإدراج حالات العنف الانتخابي ضد المرأة في تقارير العملية الانتخابية لتحليلها وتقديم توصيات للإصلاح القانوني. عمون