قصف حزب الله وتفعيل خط الجولان
إسرائيل تطرق بوابة جنيف، لا يمكن قراءة الدخول الاسرائيلي على مسار الأزمة في سورية مجددا بعيدا عن واقع التطورات على الأرض في سورية. اما الزاوية الأخرى لقراءة التحرك الاسرائيلي فيمكن قراءتها على أنها رغبة اسرائيلية للدخول الى تفاصيل المشهد السوري في ظل البرود الأمريكي الظاهر تجاه الأزمة السورية منذ نهاية جولة "جنيف 2″ الثانية واندلاع أزمة أوكرانيا. الاقتناص الاسرائيلي لورقة الدخول الى الأزمة السورية قد يهدف أيضا الى التأسيس لمرحلة توسيع دائرة الأزمة السورية، وبالتالي تغيير معادلة الحل السياسي.
كثيرة هي النقاط التي تشير الى الرغبة الاسرائيلية بالدخول الى الأزمة السورية، أهمها القصف الاسرائيلي المعلن لموقع يحمل رمزية مشتركة بين حزب الله وسورية، قبلها كانت زيارة نتنياهو لجرحى المعارضة. والأهم تفعيل خط الجولان حيث تشير معظم التقارير الى ان السلاح الداخل الى سورية مؤخرا يعبر فعلا من الجولان.
انخراط اسرائيل المباشر في الأزمة يعني أن اسرائيل تريد ان تكون طرفا في المعادلة السورية وبالتالي هي تضع نفسها على طاولة المتخاصمين. الاختيار الاسرائيلي لبدء الدخول الى المشهد السوري يمكن تصنيفه على أنه خطوة براغماتية خالصة، نظرا للكثير من المعطيات على الأرض. اشتداد أزمة حزب الله الأمنية في داخل معاقله وكذلك تعاظم ظهور مناخ أزمة سياسية في الداخل اللبناني بدأت مع اقرار "وثيقة بكركي" والحديث عن شرعية سلاح المقاومة وربطه بوجود الاحتلال وانتهاءً بالتكتيك الاسرائيلي المتمثل بالانسحاب المفاجئ من قرية الغجر الواقعة على الحدود اللبنانية والذي يهدف الى تأزيم حزب الله سياسيا في الداخل اللبناني، حيث ان تشريع وجود السلاح يرتبط ضمنيا بوجود الاحتلال وبالتالي فان خروج الاحتلال يعيد موضوع سلاح حزب الله الى طاولة الحوار اللبناني.
أما وثيقة "بكركي" المسيحية فأشارت في بندها الـ 21 على ان "الإلتزام الجدي ببناء الدولة العادلة والقادرة، يقضي بحفظ السيادة وحصر القوة العسكرية في يد الشرعية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني والقوى العسكرية ". ما يعني ان بكركي ترفض وجود اي سلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية وقواها العسكرية، ما يلغي أيضا ثلاثية "جيش وشعب ومقاومة"، ويرفع أي غطاء مسيحي عن سلاح حزب الله.
الدخول الاسرائيلي على ملف الأزمة السورية واستهداف الطرفين سورية وحزب الله قد يضع خيار المحور السوري في مواجهة أمرين، الأمر الأول: مواجهة قد تفضي الى الجلوس كأنداد حول طاولة الحوار وهنا يرشح دور حزب الله الذي قد يعول عليه مهمة فتح جبهة مواجهة بالرغم من المخاطر الكبيرة لمثل هذه الخطوة التي تشير اغلب التقديرات الى استحالة السيطرة على تداعياتها.
الأمر الثاني: التقاط الرسالة من زاوية أخرى والتعامل معها على أنها رغبة اسرائيلية في ضم سورية الى مشروع التسوية الاقليمية. أغلب المراقبين يستشعرون الرغبة الاسرائيلية الساعية لعدم تفويت فرصة استغلال انهاك سورية لتغيير معادلات التسوية في المنطقة. العقل الاسرائيلي يؤمن أنه لا يمكن لأية تسوية ان تنجز من دون ترتيب شكل العلاقة مع سورية الجديدة وحلفائها في المنطقة.
من هنا لا بد من التأكيد ان اوراق المنطقة وشكل التحالفات القائمة حاليا قد تتغير تماما مع ظهور أولى تداعيات تغيير أطراف التسوية!! .