أقسى رمضان منذ ثلث قرن
يسيطر هاجس الطقس خلال رمضان المبارك على الكثيرين منذ أواخر رجب الماضي، فيما يتواصل الانشغال بالموضوع يوماً بعد آخر من شعبان الجاري مع قرب حلول شهر الصيام، الذي لم يتبقَ على مجيئه سوى 22 يوماً، إلا أن خبيراً فلكياً سعودياً قطع الشك باليقين حين توقّع أن يكون رمضان المقبل "من أقسى أشهر هذا العام والأكثر ارتفاعاً في درجات الحرارة، ما ينبئ بصيام قاسٍ"، ربما لم يشهده السعوديون من قبل إلا من تجاوزوا الـ33، ولن يشهدوه مستقبلاً إلا بعد مرور أعوام مماثلة.
وأكد الخبير الفلكي عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء الدكتور خالد صالح الزعاق، ما يُتداول بين الناس من أن درجات الحرارة ستزداد في رمضان بعد تسجيلها قبل نحو أسبوع 54 درجة مئوية، كأعلى درجة حرارة حوّلت الأجواء إلى صيفية وبامتياز. وقال الفلكي"إن رمضان المقبل سيكون الأكثر حرارة في أشهر العام الحالي إذ يتزامن في أوله مع «مربعانية القيظ»، ويتبع في آخره بـ «موسم التويبع»، وهما الأكثر حرارة في العام على جميع المناطق الواقعة شمال خط الاستواء".
ولم يكتفِ الزعاق بالتحذير من حرارة أجواء رمضان فحسب، بل أكد أن «رمضان المقبل سيكون الأطول نهاراً، إذ تتجاوز مدة الصيام فيه 13 ساعة، والصائمون في المناطق الشمالية الغربية سيكون صيامهم أطول ممن هم في المناطق الجنوبية الشرقية». وقال: «إن الدورة الرمضانية المقبلة لن تعود إلا بعد 33 عاماً»، مضيفاً: «صُمنا في عام 1982م في مثل هذه الأجواء. وكانت قاسية جداً. وهناك قاعدة حسابية فلكية غريبة تقول: من كان صيامه الأول في جمرة القيظ، فسيكون صيامه الثاني في مثل هذه الأجواء مع صيام أكبر أبنائه، وسيكون صيامه الثالث مع أكبر أحفاده».
وحذّر الفلكي من التعرّض المباشر للشمس في رمضان، «لقسوتها وتأثيرها السلبي على الجسم». بيد أنه عدّ الأجواء المقبلة «فرصة لمن يرغبون في بدء الحمية وتخفيف الوزن فهي مناسبة جداً، ويجب الإكثار من السوائل لأنها ضرورية لمقاومة هذا الطقس».
تأتي هذه التحذيرات لتؤكّد الأحاديث التي بدأت مبكراً بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعية، التي تتوقع كل عام أن يكون رمضان «حاراً جداً». إلا أن الإشاعة تأكدت هذا العام، ولم تعُد مجرد «تكهنات»، وأصبحت شغل الناس الشاغل الآن. وفيما يستعد الكثيرون لاستقبال هذه الأجواء، اختار آخرون أن يكون صيامهم خارج الوطن، وفي دول تتمتع بأجواء أقل حرارة، إذ اعتاد بعضهم أن يقضي صيامه في مناطق معتدلة الجو، كما هو حال عبدالله الحسين، الذي قرر أن يقضي رمضان في إحدى الدول الباردة، مؤكداً أنه «لا بديل عن الصيام في الوطن، إلا أن صحتي لا تحتمل الصيام في الأجواء الحارة، لذا لم أصم في بلدي منذ أربعة أعوام».
وقال الحسين: «أعاني من أمراض مختلفة منها: السكر والضغط إلى جانب آلام المفاصل، وهذه الأمراض لا تتناسب مع حرارة الأجواء، إلا أنني لاحظت في الأعوام الأخيرة كثرة الهاربين من حرارة الشمس في رمضان»، مضيفاً: «رمضان والعيد أجمل في الوطن ومع الأهل، ويفقدان بريقهما إذا ما اصطدما بعادات وتقاليد البلدان الأخرى التي لم نعتد عليها».
من جهة أخرى، أثار مشهد انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعية، صوّره أحد الأشخاص موجة من السخرية والتهكم، بعد أن علّق مصوّر المشهد على حادثة «غريبة» وقعت له حين زار المنطقة الشرقية، واشترى بعض الحاجيات ومن بينها بيض، إلا أنه نسيه في السيارة، وحين رجع له وجد الشمس تكفّلت بطبخه بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ولم يكن هذا المشهد الوحيد الذي أظهر «قسوة الأجواء»، ففي أحد المشاهد قام شخص بكسر البيض على سيارته، مؤكداً أنه لو تركها لبضع دقائق، سيستطيع أن يتناول وجبة تكفّلت الشمس بإعدادها.
اللافت أنه منذ أيام تخلو الشوارع من المارة خلال فترة تعامد الشمس، وتتحول المدن والقرى إلى شبه مهجورة، ويسجّل معدل صرف الكهرباء أعلى نسب الهدر، إذ لا تتوقف أجهزة التكييف عن العمل ليل نهار.