التطرف الديني ودور وسائل الإعلام ورشة باليرموك
برعاية رئيس جامعة اليرموك الدكتور عبدالله الموسى نظمت كلية الإعلام بالجامعة ورشة عمل بعنوان "التطرف الديني ودور وسائل الإعلام" بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدينية ومؤسسة فريدريش ناومان ومعهد الإعلام الأردني، بمشاركة عدد من المختصين من جامعتي آل البيت والعلوم الإسلامية وصحيفة العرب اليوم ومنتدى الفكر الحر.
ودعا الدكتور الموسى في كلمته المؤسسات الإعلامية لإصدار ميثاق شرف ليكون أداة من أدوات عملها الناجح، وأن تعزز في رسائلها الإعلامية مفاهيم الدقة والموضوعية والمسؤولية والأخلاق واحترام شعور وديانات ومقدسات الآخرين، وعليها الدفاع عن مهنة الإعلام وحمايتها من كل من يحاول الاتجار بها أو استعمالها لأغراض تتناقض مع المصلحة العامة للمجتمع، وأن ينبثق هذا الميثاق من تراثنا العربي وديننا الإسلامي، لاسيما وان وسائل الإعلام باتت طرفا هاما في الأزمات ويتم استغلاله لخدمة مصالح قد تتعارض مع الرسالة السامية للإعلام.
وأضاف أن ملامسة الخطاب الديني المعاصر لقضايا وهموم المواطنين أمر لابد منه، والواجب على الإعلام أن يصون حرمة الأديان وان يركز على ثوابته ووسطيته نظراً لخطورة وحساسية اثر الإعلام على تكوين آراء المجتمعات، حيث أصبح الإعلام سيفاً ذو حدين فإلى جانب كونه وسيلة بناء وارتقاء بالمجتمعات يعتبر أحيانا وسيلة هدم وتفتيت للشعوب والقيم، وشدد على أن هناك مجتمع بأكمله ينتظر رسالة إعلامية هادفة ومسؤولة تنثر الثقافة والعلم والفكر السليم بعيداً عن التضليل والتشدد، وانطلاقا من دور الإسلام كدين تسامح كان لزاماً علينا أن نبرأ إلى الله من العلو والتطرف من بعض الرسائل الإعلامية التي تتهم الإسلام وتتعرض لتعاليمه.
الدكتور حاتم علاونة عميد الكلية أكد في كلمته على أن التحولات الخطيرة التي تعيشها أمتنا العربية والإسلامية في هذه المرحلة الحساسة وما طرأ عليها من أفكار وممارسات متطرفة ساهمت في تصدير العنف والإرهاب وشوهت معها الدين الإسلامي، والواقع الإسلامي يحتم على الجميع أن يمارسوا دورهم في توضيح المفاهيم المغلوطة وتوجيه الرأي العام، وأن لا يقتصر دور وسائل الإعلام في نقل أخبار التطرف والإرهاب فقط بل يجب أن تتعداه إلى توعية الجمهور بمخاطر الفكر المتطرف الذي يسهم في هدم المجتمعات وتدمير العقول والأفكار الايجابية، لافتا إلى ضرورة أن تضبط العلاقة بين تغطية الإرهاب ووسائل الإعلام ضوابط ومحددات تمنع الإرهابيين من التأثير على أفكار الجمهور وسلوكياتهم، وأن تخدم الدور الإعلامي في نشر الوعي وتبني الأفكار الداعية للبناء، مشدداً على أن الأنظمة السياسية العربية ملزمة في إيجاد حلول واقعية وعملية تجفف من خلالها منابع الإرهاب وان لا ترتكز على وسائل الإعلام في ذلك فحسب، فعليها اتخاذ إجراءات وسياسات مبنية على جهود العلماء والباحثين في البيئة الاجتماعية والاقتصادية والعوامل النفسية التي تشكل الإرهاب والأفكار المتطرفة.
كلمة المعهد الملكي للدراسات الدينية ألقاها ميشيل حمارنه أشار خلالها إلى أن تقديم الإعلام الغربي لصورة نمطية عن المسلمين والمسيحيين العرب مسألة في غاية الأهمية ولابد من معالجتها بطرق ووسائل علمية وعقلانية من شأنها توضيح الصورة الكاملة لمنطقتنا وما تعانيه على مختلف الأصعدة، وهناك حاجة للرد على الإعلام الغربي بالصورة والأسلوب ذاته فإدارة المعلومات المتعلقة بقضايا التطرف لابد وأن تكون إدارة ايجابية، وعلينا ربط اتحادات الطلبة في جامعاتنا العربية والبرلمانيات والكنائس مع نظيراتها في العالم الغربي حتى يتمكنوا من نقل هذه المعلومات بطريقة سليمة، لافتا إلى أن أصول الإرهاب تكمن في عدم توجيه خطط التنمية نحو مساعدة الطبقات الضعيفة والفقيرة في مجتمعاتنا مما يسهم في زرع الحقد والتطاول على القانون، وهذا يحتم إنتاج إعلام موضوعي قادر على التعامل مع مشكلة التطرف وأسبابها وفق قيم الإعلام ومصداقيته المهنية، مشدداً على دور الحكومات والجامعات في زرع أهمية العمل الإنمائي في نفوس الشباب وأن يكونوا هم المسؤولين عن تسيير الأمور فهم قادة المستقبل.
حسام الرحيل من مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية أشار من خلال كلمته إلى أن الأزمة التي تعانيها المجتمعات العربية تتمحور حول قضية أساسية وهي التطرف الديني, لافتا إلى أن محاربة هذه القضية تتطلب كما أشار جلالة الملك عبدالله الثاني منهجا فكريا مستنيرا يستند إلى مبادئ الإسلام واعتداله وتسامحه ووسطيته, وأن التطرف لا يقتصر على الدين وحده فهناك تطرف في مختلف المجتمعات والأديان مما يحتم على كافة الدول التعاون لمواجهة هذا الخطر, مبينا أهمية توعية العاملين في المجال الإعلامي والتباحث معهم لمحاربة التطرف لاسيما وأن الإعلام يعد السلاح الأمثل لمواجهة مثل هذه القضايا شريطة أن يكون بمثابة منارة فكرية تسهم في إرساء قيم إنسانية تعزز ثقافة الاعتدال وروح الإخوة والوئام بين الناس, مستعرضا نشأة المؤسسة عام 1958 وهي مؤسسة ألمانية ليبرالية تنفذ مشاريع مختلفة في مجالات حقوق الإنسان السياسية والمبادئ الاقتصادية للتسوق والمشاركة المدنية والشبابية.
سائد كراجه من معهد الإعلام الأردني شكر الجامعة على الدور الذي تلعبه في وجودها مع الحدث بالمعنى الثقافي والإنساني والفكري ومشاركتها لطلبتها في مختلف القضايا التي تهم المجتمع الأردني والعربي، لافتا إلى أن الإعلام لم يعد نقلا للخبر فقط وإنما أصبح جزءاً من تكوين الحضارة وثقافة المجتمع، وإن لم يكن الإعلام موضوعياً فستنتج حالة من التطرف الفكري، داعيا الشباب إلى طرح الأسئلة العميقة فكل التحولات تبدأ بأسئلة مهما كانت صعبة .
وتضمن برنامج الورشة عقد أربع جلسات عمل الأولى ناقشت محور "التطرف ... تعريفة وأنواعه ونماذج منه " لكل من وليد حسني من صحيفة العربي اليوم وسائد كراجه من منتدى الفكر العربي، والثانية ناقشت "الطرف الديني – دور الخطاب الديني في تغذية الإرهاب (تحليلات علمية) لكل من الدكتور عامر الحافي من جامعة آل البيت والدكتور يحي القضاة من جامعة العلوم الإسلامية، والجلسة الثالثة ناقشت "التطرف والإعلام – آليات ووسائل نشر التطرف اليديني" لكل من الدكتور حاتم علاونة والدكتور غالب شطناوي من جامعة اليرموك، أما الجلسة الأخيرة فقد ناقشت "آليات مواجهة الخطاب المتطرف من خلال الإعلام" لكل من الدكتور علاء الدليمي من جامعة اليرموك وعبدالله مبيضين من معهد الإعلام الأردني .
وحضر افتتاح الورشة عدد من العمداء والمسؤولين وأعضاء هيئة التدريس بالكلية وحشد من الطلبة.