الدكتور احمد العياصرة يكتب : الشهيد وصفي التل .. قدوتنا ورمز صمودنا وعنوان فخارنا
هوا الأردن - بقلم الصحفي د.أحمد العياصرة*
نترحم على روح الشهيد الأردني الذي نستذكره في كل لحظة ، والذي نذر نفسه من أجل وطنه وأمته فكان الأردن عنوانه والشعب همه وحياته والأمة ضميره ووجدانه ، كان يواصل الليل بالنهار ليجعل من الأردن إنموذجاً يتحذى وحياة إنسانه عز و نعيم وكرامة متاصلة شامخة كشموخ جبال الشراه ، لذلك سكن أبو مصطفى قلوب الملايين ، لأنه قدوتهم ولسان حالهم ومعنى للتحدي والتضحية والبذل والعطاء والإنسانية والتواضع .
كان رحمه الله سلاح مسلط على رقاب الفاسدين والمفسدين ، محافظاً على المال العام و محاربا لكافة أشكال إستغلال المواطن لينعم أبناء الوطن الأردني الجامع بالحياة الكريمة لا حياة جحيم ومعاناة ، نعم ذاك الرجل الذي لا يعرف الخوف الى قلبه طريق وليس للكذب والتخاذل في قاموسه نصيب ، كان مؤمناً بأن الحكم أمانة والعمل من أجل الوطن مقدس والدفاع عن فلسطين واجب مفروض .
أيها الشهيد البطل رحلت وتركت الفساد يتفشى فينا والذئاب تنهش جيوبنا وأجسادنا وحتى مستقبلنا وأمانينا ، فأهلكوا الوطن ومؤسساته وحولوا حياة المواطن الى سعير ملتهب وما زال المفسدون يجثمون على صدورنا ويتمتعون بخيرات الوطن ويزاودوا علينا بالوطنية جاعلين من أنفسهم القدوة للوفاء والإخلاص الظاهري ولكن المخفي أعظم .
أنهض أيها الشهيد من ثراك لترى ما ألت اليه الأمور لتحمد الله أنك نلت الشهادة وأنتقلت إلى الرفيق الأعلى قبل أن يصبح أشرار القوم أسيادهم ، و جحيم المفسدين يأكل الأخضر قبل اليأبس وهم في مقدمة الركب والفساد يستشري فينا وأصبح طموح المواطن أن يرى شبهة نزاهة ، بعد أن عم الفساد بما فعلت أيدي الناس ولكننا سنبقى قابضين على جمر الوطن حباً به وليس خوفاً منهم.
أيها الوفي في زمن قل فيه الوفاء وأيها الأمين في زمن كثرت به الخيانة وأيها الصادق في زمن الكذب ، أيها الرجل في زمن الرويبضه ، أيها الشجاع في زمن الخوف ، أيها البطل في زمن الجبن ، هاهي فلسطين والأقصى ينادونك والشعوب يناجونك أنهض يا وصفي .. هلكتنا الحياة .. صرعتنا الأيام .. خذلنا الرجال .. قهرنا العدو .. ولا منقذ الا الله .. أنهض لتقف لجانب الأردن وجلالة الملك عبدالله لتعينه على تحقيق مسيرة الإصلاح والتحدي .
أيها الرجل الذي عشقناك دون أن نراك .. أيها الغالي الذي عزت علينا الدنيا معاك .. أيها البطل في زمن الجبن .. مازلت تكيد أعدائك في ثراك ونفخر نحن أبنائك في مطراك لأن أسمك يرعب أعدائنا وأعدائك .
يا من تحديت الخونة وذهبت رغم أنوفهم للمنية مؤمناً أن الحياة بيد الله ولكل أجل كتاب لتدافع عن المقدسات التي عاشت في قلبك ، حتى أمتدت إليك يد الخونة العملاء من أعداء فلسطين فكان الأجل ينتظرك في القاهرة ليسجلك التاريخ في صفر الخلود عنواناً أردنياً للشهادة ، وهم في مزابل التاريخ ، نعم في جنات الخلد مع الانبياء والشهداء يا وصفي ، وأولئك الخونة في الجحيم قابعين .
وصفي .. يا وجع الأردنيين .. يا حبيب المخلصين
لتعلم أيها البطل الغالي أن موقعك كرئيساً للحكومة ما زال شاغراً حتى هذا اليوم ، ولا نجد من يسد هذا الفراغ لان النساء لم تلد مثلك في حب الأردن وإنسانه وصفاته ووفائه .
عليك الرحمة من الله ونحن نستذكرك في كل حين وعندما تقسوا علينا الحياة نخاطب أصحاب النفوس المريضة بكلماتك المأثورة "أن الذين يعتقدون أن هذا البلد قد انتهى واهمون، والذين يعتقدون أن هذا البلد بلا عزوة واهمون كذلك، والذين يتصرفون بما يخص هذا البلد كأنه (جورعة) مال داشر واهمون كذلك، والذين يتصرفون كالفئران الخائفة على سفينة في بحر هائج سيغرقون هم كما تغرق الفئران وستبقى السفينة تمخر العباب إلى شاطئ السلامة".
نعم يا وصفي ... لا نستذكرك فقط ذكرى إستشهادك .. فأنت حياً فينا ما حيينا .
*رئيس تحرير وكالة هوا الأردن الإخبارية