الصحفي أحمد العياصرة يكتب : وصفي كم نحن بحاجة اليك ..!!

هوا الأردن - كتب الدكتور أحمد العياصرة
كنا صبية نلعب بالحارات والفرح يرتسم على وجوهنا رغم قساوة الحياة.. فجأة تعالت صراخ وبكاء النساء، ورفعت الأعلام السوداء ،وأطلقت العيارات النارية تعبيرا عن الغضب والأخذ بالثأر،وخيم الحزن على وجوه الناس الذين أصابهم الذهول من هول الجريمة النكراء التي وقعت.. فعلمنا أنه تم اغتيال رئيس الوزراء وصفي التل على يد ثلة حاقدة لا تخاف الله.
لم ندرك حجم المصيبة التي حلت باستشهاد" وصفي "لأننا لا نعرف ما هو وصفي ، كما هو الحال الذي أصاب آبائنا الذين ذرفوا دموع الحزن عليه.
مضت السنين وكبرنا وعرفنا كم كان حجم المصيبة واصبحنا نسمع عن رجل المصاعب والمواقف الوطنية العظيمة وقتها عرفت من هو وصفي التل رئيس الوزراء الذي مازال هذا المنصب شاغرا في الأردن منذ استشهاده الى يومنا هذا.
وتكبر الذكرى مع ازدياد الحاجة لمثل هذا الرجل في هذا الزمن المتردي الذي ظهر به الفاسدين والمفسدين الذين أصبحوا يتربعون على كراسي السلطة ومناصب الدولة ليحققوا مصالحهم الخاصة على حساب الشعب والوطن.
لقد سجلت يا سيدي بدمائك الزكية صفحات مشرقة في سفر الخلود ليتدارس الأجيال كيف حب الوطن والتضحية من أجله ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه بحبك لوطنك ووفائك لأردنك وإخلاصك لقضية فلسطين وانجازاتك ومحبتك للأردنيين وأبناء العروبة.
كان رحمه الله المثال الذي يحتذى بالمواطنة الصالحة والمزارع المتشبث بأرضه والمعلم الوفي لرسالته والضابط القدوة لجنده ورئيس الوزراء الامين المحافظ على ممتلكات الوطن والمال العام.
لقد سمعنا وقرأنا الكثير من قصص وصفي خلال سيرة حياته الحافلة بالعطاء عندما كان ضابطا بالجيش البريطاني وجيش الجهاد المقدس ومحاربا شرسا لتحرير فلسطين وموظفا مثاليا في كل المواقع.
وقصص كثيرة عندما كان مدير الاذاعة الاردنية ومواقف وحكايات النزاهة ونظافة اليد وهو رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع فكان همه العمل الدؤوب من أجل الأردن ورفعته وخدمة أبناءه وتحرير فلسطين والمقدسات ومعارضا لحرب حزيران الخاسرة.
كان رحمه الله يعيش براتبه وورث الديون لأهله ولم يورث الأرصدة ليستغنى بها ويفسدون كما هو حال رؤساء الوزارات والمسؤولين في هذا الزمن المتردي.
سيدي ... لقد ضاقت بك صدور الزعماء والحكام أعداء الانسانية والحق نتيجة مواقفك الصلبة وأفعالك التي يشهد لها الجميع جعلتهم يدبروا لك المكائد والمؤامرات لقتل قطب العدالة والرجولة في زمن تندر به الرجال ليسود الفساد ويكبر الفاسدين ، فبحثوا عمن ينفذ الجريمة من تجار الأرض والعرض وسماسرة القضية مستغلين اندفاعك ودفاعك عن قضية فلسطين في مؤتمر مجلس الدفاع العربي المشترك لتنال رصاصات الغدر والخيانة من صدرك المؤمن بالله وقلبك المعمر بحب الوطن وإنسانه، فاستطاعوا قتل كل شريف انت القدوة له بقتلك .
نعم بعد ان كبرنا ادركنا حجم المصيبة التي وقعت عام1971على الوطن بإستشهادك سيدي وبالذكرى الخامسة والاربعين تتعاظم الذكرى بحاجتنا في هذا الزمن اليك يا زعيم الشهداء والرجال لتقف في وجه قرارات المسؤولين التي تحل علينا كل يوم بمصيبة لا يريدون ان يحققوا منها الا منفعتهم وخدمة مصالحهم الخاصة.
آه يا وصفي كم نحن بحاجة اليك في هذا الوقت لتعرف كم فتك اعداء الانسانية والوطن بحياة ابنائك واخوانك لتخوض ضدهم حربا ضروس من اجل تحرير الوطن ومصالحه من قيودهم التي فرضوها بعد ان فقدنا مواقف الرجولة والجراءة بقول الحق من بعدك .
وفي هذه الذكرى سيدي نقول لك نم قرير العين في جنات الخلد مع الانبياء والشهداء وحسبك انك لم تمت بل تعيش في قلوب الشرفاء من ابناء وطنك الذي يعظمون ذكرى استشهادك كلما حلت عليهم مصيبة لعلهم يصحو من غفوتهم ويشفو من نفاقهم وتخاف قلوبهم من الغد القادم الملئ بالاحقاد عليهم ولن ينالوا من الذكرى شيء بل سيذهبون الى مزابل التاريخ وانت خالدا في قلوب الملايين الذين يتمنون لو عرفوك ساعات عن قرب لك الرحمة ايها الشهيد ولنا من بعدك الصبر وحسبنا الله ونعم الوكيل.
*رئيس تحرير وكالة هوا الأردن الإخبارية