الاقتصاد العالمي يظهر علامات التعافي
قال خبراء إن الاقتصاد العالمي بدأ يخرج تدريجيا من حالة الركود مع تخفيف عمليات الإغلاق، مع تراجع معدلات الانكماش في معظم أنحاء أوروبا وآسيا هذا الشهر، وفقا لاستطلاعات مديري المشتريات.
ويعد هذا التحسن، وإن كان مؤقتا، الأكثر وضوحا في البلدان التي أصدرت قواعد إغلاق، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بشكل حاد في مارس وأبريل ومايو.
ويشير الخبراء إلى أن الانتعاش الأقوى في حزيران، يرجع إلى رفع القيود، خاصة مع ارتفاع مؤشر مديري المشتريات المركب لشركة البيانات IHS Markit لفرنسا إلى 51.3 في يونيو من 32.1 في آيار، ما يشير إلى توسع في نشاط القطاع الخاص للمرة الأولى منذ شباط، إذ يشير المستوى دون 50 إلى انخفاض في النشاط.
مشوار طويل في اليابان
لكن الاستطلاعات سجلت أيضا انخفاضا مستمرا في النشاط في البلدان التي فرضت عمليات إغلاق أكثر ليونة، بما في ذلك ألمانيا واليابان.
ووفقا لصحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، سجلت اليابان انخفاضا حادا في نشاط الصناعات التحويلية عما كان عليه في شهر مايو، ما يشير إلى أن مسار عودة الاقتصاد إلى ما كان عليه قبل الوباء سيكون على الأرجح طويلا ووعرا.
وفي أوروبا، ارتفع مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو، وهو مقياس للنشاط في قطاعي التصنيع والخدمات، إلى 47.5 في يونيو من 31.9 في مايو، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ فبراير، وقبل شهر من بدء عمليات الإغلاق في معظم القارة.
وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين التجاريين لدى IHS Markit: ”مع استمرار غموض توقيت العودة إلى الوضع الطبيعي، ومن المرجح أن تستمر القيود المتعلقة بالفيروس في ضرب العديد من الشركات لبقية العام، فإننا لا نزال حذرين للغاية من قوة واستدامة أي انتعاش اقتصادي“.
وإلى جانب تحسن مؤشر مديري المشتريات، شهدت فرنسا علامات أخرى على الاستقرار، حيث انخفضت الطلبيات الجديدة بشكل طفيف فقط، وتباطأ انخفاض الرواتب.
عودة النمو
وشهدت أستراليا أيضا عودة إلى النمو، حيث قفز مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 52.6 من 28.1، ونما النشاط في قطاع الخدمات مرة أخرى بعد 5 أشهر من التراجع، لكن الإنتاج الصناعي سجل انخفاضا طفيفا، مع تخفيض الشركات للعمالة.
وقال جاريث أيرد، وهو خبير اقتصادي في بنك الكومنولث الأسترالي: ”لقد تجاوزنا الآن ذروة الانخفاض في النشاط الاقتصادي، وكان الانخفاض في معدلات التوظيف مخيبا للآمال، ومن المتوقع أن نشهد ارتفاعا في المعدلات“.
وفي المملكة المتحدة، سادس أكبر اقتصاد في العالم، عاد قطاع التصنيع إلى النمو، بينما تراجع الانكماش في قطاع الخدمات.
وعلى النقيض من ذلك، انخفض النشاط في ألمانيا واليابان، وفي الأخيرة كان الانخفاض في نشاط الصناعات التحويلية أكثر حدة مما كان عليه في مايو.
ويشير هذا الضعف المستمر في ثالث ورابع أكبر اقتصادات في العالم إلى أن المسار المؤدي إلى مستويات الإنتاج التي تم تسجيلها قبل الوباء، سيكون على الأرجح طويلا ووعرا.
ومن المتوقع أن تشير استطلاعات مماثلة للولايات المتحدة، ستصدر خلال الأيام المقبلة، إلى عودة النمو في قطاع التصنيع، وانخفاض أصغر في نشاط الخدمات.
مؤشرات الاستقرار
وتظهر المؤشرات عودة النمو في فرنسا وأستراليا، إلى جانب مؤشرات الاستقرار في أماكن أخرى، بينما يعيد الاقتصاديون تقييم توقعاتهم الأكثر تشاؤما للاقتصاد العالمي خلال الأشهر الثلاثة حتى يونيو.
ولا يزال الخبراء يتوقعون أكبر انكماش مسجل لأجزاء كثيرة من الاقتصاد العالمي في الربع الثاني، لكنهم يعدلون تقديراتهم لحجم هذا الانخفاض في الناتج، وسط دلائل على أن إنفاق المستهلكين قد ارتفع في الأسابيع الأخيرة، وفقدان الوظائف تضاءل عما كان متوقعا.
وقال بنك ”بيرنبرغ“ الألماني، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 4.1% هذا العام، بعد أن توقع في السابق أن يشهد انخفاضا بنسبة 6.1% في الإنتاج. وبالنسبة لمنطقة اليورو، يتوقع الاقتصاديون في البنك أن يصل الانكماش إلى 9%، بدلا من 9.6% المتوقعة سابقا.
ومن نتائج عمليات الإغلاق التي انتشرت حول العالم انهيار الصادرات والواردات، ولكن منظمة التجارة العالمية استبعدت يوم الإثنين، أن تنخفض التدفقات التجارية بمقدار الثلث هذا العام، وهو انخفاض غير مسبوق قالت إنه كان ممكنا في أبريل.
وقال روبرتو أزيفيدو، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية: ”إن الهبوط في التجارة الذي نشهده الآن كبير بشكل قياسي، وسيكون الأكثر حدة على الإطلاق، لكن هناك جانبا إيجابيا مهما، وهو أن الأمور كان من الممكن أن تكون أسوأ من ذلك بكثير“.