مختصون: التصدير والاحتكار رفعا أسعار الأضاحي فوق قدرة المواطنين

شهدت أسعار الأضاحي خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا فاق قدرات العديد من الأردنيين على أداء هذه الشعيرة، في وقت تتصاعد فيه المعلومات عن ارتفاع جديد في أسعارها لهذا العام، بشكل يفوق الأعوام الماضية.
وما تزال هناك مخاوف من تراجع أكبر في مبيعات الأضاحي بمختلف أنواعها، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.
وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية مربي المواشي، زعل الكواليت، إنّ أسعار الأضاحي في الأردن تشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، نتيجة عوامل متراكمة محلية ودولية، أبرزها الجفاف، وتراجع الإنتاج المحلي، وارتفاع تكاليف التربية، إلى جانب اضطرابات في أسواق الاستيراد العالمية، ما أثّر سلبًا على حجم المعروض، وزاد من الأعباء على المواطنين مع اقتراب عيد الأضحى.
وبيّن الكواليت أن تصدير المواشي إلى الخارج ساهم أيضًا في تقليص الكميات المتاحة في السوق المحلي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن الظروف العالمية أسهمت كذلك في تفاقم الأزمة.
وأوضح أن استيراد المواشي تأثّر بالحروب والنزاعات، لا سيما مع تراجع صادرات السودان ومنع أستراليا من تصدير الأغنام الحية، والجفاف في المغرب، إلى جانب دخول الجزائر كمستورد كبير للمواشي الرومانية، وهو ما تسبب في زيادة الطلب على هذا النوع من اللحوم. كما لعبت الحرب الروسية الأوكرانية واضطرابات اليمن دورًا في رفع كلفة الأعلاف عالميًا.
وأشار إلى أن الطلب العالمي على اللحوم يرتفع مع اقتراب عيد الأضحى، مؤكدًا أن غياب السوق الأسترالي وقلة المعروض من الأغنام الرومانية فتحا المجال لاحتكار بعض كبار التجار ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وتوقّع الكواليت أن تشهد الأسعار انخفاضًا ملحوظًا بعد اليوم الأول من العيد، خاصة في صنف المواشي الرومانية مرتفعة السعر.
وكشف الكواليت أن واردات الأردن من المواشي انخفضت، حيث يبلغ الاستيراد السنوي نحو 650 ألف رأس حي، إضافة إلى أكثر من مليون وربع المليون رأس من اللحوم المبردة، إلا أن هذه الأرقام تتفاوت من عام إلى آخر تبعًا للطلب ووتيرة الاستيراد.
وبيّن أن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت بشكل واضح منذ عام 2018، مقابل ارتفاع في أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى ضعف الإقبال على الأضاحي في السنوات الأخيرة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن تكلفة الأضحية، التي تُقدّر بنحو 250 دينارًا، تمثل ما بين 45% إلى 50% من دخل غالبية الأسر الأردنية، إذ ينتمي نحو 67% منها إلى هذه الشريحة.
وهو ما يشكل عبئًا ماليًا ثقيلًا يستنزف نصف موازنة الأسرة، ويؤدي بالتالي إلى تراجع في الطلب المحلي على الأضاحي.
وأضاف أن أسعار الأضاحي في السوق الأردني شهدت خلال الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعة بجملة من العوامل الاقتصادية والتصديرية التي تراكمت على مدار السنوات الماضية، وأثّرت بشكل مباشر على تكاليف الإنتاج.
وبيّن أن أسعار الأعلاف، وهي من أبرز مدخلات تربية المواشي، سجلت ارتفاعًا تراوح بين 20% إلى 30%، إلى جانب زيادة في أسعار الوقود، ما أدى إلى ارتفاع كلفة تربية الأغنام محليًا، رغم استمرار الحكومة الأردنية في تقديم دعم للأعلاف للحد من الأعباء على المزارعين.
وأشار إلى أن فتح باب تصدير المواشي إلى دول الخليج، بعد سنوات من الحظر، ساهم في زيادة الطلب الخارجي وخفض المعروض المحلي، الأمر الذي انعكس على الأسعار في السوق الداخلي، وتشير البيانات إلى أن حجم التصدير وصل إلى نحو 250 ألف رأس من الماشية، وهو ما يشكل ما بين 10% إلى 12% من إجمالي الصادرات الأردنية.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف الشحن، وتراجع القوة الشرائية للمواطن الأردني نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة والطاقة، ساهمت في محدودية العرض، لا سيما في الأضاحي المستوردة، ودفع الأسعار إلى الأعلى.
وقدم عايش حلولًا لمعالجة ارتفاع أسعار الأضاحي والتخفيف من الأعباء على المواطنين، أبرزها العمل على تخفيض الأسعار من خلال دعم إضافي مباشر للمزارعين، وتقليل الكلف التشغيلية، كما طرح خيار تقسيط ثمن الأضاحي على دفعات، بما يتيح للأسر الأردنية إمكانية الشراء دون تحميل موازناتها دفعة واحدة عبء التكلفة الكاملة.
وأضاف أن على وزارة الزراعة الإسراع في الاستثمار في قطاع الأمن الغذائي، من خلال إنشاء وتوفير مزارع مخصصة لتربية الأضاحي، تهدف إلى تخفيض كلف الإنتاج عبر بنية تحتية مدعومة وتسهيلات للمربين.