ابوغليون: لا اخطاء في امتحان الرياضيات و20% نسبة قياس المهارات العليا

أكد رئيس فريق تأليف مناهج الرياضيات الدكتور عمر ابو غليون، أن امتحان الرياضيات للتوجيهي الورقة الاولى، كان سليمًا علميًّا، خاليًا من الأخطاء، ومنسجمًا تمامًا مع نتاجات التعلم التي يهدف الكتاب المدرسي إلى تحقيقها.
وقال ابو غليون الاستاذ في كلية العلوم التربوية بالجامعة الأردنية، إنه في خضم الجدل الدائر حول امتحان الرياضيات للفرع العلمي، يخفت وسط ضجيج الانفعال صوت الإنصاف، ويعلو صوت نقد غير موضوعي تقوده فئة تؤجج الرأي العام، وكأن الأمر ليس امتحانًا تربويًا يخضع لمعايير دقيقة، بل ساحة خصومة مفتوحة.
وأضاف، أن بوصفه رئيسًا لفريق تأليف مناهج الرياضيات، دأب منذ سنوات على تحليل أسئلة امتحان الرياضيات في كل دورة امتحانية، ومناقشته بشكل تفصيلي مع عدد من المختصين والزملاء الذين قاموا على تأليف كتاب الرياضيات للصف الثاني عشر؛ بهدف التحقق من مدى انسجامه مع الكتاب المدرسي الذي يزعم أنه يلِمُّ بأدق تفاصيله، وقد قام بهذا الإجراء فور انتهاء الورقة الأولى للفرع العلمي، ليمكنه القول بكل تجرُّد ومسؤولية: إن الامتحان كان سليمًا علميًّا، خاليًا من الأخطاء، ومنسجمًا تمامًا مع نتاجات التعلم التي يهدف الكتاب المدرسي إلى تحقيقها.
وبين أن الأسئلة تنوعت، وشملت جميع دروس الكتاب وموضوعاته، وراعت الفروق الفردية بين الطلبة من حيث المهارات والمعرفة، مقدرا أن نسبة 20% فقط من الأسئلة كانت تقيس مهارات التفكير العليا، مقابل 40% لأسئلة الفهم والتطبيق، في حين كانت البقية ضمن مستوى المعرفة والتذكّر.
ويرى ابوغليون أن هذا الامتحان أنجح مما سبقه من امتحانات، سيما في مدى اقترابه من محتوى الكتاب المدرسي، ومع ذلك، فوجئ بموجة الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، التي وصفت الامتحان بالفشل والتعقيد.
وقال إن بعض الزملاء بالغوا حين ادّعوا بأن 70% من الأسئلة تصنف على أنها مهارات تفكير عليا، وهي نسبة مبالغ فيها إلى حد الاستغراب! وتفتقر إلى تحليل موضوعي، وقد ظهرت فيديوهات انفعالية آنيّة بعيد الامتحان انتقدته بعمومية، دون إشارة إلى أي من الجوانب الإيجابية فيه بإنصاف وتجرّد، وهو ما أسهم في تشويه صورة الامتحان أمام الطلبة وأولياء الأمور وأثار حفيظتهم بشكل مؤسف.
وأوضح أن وزارة التربية والتعليم – بما تضطلع به من مسؤولية وطنية – حريصة على مصلحة الطلبة بكافة مستوياتهم، ولا يمكنها بناء امتحان رياضيات يمايز بين الطلبة بشكل دقيق دون توظيف حصيف لأسئلة مهارات التفكير العليا.
وأشار إلى أن الوزارة أحسنت صنعًا عندما أصدرت بيانًا، فنّدت فيه الادعاءات المغلوطة بالأرقام والأدلة، إذ كشفت أن نسبة أسئلة مهارات التفكير العليا في الامتحان لم تتجاوز 17%، وربطت كثيرًا من أسئلة الامتحان بما يشابهها في الكتاب المدرسي، وردّت بدقة على دعاوى "التشابه الخادع" أو "التحوير الخبيث" للأسئلة كما وصفها البعض، بل وفنّدت ما قيل عن وجود سؤال من كتاب الفصل الدراسي الثاني.
وأضاف، أن استوقفه في بيان الوزارة تنويه بالغ الدقة من الناحية التربوية، ومفاده أن سؤال مهارات التفكير العليا، بمجرد أن يتعرض له الطالب مسبقًا أو يتدرب على نمط مشابه له، يفقد طابعه كـسؤال مهارات تفكير عليا، ويتحوّل إلى سؤال معرفة وتذكّر، فالسؤال الذي يشبه أيًّا من أسئلة الكتاب أو أمثلته يكون مألوفًا للطالب ولا يستدعي توظيف مهارات ما وراء المعرفة والتحليل العميق، بل يُحلّ بشكل مباشر دون جهد ذهني يُذكَر، وهنا تبرز أهمية التزام الطلبة بالكتاب المدرسي ودراسته بعمق قبل التشتّت وراء مصادر إضافية قد تخلق انطباعًا زائفًا عن طبيعة الامتحان.
أما بشأن ما أُثير حول الزمن المخصص للامتحان، قال ابوغليون، إن المسلّم به أن الزمن عاملٌ أساسيٌ في بناء أي اختبار معياري عادل، إذ يُقاس من خلاله مستوى الكفاءة إلى جانب المعرفة والمهارة. وقد رصد من خلال متابعته لردود فعل الطلبة في وسائل الإعلام أن بعضهم أضاع وقتًا طويلًا في محاولة حل الأسئلة الأصعب دون تطبيق استراتيجية "التجاوز والعودة"، وهي استراتيجية فعالة لإدارة زمن الامتحان، وفي المقابل أكّد له عدد من الطلبة الذين تواصل معهم شخصيًا أنهم أنهَوا حل الامتحان كاملًا في أقل من ساعتين، مما يعزز فرضية أن المدة الزمنية كانت كافية في تقديرهم.
ودعا الزملاء إلى التروّي في النقد، قائلا لهم: رفقًا بأبنائنا الطلبة، وتريّثًا قبل إصدار الأحكام، فالحُكم العادل لا يُبنى على الانطباع بل على الأرقام، والوزارة لم تُنهِ بعدُ عملية التصحيح، وقد تفاجئنا نتائج الامتحان بنسبة عالية من المتفوقين الذين يحرزون العلامة الكاملة! ما سيبرهن حينها أن الامتحان كان منصفًا ومتوازنًا وأن الزمن المخصص له كان مناسبًا.