الأردن ومصر: ضرورة تحالف دفاعي استراتيجي في مواجهة المشروع الصهيوني

هوا الأردن - محمد العرسان
في ظل التحديات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة، تبرز العلاقة الأردنية‑المصرية كركيزة ثابتة في معادلة الاستقرار العربي. ومع تصاعد الخطاب التوسعي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لا تبدو الحاجة إلى تعاون أمني بين عمّان والقاهرة مجرد خيار، بل ضرورة وجودية لحماية السيادة والأمن القومي لكلا البلدين.
في تصريحاته الأخيرة جدد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التزامه برؤية "إسرائيل الكبرى"، معتبرًا إياها مهمة تاريخية وروحية. هذه التصريحات أثارت موجة من الرفض والاستنكار في عواصم عربية عدة، وعلى رأسها الأردن ومصر. فقد اعتبر الأردن هذه التصريحات تهديدًا مباشرًا لسيادته، بينما عبّرت مصر عن قلق بالغ تجاه هذا الخطاب التوسعي، محذّرة من مخاطره على استقرار المنطقة بأكملها.
في هذا السياق، يصبح من الواضح أن العلاقة الدفاعية بين الأردن ومصر لا يجب أن تبقى في إطار التنسيق التقليدي، بل يجب أن تتطور نحو تحالف استراتيجي قادر على مجابهة التحديات المستجدة. فكما شهدنا تحالفًا عسكريًا مشتركًا بين البلدين قبيل حرب يونيو 1967، فإن المرحلة الحالية تفرض إعادة بناء هذا التحالف، ولكن بصيغة معاصرة تستجيب لطبيعة التهديدات الراهنة والمعقدة.
يمتلك البلدان مقومات تكامل حقيقية: فمصر، بتاريخها العسكري الطويل وبنيتها اللوجستية القوية، تمثل قوة إقليمية فاعلة، فيما يشكّل الأردن نقطة تماس مباشر مع التهديدات الجيوسياسية، ويمتاز بموقع استراتيجي حساس وبجيش مدرّب وذو كفاءة. بين الطرفين مجالات تعاون عديدة، تشمل تبادل المعلومات الاستخبارية، والتدريب العسكري المشترك، والتنسيق في ملفات مكافحة الإرهاب والدفاع الجوي.
وفي ظل التوترات الإقليمية، يمكن للبُعد الدبلوماسي لهذا التحالف أن يبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي: هناك محور عربي عاقل وفاعل مستعد للدفاع عن مصالحه وسيادته، ليس بدافع الحرب أو التصعيد، بل دفاعًا عن استقرار مستحق، وسلام لا يقوم على القوة أو الإملاءات.
ويبقى السؤال: هل يمكن لهذا التعاون أن يتحول إلى نواة لتحالف عربي أوسع، يعيد تعريف مفهوم الأمن الجماعي في العالم العربي؟ هذا الرهان يعتمد على إرادة سياسية صلبة، واستعداد حقيقي من قبل القيادات في البلدين لتجاوز الحسابات الضيقة، والعمل وفق رؤية استراتيجية شاملة.
خطاب نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى" لا يمكن التعامل معه كمجرد تصريح عابر. إنه إعلان نوايا يتطلب استعدادًا عربيًا استباقيًا، أمنيًا وسياسيًا. وفي هذا الإطار، لا يبدو التحالف الدفاعي بين الأردن ومصر ترفًا أو خيارًا قابلًا للتأجيل، بل ضرورة وطنية واستراتيجية لا تقبل المساومة.