آخر الأخبار
ticker بحضور السفير الأردني في الهند .. الأردن يقدّم يوماً ثقافياً وموسيقياً استثنائياً في المهرجان العالمي بالهند (عالم واحد عائلة واحدة) ticker الاحتلال يعترض صاروخاً يمنياً .. وملايين "الإسرائيليين" يهرعون للملاجئ ticker الشواربة يتفقد سير العمل في مشروع تجميل المحطة ticker مضاربات على أراضي الموقر ticker الأردن قد يدرس تعليق العلاقات مع "الاحتلال" .. وإجراءات أخرى ticker البريطانيون يصفون ما يحدث في غزة بـ "هولوكوست" ticker ارتفاع حاد في حالات بتر الأطراف بمستشفيات غزة ticker مركز تقييم الكفايات يعقد أولى اختباراته التنافسية في المحافظات ticker العيسوي يلتقي وفد وجهاء ومتقاعدين عسكريين من عشيرة الخضير ticker العلوم والتكنولوجيا تنظم يوماً طبياً مجانياً في الأزرق ticker جامعات عالمية تقاطع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية ticker الصفدي ونظيرته البريطانية يبحثان أوضاع المنطقة ticker بلدية بيرين تباشر توسعة المنعطفات الخطرة ticker بدء موسم قطف الرمان في الكورة ticker انقطاع الكوابل البحرية يبرز أهمية المسارات البديلة لحماية الإنترنت ticker وزير الإدارة المحلية يتفقد بلديات جرش وباب عمان والعيون والشفا ticker العون الأردنية: خطة وطنية للتعامل مع الخرف ومرض الزهايمر ticker ريال مدريد يواصل صدارة الليجا بفوز صعب على ريال سوسيداد ticker الأشغال: إنجاز صيانة مقطع من طريق بغداد بـ 775 ألف دينار ticker وزير الشباب يتفقد مشروع المستنبت الزراعي في زيزيا

دراسة لحزب عزم: ليبرالية الاقتصاد الأردني والتنمية الشمولية

{title}
هوا الأردن -

اطلق مركز حزب عزم للدراسات الاستراتيجية، اليوم السبت، دراسة جديدة بعنوان "ليبرالية الاقتصاد الأردني والتنمية الشمولية"، تاليا نصها:

في العقود الأخيرة، برزت الليبرالية كإطار فكري واقتصادي يسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والسوق. اقتصاديون بارزون مثل ميلتون فريدمان وفريدريش هايك اعتبروا أن تدخل الدولة في الاقتصاد يمثل العائق الأكبر أمام النمو، وأن السوق قادر على تنظيم نفسه دون قيود، فيما تُعد الحرية الاقتصادية الضمانة الأهم للحرية السياسية. هذه الرؤية تحولت إلى سياسات عملية عالمية، بدءًا من بريطانيا مع تاتشر، والولايات المتحدة مع ريجان، حيث طبقت سياسات تحرير الأسواق، الخصخصة، تقليص دور الدولة، والانفتاح التجاري والمالي.

قدمت الليبرالية وعدًا بتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة الكفاءة والإنتاجية، وخلق فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة عبر المنافسة وتخفيض الأسعار. ومع ذلك، فإن نتائج هذه السياسات لم تكن متجانسة على المستوى العالمي، إذ حققت نجاحًا في بعض الدول، بينما عمّقت الأزمات في دول أخرى. ويعود هذا التباين إلى قوة المؤسسات، وجودة القيادة السياسية، والتوازن بين التحرير الاقتصادي والحماية الاجتماعية، وهو ما يجعل درس الأردن أكثر تعقيدًا وخصوصية.

تجارب دول مثل تشيلي وكوريا الجنوبية وسنغافورة وإستونيا والمانيا تقدم نماذج متعددة لفهم كيفية تطبيق النظريات الليبرالية بذكاء. في تشيلي، بعد انقلاب 1973، طبق صبية شيكاغو Chicago Boys)) الاقتصاديون إصلاحات جذرية شملت خصخصة واسعة، تحرير التجارة، وضبط التضخم، مما أدى على المدى الطويل إلى اقتصاد أكثر استقرارًا، ارتفاع الناتج المحلي بنسبة 5%، وتضاعف الصادرات، خصوصًا في قطاع النحاس والزراعة، رغم القسوة الاجتماعية في المراحل الأولى.

كوريا الجنوبية اتبعت نموذجًا مختلفًا، حيث اعتمدت الدولة منذ الستينيات على تنمية صناعية موجهة مع استثمارات ضخمة في التعليم، قبل أن تضطر خلال الأزمة الآسيوية عام 1997 إلى تبني إصلاحات ليبرالية بإشراف صندوق النقد الدولي، شملت تحرير النظام المالي، إعادة هيكلة البنوك والشركات، وتعزيز الشفافية. نجاح كوريا لم يكن مجرد استجابة لصندوق النقد، بل نتيجة لبناء قاعدة تعليمية وصناعية قوية مكنت الاقتصاد من التكيف مع الإصلاحات دون انهيار شامل، لتصبح الدولة واحدة من أكبر الاقتصادات القادرة على المنافسة عالميًا.

سنغافورة جسّدت نموذجًا آخر، يجمع بين الانفتاح الليبرالي والتدخل الحكومي الذكي، عبر جذب الاستثمار الأجنبي، وبيئة ضريبية محفزة، واستثمار ضخم في التعليم والصحة والبنية التحتية. بقيادة لي كوان يو، انتقلت سنغافورة من دولة فقيرة إلى مركز مالي عالمي، مع دخل فردي تجاوز 70,000 دولار سنويًا. أما إستونيا، فقد ربطت سياساتها الليبرالية بعد الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي عام 1991 ببرنامج رقمنة الدولة لتعزيز الشفافية، وجذب الاستثمارات التكنولوجية، وتحقيق نمو ديناميكي في أوروبا الشرقية، المانيا، بعد انهيار الكتلة الشيوعية، وإعادة التوحيد، عانت المانيا من أزمات مختلفة، فلجأت الى أسلوب المزج بين مبادئ السوق الحرة والعدالة الاجتماعية، فيما يُعرف بـاقتصاد السوق اليبرالي الاجتماعي، ونجحت في ذلك.

في المقابل، تظهر تجارب الأرجنتين ومصر والأردن الوجه الآخر لليبرالية حين تُطبق بطريقة مشوهة. الأرجنتين في التسعينيات غرقت في أزمة ديون نتيجة ضعف المؤسسات، وفساد سياسي، وغياب خطط طويلة المدى، مما أدى إلى انهيار اقتصادي مدوٍ عام 2001. مصر، رغم خصخصة بعض القطاعات، فشلت في حماية الفئات الفقيرة، واستفادت نخب محدودة فقط، مما أدى إلى اتساع الفجوة الاجتماعية وضعف الاستثمار الإنتاجي.

تشير المقارنة إلى أن عوامل النجاح في تطبيق السياسة الاقتصادية اليبرالية تشمل، وجود مؤسسات قوية وشفافة، وقيادة سياسية برؤية استراتيجية، ومكافحة الفساد، والاستثمار في رأس المال البشري، وتوازن بين السوق والدولة. أما عوامل الفشل فتتمثل في الخصخصة المشوهة، وغياب الشفافية، والاعتماد على المساعدات أو الديون، وغياب العدالة الاجتماعية.

الأردن، منذ تبنيه البرنامج اليبرالية، أواخر الثمانينيات بعد أزمة المديونية تحت إشراف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تجلت هذه الركائز في برامج الخصخصة الواسعة (خصخصة الكهرباء والاتصالات والفوسفات والبوتاس)، ورفع الدعم، وتحرير أسعار السلع والخدمات، والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية، ورافقت هذه السياسات وعود بأن تؤدي إلى نمو اقتصادي أسرع، وتوفير فرص عمل، وزيادة القدرة التنافسية.

لكن النتائج جاءت محدودة، حيث ارتفع الدين العام إلى أكثر من 116% من الناتج المحلي، وبلغت البطالة أكثر من 21%، مع نمو اقتصادي ضعيف لا يتجاوز 2.5%، واستثمارات أجنبية مباشرة محدودة جدًا بلغت حوالي 0.4% من الناتج المحلي في 2024، بحسب البنك الدولي.


تعود أسباب التعثر في الأردن، إلى ضعف المؤسسات، وغياب استقلالية القرار الاقتصادي عن الضغوط السياسية، وعدم تطوير قاعدة صناعية أو زراعية أو سياحية تنافسية، واعتماد الاقتصاد على المساعدات الخارجية، مما جعله هشًا أمام الأزمات الإقليمية والدولية. كما أن الخصخصة غير الشفافة حولت أصول الدولة إلى نخبة محدودة، مما أضعف المنافسة وحوّل السياسات إلى عبء على المواطن بدل أن تكون أداة للنمو.

ينطلق حزب عزم من إيمان بمبادئ الاقتصاد اليبرالي القائم على تحرير السوق، وتمكين القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار والمنافسة بوصفها ركائز للنمو والإنتاجية. لكنه في الوقت ذاته يرفض ما يسمى باليبرالية الاجتماعية التي قد تضعف البنية القيمية والثقافية للمجتمع. فالحزب، باعتباره محافظًا اجتماعيًا، يرى أن النهضة الاقتصادية مرتبطة بصون الهوية الوطنية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وأن الاقتصاد الحر لا ينجح إلا إذا اقترن بسياسات تكفل تكافؤ الفرص، وإعادة بناء الطبقة (كخصوصية اردنية)، وإدماج الأطراف المهمشة في التنمية. ومن هنا يقترح الحزب صيغة ليبرالية اقتصادية منضبطة اجتماعيًا، أي تحرير السوق مع شبكة أمان اجتماعي، على غرار تجارب إستونيا وسنغافورة.

يركز برنامج الحزب الاقتصادي، على الانتقال من اقتصاد ريعي تابع إلى اقتصاد إنتاجي، مستقل ومستدام، مبني على هوية اقتصادية واضحة المعالم، قائمة على تخطيط استراتيجي عميق مرتبط بجدول زمني محدد، مع التركيز على دمج السياسات الليبرالية مع رؤية استراتيجية طويلة الأمد تستثمر في الإنسان، وتطوير التعليم القائم على المهارات، وبناء قاعدة إنتاجية وخدماتية (بنية تحتية وسياحية) قوية تراعي العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي.

كما يقترح خلق بيئة استثمارية مستقرة لعقد كامل، وإنشاء مناطق اقتصادية متخصصة للصناعات التكنولوجية والطاقة الخضراء، ومضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 1.7 مليار دولار في 2024 إلى أكثر من 3 مليارات بحلول 2030.

في قطاع الطاقة، يرى الحزب التوسع في الطاقة المتجددة، استغلال احتياطيات الغاز (إذا كانت الأرقام المعلن عنها دقيقة) والصخر الزيتي والسليكا، بهدف تغطية 50% من استهلاك الكهرباء من مصادر متجددة خلال خمس سنوات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف، حيث بلغت فاتورة الطاقة حوالي 4 مليار دينار في 2024.

في الزراعة، يشجع البرنامج التحول نحو الزراعة الذكية والري الحديث والزراعة المائية، مع إنشاء صندوق وطني للأمن الغذائي لدعم الإنتاج المحلي وتمويل مشاريع الشباب الزراعية، وربط الأردن بالأسواق الأوروبية والعربية والاسيوية لتسويق المنتجات.

قطاع السياحة، الذي ينظر الحزب اليه كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني، نظراً لما يمتلكه الأردن من ثروة سياحية ضخمة، قادرة على خلق نقلة نوعية في الاقتصاد. ومن هنا يرى الحزب ضرورة تطوير البنية التحتية السياحية، تحسين شبكات النقل والمطارات والفنادق، وتشجيع الاستثمار في المنتجعات البيئية والصحية، وإعادة ابتكار الهوية التسويقية للأردن، بما يشمل السياحة التقليدية (تشكل 70℅ من مجمل السياحة العالمية)، والعلاجية والمؤتمرات والمغامرات وغيرها، مع تمكين المجتمعات المحلية وتوفير فرص عمل مباشرة للشباب. ويهدف البرنامج إلى مضاعفة الدخل السياحي ليصل إلى 20 مليار دينار بحلول 2035، ويجعل القطاع مساهمًا رئيسيًا في الناتج المحلي الإجمالي، والمشغل الرئيسي للعمالة الوطنية.

الشباب والتشغيل يحظيان بأولوية قصوى، عبر إنشاء حاضنات أعمال وطنية، وربط التعليم الجامعي والمهني باحتياجات سوق العمل، وتطوير برنامج المسارات المهنية والتقدم الوظيفي، وتوفير قروض ميسرة بضمانات حكومية لتمويل مشاريع ريادية صغيرة ومتوسطة، بدلاً من الاعتماد على استثمارات كبرى محدودة التأثير.

إقليميًا، يهدف الحزب إلى استثمار موقع الأردن الجيوسياسي لتعزيز الشراكات في مشاريع الطاقة والبنية التحتية، والمشاركة في الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا مرورًا بدول الخليج، وتنويع أسواق الصادرات لتقليل الاعتماد على أسواق محدودة.

وعلى الرغم من الطموحات الكبيرة، يقر الحزب بالتحديات، من ضغوط سياسية خارجية، ومقاومة النخب المستفيدة، وضعف الثقة الشعبية بالمؤسسات نتيجة تراكم التجارب الفاشلة. لذلك يقترح إنشاء مجلس اقتصادي أعلى مستقل لمتابعة التنفيذ، واعتماد مؤشرات أداء واضحة، وإلزام الحكومة بتقارير فصلية للبرلمان لضمان الشفافية والمساءلة.

حزب عزم يرى أن مستقبل الأردن ليس في رفض الليبرالية أو تقليدها ميكانيكيًا، بل في إعادة صياغتها بما يتناسب مع خصوصية البلاد، في نموذج "ليبرالية ذكية"، بتحرير السوق مع تعزيز العدالة الاجتماعية، والاستثمار في الإنسان، وتمكين الشباب، ودعم القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية.

التجارب العالمية تظهر أن النجاح لا يأتي من الوصفات الجاهزة، بل من الإدارة الرشيدة، ومؤسسات قوية، وحوكمة فعالة، واستثمار في رأس المال البشري. الأردن، وفق حزب عزم، يملك فرصة فريدة لتحويل اليبرالية من أداة أزمات إلى أداة نهضة وطنية، حيث يقاس النجاح ليس بمعدلات النمو أو حجم الاستثمارات، بل بقدرة المواطن على حياة كريمة وعادلة، وبإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، ووضع الأردن في مكانته الطبيعية كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية.

إنها معركة طويلة، لكن الأردن يملك فرصة حقيقية لإعادة صياغة نموذج اقتصادي مستدام، يوازن بين السوق والدولة، بين النمو والعدالة الاجتماعية، وبين الطموح الوطني والاستقرار الإقليمي، ليصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة.

تابعوا هوا الأردن على