شهامة عامل وافد .... الكرك

"يا ابني ودي في نيرة ونصف جاج" عبارة قالتها سيدة كركية متقدمة في العمر لعامل وافد يعمل في احد محال نتافات الدواجن في مدينة الكرك.
لم يرق هذا القول لعامل النتافة فقال " "يا حجه دا الكيلو الواحد بـ(185) ارش، وما عنديش فراخ ائل من كيلو".
اجابته تلك السيدة وقد بدت عليها مؤشرات انكسار الخاطر "والله ياابني ما معي غيرهن والشكوى لغير الله مذلة ودي اطعمي هالايتام السته ابوهم ميت وامهم مريضة في الفراش واني القايمة عليهم من خير الله وخير الاجاويد".
رقق هذا القول وعلامات الانكسار والبؤس البادية على السيدة قلب العامل الوافد فقال "خلي فلوسك يا حجه ولا يهمك" فقام العامل من توه باختيار طير دجاج يكفي لاطعام ستة افراد فجهزه واعطاه للسيدة التي ذرفت دمعة وقالت بصوت خافت ومتهدج لكنه اسمع من حولها من زبائن المحل "الله يلعن الحاجة" فبادر بعضهم لمد يد العون لها بما استطاعوا دون ان يسألوها من اين هي ، تمنعت السيدة بعفتها وكرامة نفسها لكنها وتحت الحاحهم قبلت.
حين روى لي صديق هذه الحادثة تألمت وفرحت في آن واحد؛ تألمت لما يكابده الفقراء والمعوزون وما اكثرهم في وطننا وفرحت لهذه الفزعة ممن شهدوا الواقعة ما يوحي باننا ما زلنا بخير وما زال بين ظهرانينا الكثير من الناس الطيبين بخلاف اكثر من يقيمون في المساكن الفخمة والفلل الفاخرة.
الحالة التي اشرنا اليها جزئية من حالات بؤس يعيشها آخرون بسبب الفقر والعوز، ما يطرح اسئلة كثيرة، لماذا تم تكبيل صناديق العون الاجتماعي بشروط ومحددات لمبلغ المعونة وصفة من تنطبق عليهم تلك الشروط والمحددات، هل يعقل ان يكون امتلاك المعوز لغرفة او غرفتين متداعيتين سببا لتخفيض المعونة او حتى منعها؟!..
هل يعقل ان يكون الابن الوحيد العامل حتى لو كان ربا لاسرة منفصلة سببا لحرمان والديه العاجزين عن العمل واشقائه الصغار من المعونة؟!..
ثم هناك من الفقراء والمعوزين من يتمنع لعزة نفسه عن التقدم لطلب المعونة التي يقول البعض ان ميسورين متنفذين يؤمنونها لوالديهم حتى لو كانوا بغير حاجة، وهنا يتوجب من وجهة نظر الكثير من المواطنين اخضاع صرف المعونة لتدقيق وتمحيص اكبر ومن خلال جولات ميدانية اكثر شمولية تصل الفقير عفيف النفس وتدرس كل حالة تعرض عليها او توصف لها عن كثب لضمان ان تصل المعونة لمستحقيها فقط.