ملاعب أردنية بلا حواجز.. فماذا عن الهتافات المسيئة؟
يسعى الإتحاد الأردني لكرة القدم، إلى تطبيق آلية اقامة المباريات بدون حواجز فاصلة بين الجماهير واللاعبين داخل أرض الملعب، وهي بادرة تستحق الإشادة ، وتثبت بأن الكرة الأردنية تلحق بركب التطور، ومواكبة كافة صنوف ومتطلبات عصر الإحتراف.
وأطلق الإتحاد الأردني شعاراً لحملته بعنوان :'مشجعين ولاعبين بدون حواجز مجتمعين'، وجاء إطلاق هذا الشعار قبل أيام قليلة من موعد انطلاق لقاءات كأس الأردن ودوري المحترفين، وكنا نأمل ونتمنى أن يتم إطلاق هذه الحملة بوقت سابق، لا قبل عودة المنافسات المحلية بأيام قليلة.
ويحتاج الإتحاد الأردني إلى تعزيز شعاره الكلاسيكي الذي أطلقه مؤخراً، وذلك من خلال إلحاقه بشعارات أخرى أكثر واقعية وشمولية، فمثلاً كان لا بد أن يتم تحذير وتوعية الجماهير من عواقب النزول إلى أرض الملعب، وتعريفهم بالقوانين والعقوبات التي ستفرض على كل من يحاول النزول إلى أرض الملعب.
ويراهن الإتحاد الأردني لكرة القدم، على وعي الجماهير في تطبيق هذه 'البروفة' التي تسبق موعد استضافته لأكبر حدث رياضي في الأردن ويتمثل بكأس العالم للسيدات تحت 17 عاماً، وبما يضمن له تحقيق نجاح تنظيمي يدلل على قدرة الأردن بإستضافة حدث كبير كهذا.
ونجد بأن مراهنة الإتحاد الأردني على وعي الجماهير وحده لا يعد كافياً، وبخاصة أن المجتمع الأردني هو مجتمع فتي بطبعه، والبعض من الجماهير العاشقة لكرة القدم لم يصل لدرجة الوعي الكافي الذي يمكننا المراهنة عليه بسهولة، وبالتالي لا بد من الوصول لهذه الفئة من خلال تنويع حملات التوعية وبصورة أوسع وأعمق، وبما يضمن الوصول لجميع الشرائح بغية تحقيق الهدف المرجو، ويحبذ لو يتم تخصيص محاضرات للطلاب في المدارس والجامعات على وجه الخصوص.
ويجب أن يضع الإتحاد الأردني في حسبانه جيداً، بأن كأس العالم للسيدات تختلف كلياً عن مباريات الدوري المحلي وكأس الأردن من حيث طبيعة المنافسة والإهتمام الجماهيري، فنظرة الجماهير -وربما تصرفاتها- تختلف حينما تحضر مباراة للمنتخب ومباراة لفريقها المفضل، فالتزام الجماهير بالتعليمات عند حضورها للقاءات المنتخب يكون أكبر بكثير من التزامها في المنافسات المحلية التي ستشهد حضور جمهورين يختلفان بميولاتهما النادوية.
لنعالج ظاهرة الهتافات المسيئة أولاً؟
إلى ذلك، قام الإتحاد الأردني عبر السنوات الماضية بمعاقبة الأندية المحترفة مالياً بسبب الهتافات المسيئة التي كانت تصدر عن جماهيرها، ولا نعرف هنا إن كانت هذه الأندية ستعاقب مالياً في حال نزل أحد من جماهيرها إلى أرض الملعب، أم أن العقوبة ستنحصر على الشخص الذي قام بهذا الفعل فقط؟!.
وفي حال كانت الإجابة بأن العقوبة ستفرض على الشخص نفسه وليس على النادي الذي يشجعه، فإن السؤال الذي يقفز للإذهان، هل سيواصل الإتحاد الأردني معاقبته للأندية مالياً في حال خرجت جماهيرها عن النص عبر الهتافات المسيئة، أم أنه سيتم معاقبة الأشخاص ممن أطلقوا هذه الهتافات، وبالتالي نجنب الأندية 'الطفرانة بالأصل' من مغبة أية عقوبات مالية بسبب هتافات جماهيرها كما كان يحدث سابقاً، مع العلم أنه تم تركيب كاميرات حديثة لمراقبة تصرفات الجماهير من على المدرجات؟.
وللأمانة، فإن ملاعب كرة القدم الأردنية لم تشهد 'شغب الملاعب' بمفهومه الحقيقي والشامل، وربما ما تعاني منه فعلاً هو ظاهرة 'الشغب اللفظي'، وبالتالي فإن حادثة نزول الجماهير إلى أرض الملعب لإحداث الشغب لم نعهدها أن حدثت في ملاعب كرة القدم، ليس لأن الحواجز كانت موجودة، وإنما لأن جماهير كرة القدم لم تصل -ولله الحمد- لحالة شغب الملاعب بمفهومه الحقيقي والشامل، ولذلك فنحن أحوج ما نكون لوضع حد للهتافات المسيئة قبل كل شيء من خلال إطلاق حملات توعية
، ووضع القوانين المناسبة وإيجاد الحلول للحد من هذه الظاهرة المقلقة.
ووفقا لما سبق، فإن مسألة إزالة الحواجز بين الجماهير واللاعبين في أرض الملعب، لا نتصور أنها ستشكل تحدياً صعباً دام وجدت القوانين الناظمة وحملات التوعية المتواصلة والمتنوعة ، ولذلك كله نجدد التأكيد بأن من باب أولى العمل على ايجاد الحلول المناسبة والفورية للحد من الهتافات المسيئة التي وصلت إلى ظاهرة 'الشغب اللفظي' ، لسبب بسيط يتمثل بأن ايجاد الحلول لهذه الظاهرة يسهم تلقائياً بالحد من نزول الجماهير إلى أرض الملعب، فضلاً عن أن ذلك سينأى بأنديتنا من التعرض لعقوبات مالية 'انهكت' صناديقها الخاوية أصلاً؟.