اللامركزية بين الرؤية الملكية والتحديات
مما لا شك فيه أن تجربة اللامركزية ما زالت وليدة، وتحتاح للاحتظان من الحكومة الأم ، التي يقع على كاهلها مسؤولية الدعم والرعاية والتحفيز .
ولقد جاءت فكرة اللامركزية ترجمة لرؤية جلالة الملك المعظم ، بضرورة تطوير الحياة السياسية في الاردن ، تطبيقا لمبدأ تعزيز الديمقراطية والذي ينادي به جلالته في كل المحافل والمناسبات المحلية والدولية .....
ولكن ، هل حظيت هذه التجربة بحقها من الرعاية والاهتمام ؟
وهل هنالك برامج متابعة وتقييم لمدى السير في الطريق الصحيح ؟ ثم هل تمتلك مجالس المحافظات كل أدوات العمل اللامركزي والذي يمكنها من أداء دورها في محافظاتها ؟
ان المتتبع لأخبار هذه المجالس يلحظ نشاطا ظاهرا لأعضائها في المشهد اليومي ......
اجتماعات ولجان ، مطالبات ومخاطبات ، رسائل وبرقيات ، وصور وزيارات ...... وغيرها الكثير من النشاطات .
ولكننا لم نصل بعد لمرحلة القيام بالدور الأساسي والذي جاءت من أجله ، وهو التخفيف عن مجلس النواب بأخذ الجانب الخدماتي الذي يثقل كاهل المجلس وأعضائه ، ويأخذهم بعيدا عن جل عملهم وهو الشريع والرقابة ......
وهذا يتطلب توافق بين هذه المجالس ومجلس النواب ، بالمبادرة لعقد جلسة حوار واتفاق،لتوكيل هذه المجالس بمهامها الخدماتية لضمان عدم التداخل في العمل . وهنا نسجل عتبنا على مجلس النواب لعدم تقديم الدعم اللوجستي لهذه المجالس ، باعتباره صاحب التشريع لقانون اللامركزية ، وهو أولى بتوضبح آليات العمل وأطره .....
كما أن الوزارتين صاحبتا الولاية كما أخذتا دور المسؤولية ، وزارتي الداخلية والشؤون السياسية والبرلمانية ، يأمل منهما أعضاء هذه المجالس المزيد من الدعم وفي مجالات كثيرة منها ....
أولا : ضروة توفير مقرات مستقلة لهذه المجالس ، لتسهيل العمل ،على الأعضاء والمواطنين ، وذلك لأن المقرات تدفع الناس للتوجه لها،لمتابعة قضاياهم المختلفة ، وكذلك تمنح الأعضاء الثقة بالنفس ، وحرية التواصل والعمل ....
ثانيا : أهمية رفد هذه المقرات بالكوادر الوظيفية المتنوعة ، لتسهيل العمل وأداء الدور المطلوب ..... وهنا لنا أن نتساءل هل تمتلك هذه المجالس مقومات العمل المكتبي ، من سكرتاريا وطباعة وتصوير واتصال ؟
ثالثا : أهمية إخضاع أعضاء المجالس لبرامج محاكات لتجارب لا مركزية لدول سبقتنا في هذا المجال ، للاستفادة من قصص النجاح فيها أملا في تحقيق الأهداف المرجوة من العمل اللامركزي ....
رابعا : ومن أجل تحقيق مبدأ التوزيع العادل للمكتسبات والتنمية بين محافظات المملكة ، لا بد من ربط هذه المجالس الكترونيا بوزارتي المالية والتخطيط ،وذلك لضمان سهولة الحصول على المعلومات الضرورية لعقد المقارنات بين المحافظات ، لتأخذ كل محافظة حقها دونما تغول لمحافظات على أخرى .....
خامسا : ضرورة مشاركة أعضاء هذه المجالس في إعداد موازنات محافظاتها كما ونوعا ، اعتمادا على جدول أعمال زمني تقوم به هذه المجالس ، وتحققها من الأولويات .....
وايمانا بأهمية التحفيز ودوره في رفع مستوى الإنجاز ، فان الشارع الاردني يتوسم بهذه المجالس خيرا ، ويأمل أن تساهم في تطوير مستوى الخدمان المقدمة للمواطن ، وخاصة في مجالي التعليم والصحة ، ونشد على أياديكم البيضاء ونقول لكم مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ......
وان كانت تحديات العمل لديكم كثيرة ، ربما ذكرت بعضها في مقالي هذا وربما غفلت عن أخريات منها ، لكن ايماننا المؤكد بأن الرؤى الملكية في العمل اللامركزي ستتحقق قريبا وستحظون ومجالسكم بالدعم الذي تأملون ، بالشراكة مع جميع مؤسسات الدولة الفاعلة والساعية لتجذير هذه التجربة ، لتكون انموذجا يحتذى كما هي كل التجارب الأردنية الناجحة والتي باتت تدرس في كثير من الدول الأخرى .