بديل الرئيس
موقع «ديبكا» الاستخباري الاسرائيلي، الذي كثيرا ما يتم اعادة نشر تقاريره في الاعلام العربي، موقع منخفض المصداقية، اذ يميل كثيرا الى الكذب، ومعلوماته في حالات كثيرة، قائمة على الاثارة، والمبالغة، وهذا رأي خبراء يعرفون الموقع جيدا، وقيمة من يديرونه، لكن هذا لا ينفي ان الاسرائيليين يستعملونه، احيانا، لغايات تسريب المعلومات، بمعنى الدور الوظيفي للموقع.
على اية حال وبعيدا عن الموقف المسبق من الموقع، فان بين ايدينا، تفاصيل صفقة القرن، التي ستعلنها الادارة الاميركية قريبا، خلال اربعة اسابيع من اليوم، وفقا لتسريب الموقع، وفي هذه التفاصيل اشارة الى استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والبحث عن شخصية فلسطينية بديلة قادرة على تنفيذ هذا الحل، باعتبار ان واشنطن تدرك ان عباس لن يمرر هذا الحل، لاعتبارات كثيرة.
هذا التسريب، يأتي في توقيت مرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودخوله للمستشفى اكثرمن مرة، وسط تكهنات مختلفة، حول طبيعة وضعه الصحي، الذي بدأ بالتغير بشكل مفاجئ، ووسط سيناريوهات تتحدث عن بدلاء الرئيس، لاعتبارات مختلفة، وبدء الالماحات عن الحاجة الى رئيس جديد، بما يتقاطع مع تسريب الموقع، حول الحاجة الى رئيس جديد، قادر على تمرير الحل.
الاشارة الثانية في تقرير «ديبكا» ان البيت الابيض سوف يعلن عن هذه الخطة، بغض النظر عن موافقة القيادة الفلسطينية، او رفضها، حضورها او مشاركتها، ولربما هذه الاشارة مثيرة للتساؤلات ايضا، خصوصا، انها تتطابق اساسا، مع تجاوز واشنطن لقيادة رام الله، في كل صفقة القرن، بل وتهديد واشنطن، بقطع المساعدات كليا عن السلطة، اضافة الى اشارات اخرى في ذات تقرير «ديبكا» تتحدث عن مفاوضات اميركية اسرائيلية عربية، بشأن القضية الفلسطينية، وليس عن مفاوضات اسرائيلية اميركية، وهذا يعني فعليا، اذا كان صحيحا، ان الحل سيكون اميركيا بمظلة عربية.
بقية تفاصيل الخطة، سمعها العرب، الاف المرات، خلال العقود الماضية، من حيث وجود العاصمة الفلسطينية في «ابوديس» على مشارف القدس، وليس في القدس، وضم الاحياء العربية في القدس، للدولة الفلسطينية، واخراجها من حكم اسرائيل، والغاء حق العودة، مقابل حق التعويض المالي، وسيطرة اسرائيل على غور الاردن، ودمج غزة بالدولة الجديدة، مقابل نزع سلاح حماس.
سواء صح تقرير «ديبكا» او لم يصح، وسواء استند الى مصادر معلومات حقيقية، او انه استند الى تسريبات امنية اسرائيلية، تريد تمرير هذه المعلومات، لحسابات معينة، من بينها ارباك السلطة الوطنية، والفلسطينيين، وغير ذلك، فانه يمكن وصف الحل الاميركي، المنشور عبر الموقع، وهو ذات الحل الشبيه بمعلومات تسربت الى وسائل اعلام اخرى، حل انتحاري، لاي طرف يقبل به، وهو ما لا تتفهمه واشنطن، وتعتقد ان بامكانها فرضه على الفلسطينيين، ولو كانت هناك بصيرة سياسية اميركية، في الملف الفلسطيني، لعرف الاميركيون، ان لا احد يجرؤ على تمرير مثل هذا الحل، حتى لو كان مقتنعا به، وقد تجد واشنطن شخصيات فلسطينية، تقبل بأي صيغة للحل، لكنها لن تجد بينهم من هو قادر على اشهار توجهه المستور، او العمل علنا لصالح هكذا حل.
السياسة الاميركية الحالية، قائمة بشكل واضح، على فرض هذه السياسة، بأي طريقة، وهذا يؤشر على امرين اثنين بخصوص القضية الفلسطينية، خلال الفترة المقبلة، اولهما ان واشنطن تقف كليا ضد الفلسطينيين، ولا يهمها هذا الملف، ايا كان منسوب التدهور فيه، والثاني، ان اي حل اميركي، وفقا لرؤية اسرائيلية تقف خلفه، سيكون حلا اجباريا، وليس اختياريا، وهنا يأتي السؤال، عن الكيفية التي ستفرض فيها واشنطن مثل هكذا حلول تصفوية، والاليات التي سوف تساعدها، والفشل الذي سوف تواجهه.
الدستور