الدكتور أمين المشاقبة يكتب : مضامين صفقة القرن وانعكاساتها على الأردن

هوا الأردن - كتب أ.د. أمين المشاقبة
تنطلق صفقة القرن، أو "رؤية ترامب"، أو خطة السلام من أجل الازدهار من ثوابت تتعلق بالأمن من خلال المنظور الإسرائيلي، ومن تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة، وإلغاء كل قضايا الحل النهائي التي نجمت عن اتفاقيات أوسلو.
وتقوم على فرض سياسة الأمر الواقع كما هو على الأرض والانتهاء من المقولات التاريخية النتعلقة بالحقوق وإعطاء الفلسطينيين الفرصة لحكم أنفسهم بشكلٍ كامل، ولكن ليس للقوى التي تهدد إسرائيل، ووضع قيود على بعض أو كل السلطات السيادية في المناطق الفلسطينية، وتحتفظ إسرائيل بــ:
- المسؤولية الأمنية والسيطرة على المجال الحيوي.
- المسؤولية الأمنية والسيطرة على المياه الإقليمية الفلسطينية.
شروط إنشاء الدولة الفلسطينية الآتي:
أ- الاعتراف بيهودية الدولة، وعلى الشعب الفلسطيني اعتناق السلام كمبدأ.
ب-رفض الإرهاب بكل أنواعه.
ج- السماح باتخاذ ترترتيبات خاصة تلبي الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية.
د- بناء مؤسسات فعالة واختيار الحلول العملية بعيداً عن الفساد.
من ذلك ترى أن هذه الخطة مركزة على مبدأ الأمن لدولة إسرائيل، وكل السياقات تقوم على هذا المبدأ، وتقوم عل رؤية استشرافية لتحسين الأمن ونوعية الحياة.
إن خطة السلام تقوم على رؤية إسرائيلية واقعية في رفض كل القرارات الدولية المتعلقة بالصراع، وبالتالي لا قيمة للتاريخ السياسي عبر ما يزيد عن 70 عاماً من الصراع، ولا قيمة للقرارات الدولية وعدم الاعتراف بها، إنه سلام ينطلق من مبدأ الأمن لدولة إسرائيل، وسلام اقتصادي في التنازل عن الحقوق مقابل تنمية اقتصادية ومبالغ مالية.
فقصة العقل اليهودي تقوم على أسبقية الأمن وتقديمه عى كل شيء، فالسيطرة على الضفة الغربية ستشكل تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل، إذ تهدف هذه الرؤية إلى تحقيق اعتراف وتطبيع كامل لتلك الدول التي لا تعترف بدولة إسرائيل، وإن لدى دولة إسرائيل رغبة مشروعة في أن تكون دولة قومية للشعب اليهودي، وأن يتم الاعتراف بهذا الوضع في جميع أنحاء العالم، ولا يطلب منها المساس بسلامة وأمن مواطنيها، فالمطلوب هو:
- التعاون ضد الإرهاب بكل أشكاله، وينطبق ذلك التعاون على المستوى الإقليمي.
- التعاون الإقليمي في كافة الشؤون الاقتصادية وتطبيع العلاقات مع دول الجوار وكافة أرجاء الإقليم وبناء تحالف عربي ضد التهديدات الإيرانية.
- إن الهدف من هذه الرؤية هو إدماج إسرائيل كجزء من المنطقة، وأن تتعاون الدول العربية تعاوناً كاملاً مع دولة إسرائيل لصالح الجميع، وخلق شراكات اقتصادية وتجارية على المستوى الإقليمي.
- التركيز على التعليم على السلام وبناء ثقافة السلام لضمان التزام الأجيال القادمة بالسلم كمبدأ، وإلغاء العنف وتعزيز قيم التسامح.
- القبول بما تمنحه إسرائيل من أرضٍ للدولة الفلسطينية بحدود 88% من الأراضي المحتلة عام 1967، ولا حدود مشتركة لها مع أي دولة عربية وستخضع لمسؤولية أمنية طاغية لدولة إسرائيل.
أ- الدولة الفلسطينية
لا تعتقد دولة إسرائيل والولايات المتحدة أن دولة إسرائيل ملزمة قانوناً بتزويد الفلسطينيين 100% من أراضي ما قبل عام 1967، وهذا حل وسط في قيام دولة فلسطينية تضم أرضاً قابلة للمقارنة بشكل معقول من حجم الأراضي في الضفة والقطاع، وتم تصميم خريطة سياسية لرسم الحدود وبأسلوب:
1- يلبي المتطلبات الأمنية لدولة إسرائيل.
2- يأخذ بعين الاعتبار مطالبات دولة إسرائيل القانونية والتاريخية الصحيحة.
3- يقدم توسعاً إقليمياً للفلسطينيين.
4- يوفر حلول نقل عملية لتلبية احتياجات الجيوب الإسرائيلية والفلسطينية الموضحة في الخريطة.
5- يسهل دمج دولة فلسطين في الاقتصاد الإسرائيلي الإقليمي والعالمي.
6- عدم اقتلاع أو إخلاء المستوطنات، وتصبح الجيوب الإسرائيلية في الضفة الغربية جزءاً من دولة إسرائيل تحت السيادة المطلقة لدولة إسرائيل، وسيتم دمج 97% من الإسرائيليين في الضفة الغربية في الأراضي الإسرائيلية المتجاورة.
7- غور الأردن هو أمر حاسم للأمن القومي لإسرائيل، وتحت السيادة الإسرائيلية الكاملة.
8- مناطق الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وقوات أمن فلسطيني لحماية الأمن الداخلي.
9- شواطئ البحر الميت الغربية تحت السيادة الإسرائيلية.
10- القدس غير المقسمة هي عاصمة دولة إسرائيل الأبدية.
11- احتفاظ إسرائيل بالسيادة على المياه الإقليمية التي تُعتبر حيوية لأمن إسرائيل.
12- شمول مقايضات الأراضي التي توزعها إسرائيل لمنطقة المثلث كجزء من دولة فلسطين، وتشمل (11) تجمعاً سكانياً، وهي: كفر قرع، عارة، باقة الغربية، أم الفحم، قلنسوة، الطيبة، كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجولية.
13- خارج حدود دولة فلسطين سيكون لديهم روابط نقل عالية السرعة ومنافذ حدودية تحت السيادة الأمنية الإسرائيلية.
14- موضوع غزة مشروط بوقف إطلاق النار، وتجريدها من السلاح بالكامل، ونبذ التطرف والإرهاب بكل أشكاله، لأن حماس هي "منظمة إرهابية" مسؤولة عن قتل الإسرائيليين، دون ذلك لا حديث معهم إلا بالشروط الواردة أعلاه.
15- سيتم إنشاء طريقين للوصول لصالح الدولة الفلسطينية، وستكون خاضعة لمتطلبات الأمن الإسرائيلي عبر وادي الأردن إلى المعبر الحدودي مع المملكة الأردنية الهاشمية.
16- النتيجة: دولة فلسطينية معزولة كشكل من أشكال الحكم الذاتي، تحت الرقابة الأمنية الإسرائيلية، والسيادة على الحدود، والأجواء، والمياه الإقليمية، مما يعني حكم ذاتي ناقص السيادة بالمعنى القانوني، وحق إسرائيل بالتدخل جزئياً او كلياً في حالة وجود أي تهديد أمني لها.
17- إذا فشلت دولة فلسطين في تلبية جميع أو أي من معايير الأمن في أي وقت، فإن دولة إسرائيل سيكون لها الحق في عكس العملية المذكورة، وستزداد البصمة (القبضة) الأمنية لدولة إسرائيل في كل أو أجزاء من دولة فلسطين للحفاظ على الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، وإجراء اللازم لمعالجتها، وتمتنع الدولة الفلسطينية عن أية محاولة للانضمام لأي منظمة دولية دون موافقة دولة إسرائيل، وعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
18- إضافة لمسؤولياتها الأمنية الغالبة على دولة فلسطين، ستكون دولة إسرائيل مسؤولة عن الامن وكافة نقاط العبور الدولية إلى دولة فلسطين، وتواصل إسرائيل الحفاظ على المجال الحيوي والطيف الكهرومغناطيسي غربي نهر الاردن، ولن يكون لدولة فلسطين الحق في ابرام اتفاقيات عسكرية او استخبارية او امنية مع اي دولة او منظمة تؤثر سلبيا على امن اسرائيل، وستمنع دولة فلسطين منزوعة السلاح من امتلاك قدرات يمكن لها من خلالها تهديد دولة إسرائيل، ومنها انظمة الاسلحة مثل الطائرات المقاتلة (بطيار او بدون طيار)، والمدرعات الثقيلة، أو القذائف والصواريخ، أو اسلحة الليزر، او المضادة للطائرات او السفن، وتحتفظ إسرائيل بحق تدمير اي منشأة في دولة فلسطين تستخدم لانتاج اسلحة محظورة او أية أغراض عدائية.
19- على دولة فلسطين اقامة نظام قانوني يواجه الارهاب، وانهاء كافة الدفعات المالية التي تكافئ الارهاب بشكل مباشر او غير مباشر.
20- إنشاء مؤسسات مالية شفافة ومستقلة ونظام حكم مناسب لضمان الاستخدام السليم للاموال، ونظام قانوني يحمي الاستثمارات، وانهاء جميع البرامج بما في ذلك المناهج المدرسية والكتب المدرسية التي تعمل على التحريض على الكراهية او الخصومة.
ب- القدس
ستظل القدس عاصمة دولة إسرائيل الأبدية، وينبغي ان تظل مدينة غير مقسمة وتحت السيادة الإسرائيلية الكاملة وتتيح هذه الرؤية للسكان العرب في عاصمة إسرائيل وداخل الحدار الأمني القائم لاختيار واحد من الخيارات الثلاثة التالية:
- ان يصبحوا مواطنين في دولة إسرائيل.
- أن يصبحوا مواطنين في دولة فلسطين.
- الاحتفاظ بوضعهم كمقيمين دائمين في إسرائيل.
ويُرى بعدم حصول التقسيم المادي للمدينة، فالاحياء الغريية حول المدينة وهي كفر عقب والجزء الشرقي من شعفاط وابو ديس هي عاصمة دولة فلسطين ويمكن تسميتها القدس او اي اسم اخر.
ويجب الاعتراف دوليا بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل ويجب استمرار الوضع الراهن في جبل الهيكل/ الحرم الشريف دون انقطاع تحت السيادة الاسرائيلية والاماكن المقدسة مفتوحة للمصلين المسالمين والسياح من جميع الديانات، ويجب السماح للأشخاص من جميع الاديان بالصلاة في الحرم القدسي الشريف/ الحرم الشريف بطريقة تحترم دينهم احتراما تاما مع مراعاة اوقات صلاة كل دين وعطلاته، وان تحترم الاطراف حرية الوصول للمواقع الدينية لجميع الاديان.
وانشاء هيئة مشتركة لتطوير القدس JTDA وتعمل على تشجيع السياحة اليهودية والاسلامية والمسيحية في كل من دولة إسرائيل وفلسطين، وستعمل الهيئة مع المملكة الاردنية الهاشمية لتعزيز السياحة الاقليمية.
ج- اللاجئون
انهاء والتحرر من جميع المطالبات المتعلقة باللاجئ ولن يكون هناك اي حق في العودة او استيعاب لأي لاجئ فلسطيني في دولة إسرائيل، وان يتحمل اخوانهم العرب المسؤولية الاخلاقية لادماجهم في بلادهم مثلما تم دمج اليهود في دولة إسرائيل، ومساواة اللجوء الفلسطيني واليهودي الذي عانى والذين اجبروا على الفرار من الدول العربية ومعالحة قضيتهم بالتعويض عن الاصول المفقودة، بالاضافة إلى ذلك، فإن دولة إسرائيل تستحق التعويض عن تكاليف واستيعاب اللاجئين اليهود من تلك البلدان.
واللاجئون الفلسطينيون غير مؤهلين لاعادة التوطين، بل مؤهلين فقط للحصول على تعويض مادي، وتتضمن الخطة ثلاثة خيارات للاجئين الفلسطينيين الذين يبحثون عن مكان اقامة دائم:
- الاستيعاب في دولة فلسطين الجديدة مع مراعاة القيود الواردة إسرائيليا.
- الاندماج المحلي في البلدان المضيفة الحالية (رهنا بموافقة تلك البلدان).
- قبول 5000 لاجئا كل عام لمدة تصل الى عشر سنوات واجمالي 50000 لاجئا في كل من الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي الذين يوافقون على توطين اللاجئين الفلسطينيين.
وسيتم انشاء صندوق اللاجئين الفلسطينيين لأغراض التعويضات، وكذلك انهاء الأونروا وتحويل مسؤولياتها الى الحكومات المعنية، بمعنى انهاء حق العودة بشكل نهائي حمايةً لأمن إسرائيل واستبدال هذا الحق بالتعويض المادي فقط وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم.
د- الشق الاقتصادي
تخصيص مبلغ ٥٠ مليار دولارا للاستثمار في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية من اجل رؤية السلام من اجل الازدهار وعلى مدى 10 سنوات اذ يتم تخصيص 25 مليار دولارا لعملية تطوير الاقتصاد الفلسطيني للعديد من المشاريع نصفها منح والنصف الاخر قروض ميسرة، وستستفيد منها كل من الاردن، ومصر، ولبنان بمعدلات مالية مختلفة، حيث تصل حصة الأردن في العشر سنوات إلى 7.365 مليار دولاراً، وهناك مشاريع اقليمية مشتركة من اجل دمج إسرائيل في اقتصاد المنطقة برمتها، اضافة الى ادخال إسرائيل في البعد الامني والتعاون الاستراتيجي بين دول المنطقة بما فيها دول الخليج العربي، ومحاولة التأسيس لشرق أوسط جديد ينهي المقاطعة ويؤدي الى معاملة إسرائيل من قبل الجميع كجزء شرعي من المجتمع الدولي، ووضع هيكل أمني اقليمي على نطاق واسع، وإنشاء مطار جوي وميناء بحري لخدمة التجارة والنقل الفلسطيني على الأراضي الأردنية يتم ذلك على مبدأ التأجير ودفع الرسوم بشكلٍ مناسب من الدولة الفلسطينية لصالح حكومة الأردن.
اثار وانعكاسات صفقة القرن على الاردن
لعب الاردن دورا محوريا قياديا في عملية السلام في الشرق الاوسط، وينطلق الموقف الاردني من ان حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي هو جوهر الاستقرار السياسي في المنطقة، ومن دون حل عادل وشامل لا يممكن للمنطقة ان تستقر، ولقب جلالة الملك بأنه "رجل السلام"، وهناك اشادات دولية عديدة في هذا المجال، ويؤمن الاردن بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبالتالي يرى الاردن ان حل الدولتين هو الأسلم لعملية الاستقرار في المنطقة، ناهيك عن ان الموقف الاردني يقوم على مبادئ الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة والمبادرة العربية لحل الصراع، كذلك ضرورة الاعتراف بحق العودة والتعويض وأهمية استمرار الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
ونحت جلالة الملك معادلة (الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين)، وأن المصلحة الوطنية الأردنية العليا هي في الحل النهائي للقضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقلبلة للحياة دون انتقاص من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وأكدت القيادة الأردنية على مسائل أساسية، هي:
أ- لا للوطن البديل.
ب-لا للتوطين بأي شكل من الأشكال.
ج- ولا قبول لانهاء الوصاية الهاشمية على المقدسات.
وعليه، فان الاردن يرفض قطعيا فكرة الوطن البديل وعمليات التوطين للنازحين الفلسطينيين على الارض الاردنية، ناهيك عن تمسكه بالوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، واستمرار هذا الدور التاريخي الذي له ابعاد تتعلق بالشرعية الدينية الهاشمية عموما، ويرفض الأردن الحلول الأحادية بشكل قاطع.
انعكاسات واثار صفقة القرن على الاردن
اولا- حسم الصراع لصالح إسرائيل وليس حله، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن من النواحي السياسية والاجتماعية والديمغرافية مما يجعل الاردن الخاسر الاول بعد الشعب الفلسطيني، وهذا لا يمكن قبوله اردنيا.
ثانيا- القضاء على مبدا حل الدولتين دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والغاء جميع قضايا الحل النهائي التي نحمت عن اتفاقيات اوسلو، وهي: الحدود، والقدس، والمياه، واللاجئين، ويشكل هذا تهديدا مباشرا للأمن الوطني الأردني.
ثالثا- انهاء كامل لحق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين في الاردن، وادماجهم بالمجتمع الاردني وبالاضافة الى تجنيس ابناء القطاع مما يؤدي الى خلل بالمعادلة الديمغرافية داخل المجتمع الاردني وحسب اخر احصاء صادر عن مركز الاحصاء الفلسطيني، فان اعداد الفلسطينيين يصل الى 4.4 مليوناً منهم 1.200.000 مليونا يحملون جوازات سفر مؤقتة، يعيش منهم على الارض الاردنية حوالي 720 الف مواطنا، والباقي في دول الشتات، وهذا يهدد بالمطلق مفهوم الهوية الوطنية الأردنية آخذين بعين الاعتبار ان عدد سكان الاردن هو 7.450 مليون مواطنا، وهذا يعني طي صفحة اللاجئين والنازحين الى الابد على حساب الاردن.
رابعا- الغاء حدود الدولة الاردنية مع فلسطين وخلق حدود جديدة إسرائيلية مع الاردن، ويجعل منها خطوط تماس مباشرة مع دولة إسرائيل، هذا وتستند صفقة القرن الى الابعاد التلمودية لبني إسرائيل، وهذا يعني ادخال البعد الديني التلمودي والتوراتي الى قلب السياسة، والمعروف ان هذه الابعاد تقوم على التوسع وقضم الاراضي وهضمها، والحال في الحدود الجديدة تعود بناء الى عام 1922 عندما سعى الملك المؤسس لاخراج الاردن من معضلة التهويد ابان الانتداب البريطاني.
ان ضم غور الاردن الغربي وساحل البحر الميت يخلق واقعا جديدا وله تأثير مباشر على الأمن الوطني الأردني وحتى الأمن الاقتصادي فيما يتعلق باستغلال المصادر الطبيعية في البحر الميت ويزيد من مساحة الحدود حوالي 97 كم، وهي حدود الضفة الغربية مع الاردن، ويعني هذا خلق واقع حدودي جديد للاردن مما له تبعات ذات أثر سلبي وسيء.
خامسا- ان احتفاظ إسرائيل بالمياه الاقليمية وتدفقات نهر الاردن بدعوى انها حيوية للأمن الإسرائيلي له اثار سلبية على حصة الاردن في المياه، مما يؤثر على الواقع الزراعي في غور الاردن.
سادسا- ان فرض السيادة على القدس بصورة كاملة وشاملة وغير مقسمة واعتبارها عاصمة إسرائيل الابدية سيؤثر بشكل مباشر على موضوع الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية على الرغم من الاعتراف الشكلي بالوصاية الهاشمية على المقدسات واعطاء بعض المرونة في التنسيق للزيارات الدينية للقدس، الا ان ذلك يشكل أثرا سلبيا ومقيدا لمفهوم الوصاية الهاشمية على المقدسات ذات الطابع التاريخي والديني والذي تستمد منه الاردن والهاشميون الشرعية الدينية للنظام السياسي.
سابعاً- السجناء المفرج عنهم ولم يمتثلوا لجميع الأحكام المتعلقة بأمن إسرائيل، والتعهد بتعزيز فوائد العيش المشترك يبقوا مسجونين، وكل سجين يفرج عنه له الحق في طلب اللجوء إلى بلد ثالث، وهذا يعني أن جزءاً من هؤلاء من هؤلاء سيلجأون للأردن، وهذا له تأثير آخر على البعد الديمغرافي للحالة الأردنية.
واخيرا وليس اخرا سعت رؤية ترامب (صفقة القرن) الى فرض واقع جديد وحل أحادي استنادا الى منطق القوة والغاء مفهوم الشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي والطلب من العالم بالموافقة والاعتراف بهذا الواقع الجديد.
ان مضامين هذه الرؤية ذات تأثير مباشر وسلبي على الحالة الاردنية من جميع النواحي ومن هنا لا بد من اجتراح الحلول للتقليل من هذه الاثار الكارثية على الأمن الوطني الاردني سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ومن هنا يجب العمل على توحيد الجبهة الوطنية الاردنية وخلق حالة وطنية شاملة للوقوف أمام هذه المؤامرة الكبرى في تصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن شعبا ونظاما.
ان الاخلال بالمعادلة السكانية في الاردن مهدد أساسي وجذري على الهوية الوطنية الاردنية على المستوويين القريب والبعيد، وانهاء الوصاية الهاشمية على القدس يلحق ضررا بالشرعية الدينية للنظام السياسي الاردني، ناهيك عن السياسات التعسفية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين التي ستدفع باتجاه التهجير، وخلق عمليات جديدة على ارض الواقع.
تشكل هذه الرؤية وعد بلفور جديد لعام 2020 على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وما ورد بها من مضامين تمثل حالة استسلام حقيقي ورضوخ للرؤية الاسرائيلية كما هي عقود الأذعان.
almashaqbeh-amin@homail.com