ويسألونك عن الحكومة البرلمانية
هوا الأردن - لم تتضح بعد آلية تشكيل الحكومة القادمة، لكن من المرجح أنها ستكون “منبثقة” عن البرلمان دون أن يشارك فيها أعضاؤه بشكل مباشر، بمعنى ان الكتل البرلمانية التي يفترض أن تتشكل خلال الأيام القادمة ستبدأ بمشاورات مع القصر لترشيح أسماء محددة لرئاسة الحكومة، واذا ما تم التوافق على شخصية ما، فإنها ستقوم بالتشاور مع الكتل البرلمانية لاختيار الوزراء، بحيث يكون لكل كتلة نصيبها من “التشكيلة” تبعاً لوزنها في البرلمان.
تلك إحدى الوصفات المرجحة، لكن ثمة وصفة أخرى يمكن التفكير بها وهي ان ترشح الكتلة الأكبر التي حازت على اكبر عدد من المقاعد في البرلمان رئيس الوزراء، وان يتم التشاور عليها واذا ما تم اختيارها، أصبح بمقدور تلك الكتلة ان تتفاوض مع الكتل الأخرى لتشكيل “تآلف” يضم “3” كتل مثلاً، لاختيار الوزراء بالتوافق، بحيث يصبح هذا “التآلف” في سدة الحكم وتتحول الكتل الأخرى الى سدة المعارضة، ووفق تلك الوصفة سنضمن حكومة “برلمانية” تحظى في لحظة ما ان تسحب الثقة منها وتحل مكانها وفق مبدأ تداول السلطة.
عملياً، لدينا الآن حزب الوسط الاسلامي الذي حاز على (17) مقعداً وهو يسعى الى تشكيل كتلة برلمانية قد تزيد من عدد مقاعده في البرلمان، كما ان لدينا احزاباً وشخصيات نيابية اخرى تحاول ان تشكل “كتلا” داخل المجلس، ومع ان المشكلة هنا تتعلق بصعوبة “استقرار” الكتل نظرا لغياب المرجعيات الحزبية والفكرية والسياسية، الا انه بوسعنا ان نتوقع بروز “6” كتل على الأغلب، واذا ما اتيحت الفرصة مثلا لحزب الوسط ان “ينسّب” باسم رئيس للحكومة، من داخل الحزب أو من خارجه، وان “يتوافق” مع كتل اخرى لتشكيل اغلبية برلمانية قادرة على “فرز” حكومة توافقية، فإننا عندها سنتجاوز مشكلة “الصراع” بين الكتل البرلمانية الذي قد يفضي الى عدم الاتفاق على شخصية رئيس الحكومة وتشكيلها ايضاً.
اذا ما تبلورت “آلية” المشاورات، ومبدأ “البرلمانية” المطلوب حضوره في الحكومة، فإن الدخول في تفاصيل بورصة الأسماء يبدو سهلاً، فثمة من يعتقد أن عنوان الاختيار للرئيس القادم يفترض ان يكون محدداً بتحقيق “الاندماج” في العملية السياسية لمعظم القوى والاطراف الفاعلة في العمل السياسي، حتى الذين ما زالوا في دائرة “المقاطعة” والمعارضة، وهذا ما يتبناه فعلاً حزب الوسط الاسلامي، فيما يعتقد آخرون أن هذا “العنوان” ليس ضرورياً نظراً لصعوبة تحقيق فكرة “الاندماج” أو لحاجتنا في هذه المرحلة الى “التدرج” في التجربة، بحيث نتوجه الى “أسماء” مجربة تستطيع ان تتعامل مع استحقاقات البرلمان، وان تمهد لمرحلة انتقالية تفتح الطريق امام حكومة جديدة.. بمواصفات جديدة ايضاً.
في ضوء ذلك، يبدو من الصعب “التكهن” بشكل الحكومة أو نسختها “البرلمانية” المطلوبة، كما يبدو من الصعب ايضا “التنبؤ” باسم الرئيس القادم ودور “الكتل” البرلمانية بتسميته أو بتنسيب وزراء حكومته على قاعدة المشاركة بالحكومة.
لكن يبقى اننا أمام تجربة جديدة لا بد ان نتعامل معها بمنطق مختلف عما عهدناه فيما مضى عند تشكيل الحكومات.. وذلك أضعف الإيمان.