هدم ذاكرة المكان
هذا العمل للناس ... هكذا علق النحات السوري ربيع الأخرس على هدم التمثال الفني الذي نفذه على الدوار السابع في العام 2002 كأحد مباهي عمّان كعاصمة للثقافة العربية، فهل استشرتم الناس يا أمانة عمان عندما فاجئتم الجميع بقرار الهدم وباشرتم فوراً على أثره بالتنفيذ. لا نجادل في ضرورة عمل تحسينات مرورية عند التقاطعات، ولكن نجادل في ترسيخ ثقافة إحترام عقول الناس وذاكرة المكان لديهم، فبأي حق يتم القفز عن ثقافة المشاركة الشعبية وإشغال المعاول والجرافات في ذاكرة المكان. لقد عدت الى الصور الجوية ووجدت بأن قطر الدوار السابع يبلغ 34 متر وأن عرض المنحوت حوالي عشرة أمتار. وبما أن المنحوت يتنصف الدوار، فمن الطبيعي ان تكون المسافة بين حافته وكندرين الدوار 12 متر من كل جهة، أي أنه كان بالإمكان تصغير المساحة التي كانت تحيط بالمنحوت بمقدار سبعة أمتار ليصبح قطر الدوار (في حال التصغير) عشرين متر، وهي مسافة كافية للحفاظ على فكرة الدوار والمنحوت بداخله، وإفساح المجال لعمل المسارب المطلوبة، وحتى بإضافة إشارات مرورية، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك في مدينة الرياض مثلاً. مرة أخرى نشدد كمخططين حضريين بأننا أمام حدث جلل، تمثل بإهمام المشاركة المجتمعية، فما كان سيضير الأمانة لو أنها خصصت عدة ندوات لمناقشة الموضوع مع الناس، أما كان هذا هو الأفضل لتعميم ثقافة الممارسة الديمقراطية وإحترام العمل الفني والأهم من هذا كله هو إحترام ذاكرة المكان. وقد يجادل بعض مختصي المرور مثل المهندس خالد حدادين بتفاصيل تقنية لا نختلف معه عليها، ولكن الأصل هو الإتفاق بين جميع أصحاب المصلحة على شكل وإستعمال الفراغ العام، فلا تكون الأولية فيها للمركبة في جميع الحالات، وإلا لجعلنا الميادين والساحات مضمار لسباق السيارات، وأصبح الماكينة هي مثلنا الأعلى. أما وقد حدث ما حدث، فإني أدعو الأمانة لعمل مسابقة فنية بين النحاتين العرب لتصميم عمل جديد على المساحة المخصصة والبالغة 36 متر مربع، وإختيار التصميم الأمثل من قبل لجنه تحكيم ذات مصداقية وذلك حتى نرسخ إحترام العمل الفني بين الناس، وأن يشعر المواطن الأردني والضيف بأن عمّان تحترم عقول ساكنيها.