خبراء يطالبون بإعادة النظر في سياسات وأسس القبول الجامعي وآخرون يؤكدون ضرورة تطويرها
تتباين آراء خبراء في التعليم العالي حول سياسات وأسس القبول في الجامعات الرسمية، بين مطالبين بضرورة إعادة النظر فيها، وآخرين يرون أنها "ملائمة" لكنها تحتاج إلى تطوير.
فيما يؤكد خبراء أن إعادة النظر في تلك الأسس "يحتاج إلى قرار سياسي"، ذلك أن إحداث تغيير جذري فيها يتطلب تعديل أربعة تشريعات ما بين قانون ونظام.
وأجمعوا على أنه "لا يجوز الربط بين العنف الجامعي وأسس القبول، لأن الأو هو جزء من العنف المجتمعي".
واعتبر رئيس الجامعة الأردنية الأسبق الدكتور وليد المعاني أن أفضل وسيلة لرفع سوية مخرجات التعليم العالي يكمن برفع معدلات القبول في الجامعات الرسمية والخاصة، مشددا على ضرورة أن يكون الرفع شاملا وعاما، لاسيما أن الجامعات الخاصة تخرج نحو ثلث مجموع الخريجين سنويا.
وحول العدالة في سياسات وأسس القبول، يرى المعاني أن "المتحدثين عن العدالة كُثر، جزء منهم لا يقصد بها حسن النية"، ذلك أن العدالة نسبية و"المساواة بين غير المتساوين ليست عدالة".
وأشار إلى "عدم وجود آلية مقبولة حتى الآن باستثناء معدل شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي"، إذ تم تجريب امتحانات القبول والمقابلات، لكنه تم العبث بها"، مؤكداً أن إعادة النظر في سياسات وأسس القبول تحتاج إلى نظرة شمولية.
وأشاد بالإجراءات التي تتخذها وزارة التربية والتعليم لضبط امتحان "التوجيهي" وإلغاء مسار المعلوماتية، قائلا "علينا أن نحدد حاجاتنا من (التوجيهي)، ووضع أسئلة تقيم مستوى الطلبة الحقيقي، بحيث يكون الامتحان معياريا تحدد فيه نسب النجاح".
وبشأن الاستثناءات التي تتم في سياسات وأسس القبول، قال المعاني إن الدراسات تشير إلى أن "معظم المقبولين من خلال المكارم الملكية لأبناء العاملين والمتقاعدين من القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية وأبناء المعلمين وطلبة المخيمات، هم مقبولون أصلا ضمن قائمة التنافس الحر".
وتابع أن "الاستثناءات المتعلقة بأبناء وأحفاد أعضاء مجالس التعليم العالي، لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من مجموع المقبولين"، مشددا على ضرورة الإبقاء على قبول أوائل المحافظات والألوية.
ودعا المعاني إلى تخفيض أعداد المقبولين في الجامعات، إذ تشكل الأعداد الكبيرة منهم ضغطا كبيرا على الجامعات بما يفوق قدرتها الاستيعابية، ويؤثر في سوية التعليم العالي، محذرا من خطورة توسع الجامعات في قبول الطلبة على البرنامج الموازي.
وذكر أن الجامعات "لا تلتزم" بالنسبة المحددة لها من قبل مجلس التعليم العالي للقبول في البرنامج الموازي، بحجة "الاستقلالية وتخلي الحكومة عن دعمها ماليا"، لافتا إلى وجود "تناقض في المطالبة باستقلالية الجامعات، وعدم الالتزام بقرارات مجلس التعليم العالي بهذا الشأن".
من جانبه، أشار وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأسبق رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور وجيه عويس إلى أنه "وقبل مغادرته لموقعه، أقر مجلس الوزراء استراتيجية للتعليم العالي تضمنت خطة مداها عشرة أعوام لإعادة النظر في سياسات وأسس القبول، إلا أنها لم تر النور".
وبين أن "البحث عن العدالة يقتضي إلغاء الاستثناءات في سياسات القبول تدريجيا وتحويلها إلى منح"، مشيرا إلى دراسة بينت أن "نحو 86 % من المقبولين بناء على المكرمة الملكية للقوات المسلحة وأبناء المعلمين وطلبة المخيمات، مقبولون أصلا وفق التنافس الحر".
وأشار عويس إلى أن الخطة تضمنت تحويل المكرمات من مقاعد إلى منح مع زيادتها للقوات المسلحة من 20 % إلى 30 %، ولأبناء المعلمين من 5 % إلى 10 %، وهو ما يضمن شمول جميع الأعداد بالمنح وينسجم مع المحاولات الرامية لتحقيق التعليم المجاني.
وبشأن قائمة الأقل حظا، أكد عويس ضرورة العمل على الارتقاء بمستوى التعليم العام "الذي يشهد انحدارا مطردا"، مبينا "أن هذا الانحدار سيقلل من تنافسية أبناء المحافظات وخريجي التعليم العام على المقاعد الجامعية، كونه يظلم طلبة الأقل حظا مرتين، الأولى في التعليم العام والثانية في الجامعة".
ودعا إلى "تخصيص سنة تحضيرية للمقبولين على قائمة الأقل حظا تفرز القادر منهم على الاستمرار في الدراسة الجامعية".
وأشار عويس إلى خطة تتضمن عملا تدريجيا لإعادة النظر في سياسات وأسس القبول الجامعي، تبدأ من خلال القبول المباشر في الجامعات لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة، اعتمادا على امتحان الطالب في الجامعة الذي يحدد مساره، خصوصا مع وجود ظاهرة الغش في امتحان (التوجيهي) التي أصبحت، للأسف، مقبولة اجتماعيا".
وأكد ضرورة رفع سوية التعليم العام والاكتفاء بمسارين لامتحان الثانوية العامة، أكاديمي وتقني، مشيرا إلى الضغط الكبير الذي تعانيه الجامعات في ظل زيادة أعداد المقبولين سنويا والتوسع في عملية القبول على البرنامج الموازي في ظل توقف الدعم الحكومي. بدوره، يرى أحد خبراء التعليم العالي أن أسس القبول "اقتصرت في الجامعات الرسمية للعام 2014 – 2015 التي أقرها مجلس التعليم العالي مؤخرا على تعديلات طفيفة، لم تمس جوهر أسس القبول التي تحتاج إلى اجراء تعديلات جذرية إضافة إلى إقرار أربعة تشريعات ما بين قانون ونظام".
وبشأن اقتصار نسبة المقبولين من خلال التنافس الحر على نحو 30 % من المقاعد، واستمرار العمل بقوائم الاستثناءات، بين الخبير، الذي طلب عدم نشر اسمه، "أن المقبولين على قوائم المكارم الملكية، هم أصلا من ذوي معدلات مقبولة على أساس التنافس الحر، وأن إلغاء هذه القوائم يحتاج إلى قرار سياسي".
واقتصرت التغييرات التي أقرها مجلس التعليم العالي في أسس القبول على حصص أوائل المحافظات بالفرع العلمي، على إفراد مقعد في تخصص الطب ومقعدين بتخصص الصيدلة لهم في جامعة اليرموك، ومقعدين بكلية الصيدلة في جامعة مؤتة، وزيادة مقاعد الهندسة المخصصة لهم في جامعة آل البيت من مقعد إلى أربعة، إضافة إلى مقعدي صيدلة بالجامعة الهاشمية.
كما تم تغيير على حصص أبناء العاملين في الجامعات التي لا تطرح تخصصات طبية وصيدلانية، وحصص أوائل المحافظات.
وأبقى مجلس التعليم العالي على تخصصات المقاعد الجامعية التي تمنح للطلبة بحكم صلة القربى، حيث نصت إحدى مواده على أنه "قُبل في واحدة من الجامعات الأردنية أحد أبناء أعضاء مجلس التعليم العالي العاملين، أو السابقين، وحفيد واحد من الدرجة الأولى".
ووفق أسس القبول، فإن المجلس يحدد قبل بداية كل عام دراسي، أعداد الطلبة الذين يمكن قبولهم في كل تخصص من تخصصات الجامعات الرسمية في ذلك العام، بناءً على تنسيب منها، وفي ضوء توصية مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي.
وبقي شرط الحدود الدنيا لمعدلات القبول الجامعي، كما هو وبواقع 85 % في كليات الطب وطب الأسنان، و80 % لكليات الهندسة بما فيها تخصص هندسة الحاسوب والصيدلة والطب البيطري، و75 % لكليات العلوم الطبية المساندة وعلوم التأهيل، و70 % في الشريعة والتمريض والحقوق والقانون والزراعة والصحافة والإعلام، و65 % لباقي التخصصات.