رفع مستوى المعيشة
رفع مستوى معيشة المواطن الأردني واحد من أهم الأهداف المطلوب من الحكومة تحقيقها. وهو بالتأكيد هدف مرغوب ومطلوب، ولكن هناك محددات كثيرة تجعل تحقيقه عملية صعبة.
إذا تركنا مؤقتاً الفروق الفردية في مستويات معيشة المواطنين بين من هم تحت خط الفقر من جانب، ومن هم على قمة الهرم الاجتماعي من جانب آخر، وما بينهما، فإن المتوسط العام لمستوى معيشة المواطنين يعتمد اساساً على حجم الناتج المحلي الإجمالي، ويحسب إحصائياً باستخراج حصة الفرد. بعبارة أخرى فإن حجم الناتج المحلي الإجمالي، منسوباً إلى عدد السكان، يقرر ويقيس المتوسط العام لمستوى المعيشة في أي بلد.
تحسن مستوى المعيشة يتحقق عن طريق تحقيق نمو اقتصادي حقيقي يزيد عن معدل النمو السكاني، مما يسمح بزيادة حصة الفرد من الدخل.
من هنا فإن الدعوة لتحسين مستوى معيشة المواطن الأردني تتطلب زيادة النمو الاقتصادي، بحيث يمكن أن تتحسن حصة الفرد من الدخل باعتبار أن تخفيض عدد السكان ليس خياراً.
إذا كان النمو الاقتصادي في الأردن يتراوح حول 3% سنوياً في الوقت الحاضر، والنمو السكاني يتراوح حول 2% سنوياً، فمعنى ذلك أن الوضع الراهن لا يسمح بتحسين مستوى معيشة الفرد الأردني بأكثر من 1% في السنة، وهي نسبة صغيرة وغير كافية ولا يكاد يشعر بها المواطن، خاصة وإن الاستفادة منها ليست موزعة على الجميع بعدالة، فهناك فئات صاعدة يرتفع دخلها بنسبة أعلى من المتوسط العام، وفئات غير محظوظة لا يرتفع دخلها بالمرة، أو يرتفع بنسبة أقل وربما ينخفض.
رفع مستوى المعيشة هدف اجتماعي، يرتبط 100% بالإنجاز الاقتصادي، ولا يتحقق إلا به، وهنا يكمن التحدي، فإذا أردنا لمستوى المعيشة أن يتحسن بنسبة 5% فعلينا أن نحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 7% بالأسعار الثابتة، أو 11% بالأسعار الجارية، وهي اهداف قد لا تكون واقعية في الظروف الراهنة.
عندما يطالب جلالة الملك بإعطاء الأولوية لتحسـين مستوى المعيشة، فإنه في الواقع يطالب بتسريع النمو الاقتصادي لتكبير كعكة الاقتصاد الوطني حتى يمكن زيادة نصيب الفرد منها، ومن هنا تأكيده بأن التحدي الاول الذي يواجه الأردن اليوم هو الاقتصاد.