ملابس بالية
في بيت كل منا مهما كان غنيا او فقيرا ملابس أنهت عمرها الافتراضي وأكملت سنوات التقاعد بكل أنواعه، بعضها نحتفظ به دون ان نستعمله لعلنا في لحظة نحتاجها، واحيانا يكون الدافع الحرص أو البخل، وبعضها نستعمله لكننا نرى فيه آثار الزمن، ففيه كل انواع الاصلاحات من خياطة او تقصير او سد عيوب، فضلا عن تغير الالوان، نلبسها ونخرج بها لكننا نعلم انها في أي وقت قد تعرضنا لموقف حرج وبخاصة اذا تعاقبت هذه الملابس على الجسم وهو يتحرك بين وزن زائد او نحافة .
ومهما حاولنا إعطاء هذه الملابس البالية «الاحترام» او الاهتمام من غسيل وغيره فاننا لا نستطيع ضمان بقائها ، كما انها غير مدهشة لمن يشاهدها، وكلما زاد اصرارنا على استخدمها شهرا بعد آخر فانها تتحول الى عبء علينا، واحيانا تصبح كلفة العناية بها أكبر من فائدتها او ما تبقى من ثمنها، وزمنا بعد زمن تصبح مصدر «حرج» لمن يستعملها، وبدلا من ان تكون حلا لمشاكلنا تصبح هي المشكلة، فالجاكيت يمكن ان تصبح «اكمامها» قصيرة والبنطلون قد يكتسب لونا آخر او تتسرب الخيوط منه، ومهما قمنا «بدعمه» و توفير الغطاء له من نظافة وغيرها فان الحال لن يتغير والعيوب تصبح أكبر من كل عناية، وعندما تبقى مصرا على استخدام هذه الملابس البالية تصل بها الى مرحلة جديدة وتنتقل من «بالية» الى «مهترئة» ، وكلما تعمقت حالة «الاهتراء» انكشفت العيوب والعورات وبدلا من ان تسترك يكون شغلك الشاغل تفقد الملابس المهترئة وماذا خرج بها من عيوب جديدة .
واجب ووظيفة الملابس ان تستر العورات وان تكون مصدر جمال لصاحبها، لكن عندما تبلى وتهترئ تصبح عبئا على صاحبها، لا تجلب جمالا بل تكشف العيوب، وتحتاج الى من يتابعها لحظة بلحظة بالصيانة وسحب الخيوط وتحول لابسها الى مصدر تندر من المشاهدين .
التخلص من الملابس البالية والمستهلكة ليس خدمة للفقراء او تجار مخلفات البيوت بل هي مصلحة مباشرة لمالكها ومن اشتراها للزينة والستر، والانتظار قد يكون ايجابيا عندما تكون هناك «بقية» من عمر في هذه الملابس ، لكن الانتظار بعدما تصبح البدلة ممزقه او مكتظة بالثقوب او لون الجاكيت تحول من لونه الاصلي الى اخر، هذا الانتظار له كلفة كبيرة اقلها ان مهمة الستر والزينة التي جاءت الملابس من اجلها اختفت او كسدت .
مواسم الاعياد وتغير الفصول من فصل لاخر مناسبة لرب الاسرة ان يخلص أسرته من الملابس البالية، لكن الخطأ يكون فيما لو كانت الملابس البديلة ملابس بالية اخرى تم تخزينها «فوق السدة» او في اكياس سوداء، فالتخزين ليس وسيلة للتخلص من العيوب او لاعادة انتاج ملابس مهترئة بالية أخرى .