الإرشاد المدرسي الواقع والمأمول
لا يخفى على أحد أن معظم المدارس الحكومية مشمولة بخدمات الإرشاد التربوي والسؤال المطروح ماذا يقدم المرشد التربوي من خدمات وقائية ونمائية وعلاجية للطلبة على أرض الواقع ، وهل الأهداف المرجوة متحققة من وجوده ، أم أن هناك مهمات تناط بالمرشد أو المرشدة من الإدارات المدرسية ليس لها أي علاقة بما هو مطلوب منهم فعلاً.
واقع مدارسنا ينبأ بتفشي سلوكات غير مرغوبة لم نعهدها في مدارسنا ، وتحتاج إلى معالجة مدروسة وموجهة ، من خلال خطط علاجية ووقائية تشارك فيها كل الأطراف المعنية بدءاً من قسم الإرشاد في الوزارة وإنتهاءاً بأولياء أمور الطلبة.
منذ زمن واصحاب الشأن التربوي ينادون بتفعيل دور المرشد التربوي في المدرسة وتوفير كافة السبل لتحقيق الاهداف المنشودة لوجوده بتحقيق مفهوم الإرشاد , واقعاً وممارسة .
والذي يعرف بأنه العملية التي تؤدي إلى مساعدة الطلبة على حل مشكلاتهم وتعديل السلوكات غير المرغوبة بتنمية شخصياتهم , ومساعدتهم على تعلم طرق جديدة لفهم أنفسهم والتعرف على قدراتهم وامكاناتهم واستغلالها امثل استغلال , وطرق الاستجابة لدوافعهم وللبيئة الاجتماعية والثقافية التي يعيشون فيها , وهذا بالمحصلة يؤدي إلى مساعدتهم على تحقيق التوافق الدراسي بكل مناحيه , تحصيلياً , وسلوكياً , وتكيفياً.
ولتحقيق هذه الغاية , يتطلب الامر حزمه من الشروط الواجب توافرها في المرشد التربوي بالإضافة للتخصص , بأن يكون مؤمناً بدوره ولديه الرغبة والدافعية للعمل في هذا المجال , وتقديم خدماته برضى وحرص وأمانة، بالإضافة إلى تطوير قدراته في مجال المقاييس والاختبارات النفسية والاجتماعية ، وأن يكون لديه الخلفية التربوية الكاملة لتفهم ظروف الطلاب ومساعدتهم على حل مشاكلهم , وأن يكون ملماً بلوائح وانظمة وتعليمات التربية والتعليم ، وأن يبني علاقة إيجابية مع الإدارة والمعلمين وأن يقنعهم بدوره من خلال الخدمات الإرشادية والمبادرات التي يقوم بها في مدرسته لتحسين تكيف الطلبة في جميع الجوانب كما اسلفنا.
فما يحدث من عنف داخل مدارسنا وتجاوزات بالتعدي على الطلبة بالضرب , أو تعدي الطلاب على معلميهم ، أو المشاجرات التي تدور بين الطلاب انفسهم .
كلها مؤشرات تدلل على غياب الدور الإرشادي في المدارس ، وعدم وجود لغة حوار بين كل الأطراف المعنية بهذا الأمر , من اسره , وإدارة مدرسيه , ومعلمين , ومرشدين , ومجتمع محلي ومؤسسة دينية .
فهذه الأطراف لو تكاتفت بجدية ، لتحقق الخير الكثير في تجاوز السلوكات والممارسات السلبيه والتي باتت تؤرق الجميع قي مدارسنا .
فالنظام التعليمي في الأردن كان انموذجاً يحتذى بتميزه وضبطه , وكانت مدارسنا منارات تربية وعلم واخلاق، وكان معلمينا نماذج طيبة لا زلنا نتمثلها ونحترمها لهيبتها ووقارها وإنتمائها لمهنتها ، وكان المجتمع داعماً لهيبة المعلم ومكرساً لدوره التربوي في بناء جيل يحترم ذاته ويحترم الآخرين تحت مظلة قوانين وأنظمة ضابطة لمسيرة التعليم .
لذا نناشد وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في اهمية تفعيل قطاع الإرشاد التربوي، وتأهيل العاملين فيه، واختيارهم بعنايه فائقه , فليس كل من درس الارشاد يصلح ان يكون مرشداً . وتحسس واقع السلوكات الطلابية في المدارس، والعمل على تجاوز السلبية منها , من خلال البرامج الوقائية والعلاجية والنمائية .
فواقع مدارسنا بحاجة لمراجعة دورية تصحيحية وقائية علاجيه , الاصل ان تكلف بها لجنة خبراء متخصصة، تُمنح مساحة من الصلاحيات , لتقوم بالمطلوب وبالسرعة الممكنة , ليعود لنظامنا التعليمي ولواقع مدارسنا ألقة وتميزه الذي كان عليه.
واطلاق مبادرة جلالة الملكة بايلاء الارشاد التربوي الاهتمام للاطلاع بدوره , فرصةحقيقه لاصحاب القرار بتوفير كافة الامكانات للنهوض بهذا القطاع المهم , لتتحقق الاهداف المرجوة بالشكل الامثل .