امتحان الكفاءة وخيبة الأمل
بحسب مطلعين على مراقبة الشؤون الثقافية في السفارات العربية وتحديداً الخليجية فإن تقارير تلك الملحقيات اهتمت بنتائج امتحان الكفاءة الذي اعلنته هيئة الاعتماد الاثنين الماضي وكانت نتائجة غاية في الخطورة.
وتستدعي اجراء مراجعة عامة لحال التعليم وكفاءة الخريج الجامعي وقدراته في التخصص ومهاراته، وفي جميع الأحوال سيكون لهذه النتائج آثارها المباشرة على خيارات العمل والتعيين والدور الوظيفي وهو ما أشار إليه امين عام ديوان الخدمة المدنية بحسب ما نشر.
امتحان الكفاءة لا يقيس المستوى العلمي فقط للطالب، ولم تكن غايته مجرد الاختبار وحسب عند اقراره، بل يهتم بالكفايات العلمية والمهارات الفكرية والنقدية لدى الطالب.
وهو ما ذهب إليه رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي د. بشير الزعبي الذي أشار في مؤتمر صحفي يوم الاثنين الماضي إذ بين أن نسبة إتقان الكفاءات والمهارات ونتاجات التعلم التي قيست في امتحان الكفاءة الجامعية لعشرين ألف طالب في المستوى العام كانت (45%) في الفصل الدراسي الاول من العام الجامعي( 2014/2015 ) وشمل القياس مهارات التفكير الناقد، البحث والتحليل، التفكير الرياضي، التفكير اللفظي، التفكير المنطقي.
لكن في القراءة الشاملة لنتائج الامتحان فإن 25 جامعة من اصل 43 تعرضت للامتحان فشلت في تحقيق درجة الاتقان التي حددتها هيئة الاعتماد بنسبة (45% )، وبذلك كان المعدل بين (43-53% )وهي نسب متدنية وكاشفة لحال التعليم العالي الذي لا يمكن أن نرد اسباب ترديه للسنوات الاربع التي يقضيها الطالب في الجامعة بل أن المسألة تعود لسنوات التعليم العام والتنشئة الأسرية والبيئة والمعرفة التي يتلقاها الطالب ونوعية التعليم ما قبل الجامعي.
امتحان الكفاءة لم يعد بدعة، بل هو بحاجة اكثر للمأسسة والتمكين، صحيح أن بعض الجامعات لا تقبل به، ولا ترتضيه وترى أنه لا يحق لأحد أن يقيم منتجها الطلابي المعرفي، لكن الحقيقة المرة هي أن هناك نظام تعليمي بائس يقوم عليه بعض - وليس الكل- الاساتذة المتمرسون عن ما يمنحهم اياه النظام التعليمي من سلطة وهيمنة على الطلاب، فانتجوا طلابا يخافون التفكير والنقد والنقاش في المحاضرات.
لقد جرى نقد التعليم العالي بالسنوات الأخيرة من سير اكاديمية شاركت في صياغة الواقع التعليمي، ولكنها لم تفعل الكثير للمأسسة وتحقيق معاير الحرية العلمية والنقاش والجدل، بكل كرست الهيمنة والاستبداد والشدة، وكأنها سبيلا لاعداد الطلاب، وهذا النمط لا ينتج طلاباً قادرين على الابداع.
في المقابل، اعتدي على إرادة الجامعات واستقلالها، أقيل رؤساء باسباب غير منطقية وهم سير محترمه علمياً، ومُست الجامعات، حتى انهارت في بنيتها الداخلية، لذا فإن امتحان الكفاءة يجب أن يُخرج مؤسسة الاعتماد عن دورها الفني إلى دور آخر، وهو الجودة وقياس مؤشرات الحرية الأكاديمية والحاكمية والشفافية وغير ذلك من مؤشرات الاستدامة.
صحيح أن امتحان الكفاءة نبت في ظلال الخطة الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي خلال الأعوام (2004-2006 )وفق رؤية تقوم على ايجاد نظام تربوي ذي جودة عالية قادر على تخريج كوادر بشرية مؤهلة ومتخصصة في مختلف حقول المعرفة لتلبية حاجات، لكن الجامعات الأردنية عامة تحتاج إلى ما هو أعمق لعلاج الأزمة لأن الجامعات ستتسابق لاعلان نتائجها.
وعلى القارئ للاخبار أن يردك بأن النتائج تحتاج لربطها بعدد الطلاب في الجامعة وعدد الطلبة المتقدمين للامتحان. وقبل التسابق على النتائج،على الجامعات العودة لفحص المناخ العام للتعليم عندها وهو بالتأكيد مناخ عليل بالأبوية البطريركية والتلقين وغياب الابداع إلا ما رحم ربي.