السطر الأخير في خطاب الملك
هوا الأردن - اسامة الرنتيسي
الخطاب الملكي الأخير لا يزال يلقى كمًا كبيرًا من التحليلات، والاستنتاجات، حتى الآن. والسؤال الذي يفتح على المستقبل؛ لماذا طلب رأس الدولة 10 مرات من الاردنيين أن يرفعوا رؤوسهم.
بتواضع شديد أقول: إن الاجابة موجودة في السطر الأخير من الخطاب الملكي…، "ما كان قدر هذا البلد يومًا، إلّا أن يكون بدايةً لما هو أعظم".
نقرأ من هذه العبارة أن هناك أحداثًا كبيرة سوف تقع في المنطقة، وأن الأردن سوف يكون المحور واللّاعب المهم في ملفات المنطقة الساخنة، بعد أن أصبح "الجزيرة" الوحيدة الآمنة في الاقليم.
في طهران التي أصبحت "تسيطر على أربعة عواصم عربية" مثلما بات يقول الجميع؛ مربط الفرس في فكفكة ملفات المنطقة الساخنة وحسمها، لهذا جاءت الرسالة الأردنية إلى القيادة الايرانية في توقيت ليس مضبوطًا على ساعة عمّان وحدها، بل على ساعتي واشنطن والرياض، وساعات الأصدقاء والحلفاء، في خطوة ليست أردنية بحت، بل لمصلحة ملفات المنطقة عمومًا.
بات في المنظور تغييرات في المعادلات الاقليمية، ومن المرجح أن يكون هناك اتفاق نووي أميركي إيراني، كما نقل عن وزير الخارجية الاميركي جون كيري قوله عندما وصل إلى الخليج لبث الاطمئنان لدى قياداته أن الاتفاق في اللّمسات الأخيرة، وهذا يؤكد أن المباحثات بين كيري ووزير الخارجية الايراني ظريف قد أنتجت، وبحاجة الى نوع من التشجيع والنصح والدفع تجاه ما تريده واشنطن، وهذا هو الفعل السياسي للرسالة الاردنية الى طهران.
في جعبة طهران، ملفات أبعد من "السيطرة على أربعة عواصم عربية" والأهم ملف عصابة داعش الاجرامية، فمنذ لحظة توقيع اتفاقية النووي الايراني الاميركي، سوف تَسقط ورقة داعش مباشرة، وتُكتب شهادة وفاتها، في سورية والعراق وليبيا ومصر، ويتم تجفيف منابع دعمها كلها، وهذا إنجاز كبير للرسالة الأردنية إلى طهران.
ومن طهران أيضًا، سوف يُتّخذ القرار بتنظيف الأوضاع في العراق، ويعاد ترتيب الأوضاع السياسية والأمنية في مدن العراق بعد التخلص من مجرمي داعش، كما لا بد ان تكون في الرسالة الأردنية الأميركية السعودية، منافذ جديدة للحرب في سورية، ومخارج للأزمة المشتعلة في اليمن، وحسم للرئاسة المتعطلة في لبنان.
الايرانيون، على مختلف مستوياتهم السياسية والدبلوماسية، كانوا يعلنون أنهم يرفضون أن توضع ملفات المنطقة على طاولة المباحثات الايرانية الاميركية للملف النووي، وعلى ما يبدو فقد حققوا نجاحًا كبيرًا في ذلك، والآن جاء دور طهران لتساهم في لحلحة هذه الملفات، بما لا يتعارض مع المصالح والمشروع الايراني، وبما تقبل به واشنطن واصدقاؤها في المنطقة.
من هنا إلى نهاية حزيران المقبل، من الممكن أن تكون معظم الملفات الساخنة في طريقها إلى التبريد، عصابة داعش ستلفظ أنفاسها وتصبح نسيًا منسيًا، والحرب السورية ستتموضع تجاه الحلول السياسية، واليمن يعيد ترتيب أوضاعه من دون اقتتال عنيف، والعراق يرتب أوراقه من جديد، وتنخفض المشاحنات بين دول مجلس التعاون، وتهدأ الأوضاع في مصر، بعد إعادة تأهيل الاخوان المسلمين من جديد، وقد تجد الاوضاع لحظتها مسارًا مختلفًا في القضية المركزية العربية "الصراع الفلسطيني الاسرائيلي"، إذ لا يمكن ان تترتب ملفات المنطقة، ويُحاصر الارهاب والداعشية من دون إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.