آخر الأخبار
ticker مجلس الشيوخ الأمريكي يقر إلغاء "قانون قيصر" على سوريا ticker النشامى يختتم تحضيراته لمواجهة المغرب في نهائي كأس العرب ticker جامعات تؤخر دوام العاملين وتحول محاضرات الطلبة عن بُعد الخميس ticker الأرصاد تحذّر: انجماد والحرارة دون الصفر الليلة وصباح الخميس ticker الصناعة والتجارة: أخذنا بمجمل التوصيات للتعامل مع مدافىء الغاز ticker رئيس الوزراء يوجّه بتطبيق القانون على ملقي النفايات عشوائيًا ticker بالأسماء .. تأخير دوام طلبة مدارس في الجنوب الخميس ticker الملك يهنئ المسيحيين في الأردن وفلسطين والعالم بالأعياد المجيدة ticker تأخير دوام عاملي سلطة البترا الخميس إلى التاسعة صباحاً ticker الأميرة سمية بنت الحسن ترزق بحفيد جديد ticker بالصور .. الجيش يبدأ بإجراء الفحوصات الطبية لمكلفي خدمة العلم ticker شاشات عملاقة لعرض مباراة النشامى بنهائي كأس العرب في المحافظات كافة ticker سلامي: أنا قائد المنتخب الأردني أسعى للتتويج ولا أحد يشكك بأمانتي ticker إعلان نتائج الشموسة .. إحالة التقرير للقضاء وقرارت حكومية لحظرها ticker إسرائيل تمنع أعضاء في البرلمان الكندي من دخول الضفة عبر الأردن ticker الأشغال: لا حوادث أو أضرار غير اعتيادية في ثلوج الجنوب ticker بالصور .. المستشفى الميداني الأردني في شمال غزة يستأنف عمله ticker يزن النعيمات يعلن نجاح العملية الجراحية ticker الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة طائرة مسيرة ticker تخفيض رسوم التداول ورسوم تجديد الترخيص في بورصة عمان

مالكُ بن الرَّيْبِ ، وَحَنِيْنُهُ للديار !

{title}
هوا الأردن - شريف الترباني

لقد تَمَيَّزَ العربيُ عن غيرِهِ في زيادةِ حُبِّهِ للديار التي تَرَّبى بها ، وكانتْ دارَ صِباه ، والقَصصُ في ذلكَ كثيرةٌ لا يأتي عليها العدُّ سواء عند الرجال أو النساء ، وحبُّ الأوطان من الغرائز التي يشتركُ فيها الانسانُ والطيرُ والحيوان ، وما يُشاعُ في أوساط العوامِ : ( أنّ حُبَّ الأوطانِ من الإيمان ) ، وينسبونه للرسول – صلى الله عليه وسلم – فلا يَصِحُّ ولا يَثْبُتُ .

وقد قرنَ اللهُ – عزَّ وحلَّ – الخروجَ من الوطن بالقتل ، قال تعالى : 

(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ).

فتركُ الأوطان شَبيْهُ القتل ، فالجسمُ هو موطنُ الروح ، والوطنُ موطن الانسان ، فوقعُ الخروجِ من الوطن ، كوقعِ خروجِ الروحِ من الجسد !

فلذلك قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – لورقة بن نوفل – رضي الله عنه – في القصة المشهورة : ( أَوَمُخْرِجِيَّ هم ) ؟! أي من مكة .

فلا يَحِنُّ للوطن إلا أصحابُ المُروءات ، والمعادنِ الكريمة ، وقد نصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ من الأُدباء ، حتى عَدُّوا ذلك في كرائم الإبل وخاصةً المهريَّة منها ، نسبةً إلى بلاد مهرة  !

فهذه أعرابية تَحِنُّ لموطنها ومواردِ الماء التي كانت تعرفها ، وتَرِدُ عليها :

وما ذنبُ أعرابيَّةٍ قَذَفَتْ بها 
..... صروفُ النَّوى من حيثُ لم تَكُ ظَنَّتِ

تَمَنَّتْ أَحَاليبَ الرُّعاةِ ، وخيمةً 
.....  بنجدٍ فلم يَقْضِ لها ما تَمَنَّتِ

إذا ذَكَرَتْ ماءَ العُذَيْبِ ، وَطِيْبَهُ
..... وَبَرْدَ حَصَاهُ آخِرَ الليلِ حَنَّتِ

لها أَنَّةٌ عندَ العِشاءِ وَأَنَّةٌ 
.....  سُحَيْرًا، ولولا أنَّتاها ؛ لَجُنَّتِ .

فالحنينُ للوطن يُنْبِتُ الأنَّاتِ ، وَيُكْثِرُ الآهاتِ ، فهذه المرأةُ تَحِنُّ لبلادها في نَجْدٍ ، وتتشوَّقُ لماء العُذَيْبِ عسى أن يُطْفِئَ غُلَّةَ التحنانِ والأشواق .

ولا تَغيبُ عنا قصَّةُ ميسون الكلبية زوجِ معاويةَ – رضي الله عنه  - لما سَكَنتْ قُصورَ الشام ، كيف حَنَّتْ لبلادها نجد حنين الواله المُتْعَبِ ، وفضَّلتْ بيتَ الشَّعْرِ على قُصورِ دمشق !

وهذا مالكُ بن الرَّيْبِ المازني التميمي الذي كانَ أوَّلَ أمرِهِ قاطِعَ طريق ، ومن شُطَّار العرب ، فَمَنَّ اللهُ عليه بالهداية ، وأصبح يغزو في سبيل اللهِ مع حفيدِ عثمان – رضي الله عنه – في بلاد خرسان ، وأثناء سيرِهم في غزوة ؛ لَدَغَتْهُ أفعى ، فقال  - قُبَيْلَ موتِهِ  - مُتَشَوِّقاً لديارِه :

أَلا ليتَ شِعْري هل أَبِيْتَنَّ ليلةً
.....  بوادِي الغَضَى أُزْجِي الِقلاصَ النَّواجِيَا

فَليتَ الغَضَى لم يَقْطَعْ الرَّكبُ عَرْضَهُ  
..... وَلَيْتَ الغَضَى مَاْشى الرِّكابَ لياليا

لقد كان في أهلِ الغَضَى لو دَنَا الغَضَى 
.....  مَزَارٌ ، ولكنَّ الغَضَى ليس دَانِيَا .

فهذه ثلاثةُ أبيات بدأ مالكُ بن الريب قصيدَتَهُ بِهِنَّ ، وهو يُغادِرُ هذه الدنيا ، فلا ذِكْرَ إلا لوطَنِهِ ، وما فيه من الشُّجيرات ، فقد جاء ذِكْرُ ( الغضى ) – وهو من شجر الصحراء – ستَّ مرَّات ، إزدحامٌ في الذاكرةِ ، وهذا الازدحام في ذِكْرِ الغضى ، لهُ دِلالاتُهُ النَّفْسية ، منها :

1 – أنَّه من مواليد الغضى ، وبلاد الغضى ، فكان ثرى الغضى أوَّلَ  مُلامِسٍ لِجِلْدَتِهِ عند الولادة ، كما كان الغضى آخرَ شيءٍ جاء على لسانه من أشياء الدنيا !!

2 – الغضى من أعظم أنواع الشجر ، نارا ، وجمرًا ، وحرَّا ، فلذلك كَثُرَ ذِكْرُهُ في حُرْقَةِ أفْئِدَةِ المحبين والعاشقين ، فجوفُ مالك بن الريب مُلْتَهِبٌ حنيناً لوطنِهِ ، وملاعِبِ صِبَاه !

 

 
تابعوا هوا الأردن على