آخر الأخبار
ticker المواقع السياحية في الطفيلة تشهد حركة سياحية نشطة ticker في عيد الجلوس .. فعاليات المفرق تحتفي بإنجازات الملك عبدالله الثاني ticker في ذكرى الجلوس .. أبناء العقبة يستذكرون الإنجازات التي تحققت في عهد الملك ticker عيد الجلوس الملكي .. نهج مستمر برعاية ذوي الإعاقة ودمجهم ticker عجلون تسجّل انتعاشا سياحيا خلال عطلة العيد ticker الملكية لشؤون القدس : عيد الجلوس استمرار لمسيرة البناء ticker متصرفية الأغوار الشمالية تدعو لعدم الاقتراب من المسطحات المائية ticker ترامب يعلن مباحثات تجارية بين واشنطن وبكين في لندن ticker ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين إلى 3.2853 تريليون دولار في أيار ticker القسام تعلن تفجير عين نفق بقوة صهيونية من 6 جنود ticker أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو ticker مظاهرات في عواصم أوروبية تنديدا بحرب الإبادة والتجويع في غزة ticker سوريا تعفي الأردنيين من رسوم التأشيرة وسماح الاقامة لمدة 6 أشهر ticker تكية أم علي تباشر بتوزيع لحوم الأضاحي المحلية الطازجة ticker مظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى ticker 100 ألف أضحية سورية تساهم في استقرار الأسعار بمحافظات الشمال .. والعاصمة عمان الأعلى مبيعا ticker ارتفاع رؤوس أموال شركات الصرافة إلى 119 مليون دينار في 2024 ticker تراجع الإعفاءات على رسوم تصاريح عاملات المنازل 80% ticker نقل مجاني لحاملي هذه التذاكر عبر الباص السريع وباص عمّان ticker سوريا تفكك مخيم الركبان قرب حدود الأردن وتنهي "مثلث الموت"

مالكُ بن الرَّيْبِ ، وَحَنِيْنُهُ للديار !

{title}
هوا الأردن - شريف الترباني

لقد تَمَيَّزَ العربيُ عن غيرِهِ في زيادةِ حُبِّهِ للديار التي تَرَّبى بها ، وكانتْ دارَ صِباه ، والقَصصُ في ذلكَ كثيرةٌ لا يأتي عليها العدُّ سواء عند الرجال أو النساء ، وحبُّ الأوطان من الغرائز التي يشتركُ فيها الانسانُ والطيرُ والحيوان ، وما يُشاعُ في أوساط العوامِ : ( أنّ حُبَّ الأوطانِ من الإيمان ) ، وينسبونه للرسول – صلى الله عليه وسلم – فلا يَصِحُّ ولا يَثْبُتُ .

وقد قرنَ اللهُ – عزَّ وحلَّ – الخروجَ من الوطن بالقتل ، قال تعالى : 

(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما ).

فتركُ الأوطان شَبيْهُ القتل ، فالجسمُ هو موطنُ الروح ، والوطنُ موطن الانسان ، فوقعُ الخروجِ من الوطن ، كوقعِ خروجِ الروحِ من الجسد !

فلذلك قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – لورقة بن نوفل – رضي الله عنه – في القصة المشهورة : ( أَوَمُخْرِجِيَّ هم ) ؟! أي من مكة .

فلا يَحِنُّ للوطن إلا أصحابُ المُروءات ، والمعادنِ الكريمة ، وقد نصَّ على ذلك غيرُ واحدٍ من الأُدباء ، حتى عَدُّوا ذلك في كرائم الإبل وخاصةً المهريَّة منها ، نسبةً إلى بلاد مهرة  !

فهذه أعرابية تَحِنُّ لموطنها ومواردِ الماء التي كانت تعرفها ، وتَرِدُ عليها :

وما ذنبُ أعرابيَّةٍ قَذَفَتْ بها 
..... صروفُ النَّوى من حيثُ لم تَكُ ظَنَّتِ

تَمَنَّتْ أَحَاليبَ الرُّعاةِ ، وخيمةً 
.....  بنجدٍ فلم يَقْضِ لها ما تَمَنَّتِ

إذا ذَكَرَتْ ماءَ العُذَيْبِ ، وَطِيْبَهُ
..... وَبَرْدَ حَصَاهُ آخِرَ الليلِ حَنَّتِ

لها أَنَّةٌ عندَ العِشاءِ وَأَنَّةٌ 
.....  سُحَيْرًا، ولولا أنَّتاها ؛ لَجُنَّتِ .

فالحنينُ للوطن يُنْبِتُ الأنَّاتِ ، وَيُكْثِرُ الآهاتِ ، فهذه المرأةُ تَحِنُّ لبلادها في نَجْدٍ ، وتتشوَّقُ لماء العُذَيْبِ عسى أن يُطْفِئَ غُلَّةَ التحنانِ والأشواق .

ولا تَغيبُ عنا قصَّةُ ميسون الكلبية زوجِ معاويةَ – رضي الله عنه  - لما سَكَنتْ قُصورَ الشام ، كيف حَنَّتْ لبلادها نجد حنين الواله المُتْعَبِ ، وفضَّلتْ بيتَ الشَّعْرِ على قُصورِ دمشق !

وهذا مالكُ بن الرَّيْبِ المازني التميمي الذي كانَ أوَّلَ أمرِهِ قاطِعَ طريق ، ومن شُطَّار العرب ، فَمَنَّ اللهُ عليه بالهداية ، وأصبح يغزو في سبيل اللهِ مع حفيدِ عثمان – رضي الله عنه – في بلاد خرسان ، وأثناء سيرِهم في غزوة ؛ لَدَغَتْهُ أفعى ، فقال  - قُبَيْلَ موتِهِ  - مُتَشَوِّقاً لديارِه :

أَلا ليتَ شِعْري هل أَبِيْتَنَّ ليلةً
.....  بوادِي الغَضَى أُزْجِي الِقلاصَ النَّواجِيَا

فَليتَ الغَضَى لم يَقْطَعْ الرَّكبُ عَرْضَهُ  
..... وَلَيْتَ الغَضَى مَاْشى الرِّكابَ لياليا

لقد كان في أهلِ الغَضَى لو دَنَا الغَضَى 
.....  مَزَارٌ ، ولكنَّ الغَضَى ليس دَانِيَا .

فهذه ثلاثةُ أبيات بدأ مالكُ بن الريب قصيدَتَهُ بِهِنَّ ، وهو يُغادِرُ هذه الدنيا ، فلا ذِكْرَ إلا لوطَنِهِ ، وما فيه من الشُّجيرات ، فقد جاء ذِكْرُ ( الغضى ) – وهو من شجر الصحراء – ستَّ مرَّات ، إزدحامٌ في الذاكرةِ ، وهذا الازدحام في ذِكْرِ الغضى ، لهُ دِلالاتُهُ النَّفْسية ، منها :

1 – أنَّه من مواليد الغضى ، وبلاد الغضى ، فكان ثرى الغضى أوَّلَ  مُلامِسٍ لِجِلْدَتِهِ عند الولادة ، كما كان الغضى آخرَ شيءٍ جاء على لسانه من أشياء الدنيا !!

2 – الغضى من أعظم أنواع الشجر ، نارا ، وجمرًا ، وحرَّا ، فلذلك كَثُرَ ذِكْرُهُ في حُرْقَةِ أفْئِدَةِ المحبين والعاشقين ، فجوفُ مالك بن الريب مُلْتَهِبٌ حنيناً لوطنِهِ ، وملاعِبِ صِبَاه !

 

 
تابعوا هوا الأردن على