الكتروني بلا قيود
العنوان أعلاه هو عبارة عن حملة ينظمها عدد من طلاب الصحافة والإعلام في الجامعات الأردنية، خاصة طلبة اليرموك التي تخرجت منها قبل ثلاثين سنة.
ويستخدم هؤلاء الطلبة وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وانستغرام للتعريف بحملتهم الشبابية التي تهدف إلى تعديل المادة 49 من قانون المطبوعات والنشر التي تفرض قيودا على المواقع الإخبارية الإلكترونية مثل تعيين رئيس تحرير لها يكون عضوا في نقابة الصحفيين لمدة لا تقل عن أربع سنوات ومتفرغا، واعتبار التعليقات التي تنشر في المطبوعة الالكترونية مادة صحافية لغايات مسؤولية المطبوعة الالكترونية ومالكها ورئيس تحريرها بالتكافل والتضامن، ووجوب احتفاظ المطبوعة الالكترونية بسجل خاص بالتعليقات المنشورة على ان يتضمن هذا السجل المعلومات المتعلقة بمرسلي التعليقات وبمادة التعليق لمدة لا تقل عن ستة اشهر.
كما توجب على المدير (مدير هيئة الإعلام) حجب المواقع الالكترونية غير المرخصة في المملكة اذا ارتكبت مخالفة لاحكام هذا القانون أو اي قانون آخر.
وضمن نشاط هؤلاء الطلبة نظموا مناظرة حضرها النائب جميل النمري والمحامي عبدالرحمن الشراري وسيف عبيدات وكاتب المقال.
وأكد الحضور أن ترخيص المواقع الإخبارية يتنافى مع المعايير الدولية مقدمين اقتراحا بالاكتفاء بالتسجيل لمعرفة عنوان الناشر وتحديد مسؤوليته في حال الاعتداء على حقوق الآخرين.
صحيح أن بعض المواقع الإخبارية أساءت للآخرين والمسؤولين من دون حق، لكن الأمر يشبه بحيرة فيها سمكة فاسدة، والحل ليس بتجفيف البحيرة، إنما بإخراج السمكة الفاسدة منها.
في بداية تسعينيات القرن الماضي كانت في الأردن طفرة في أعداد المطبوعات الأسبوعية التي كانت لها فوائد ومفاسد لكنها الآن اختفت.
لقد كنت في تونس قبل ثلاثة أسابيع وعلمت أن فيها نحو ثلاثمئة حزب مسجلة وهذا أمر طبيعي في دولة كانت بوليسية لعقود عديدة، خاصة تحت حكم بن علي وزوجته "حاكمة قرطاج" حسب تسمية صحافي فرنسي. وبعد فترة سيعمل السوق على تنظيم هذا العدد الكبير من الأحزاب لتتبلور في النهاية في عدة أحزاب قد تزيد قليلا على اصابع اليد الواحدة.
إن إغلاق المواقع الإخبارية التي لم تستطع توفيق أوضاعها قد أساء إلى صورة الأردن في مؤشرات حرية الصحافة في العالم وفي مقياس نقابة الصحفيين الأردنيين أيضا.
إن إغلاق موقع الكتروني كما حدث مع "سرايا" مؤخرا لا يعني معاقبة الناشر فقط وإنما الجمهور الذي يحب أن يزور هذا الموقع الإخباري.
هذه تكنولوجيا جديدة ضمن حركة التاريخ ولا يجوز تنظيمها بقوانين قديمة.
حتى لغةً فإن صحافيا وصحيفة ونقابة صحفيين ومطبوعة وقانون مطبوعات تدل تاريخيا على طبع يطبع من مطبعة جوتنبرغ حتى هايدلبرغ، أما ما نراه الآن فلا يمت بصلة إلى الطباعة ولا الصحف الورقية إنما تعبير الكتروني على شاشة الكمبيتر أو الهاتف النقال.
باختصار نحن نسقط التاريخ على تكنولوجيا المستقبل مع أن المستقبل الرقمي لا يلتفت للتاريخ.