مصادر قوة داعش وضعفها
ما زالت حركة داعش تملك زمام المبادرة في توجيه ضربات قوية منهكة نحو خصومها وأعدائها، على الرغم من تلقيها ضربات موجعة من قبل طيران التحالف، ومن كتائب الجيش العراقي ومن قبل العشائر المحلية وقوات الحشد الشعبي ومن الأكراد السوريين والعراقيين؛ ما يعكس أن “ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “ ما زال لديه النفس والقوة والصمود في وجه كافة الأطراف المحاربة ضده وهذا يعود إلى سببين جوهريين :
الأول : امتلاك داعش لثلاثة عوامل قوة مادية تتمثل بالسلاح والمال والبشر، فقد غنم التنظيم أسلحة الجيش العراقي الحديثة المتطورة التي تركها في مواقعها وفر مهزوماً أمام هجمات قوات داعش في حزيران 2014، عشية إعلان “ الدولة والخلافة الإسلامية “، مثلما توافرت للتنظيم الإمكانات المالية التي غَنمهَا من البنك المركزي وبقية البنوك ومن الضرائب التي حصل عليها ولا يزال، ولديه أرض واسعة المساحة سيطر عليها يسكنها أكثر من سبعة ملايين نسمة، يشكلون حاضنة اجتماعية وسياسية ودينية لداعش وللقاعدة رداً على سياسات الاستئثار والتسلط والطائفية التي مارستها حكومة نوري المالكي وجيشه الفئوي وميليشيات ولاية الفقيه، وسلوكهم ضد العرب السنة منذ الاحتلال الأميركي وسقوط نظام البعث العام 2003، إضافة إلى أن داعش والقاعدة وفروا فرص عمل لضباط وجنود الجيش العراقي المنحل، وهذه العوامل الثلاثة شكلت الروافع القوية لقيادات التنظيم الذين يملكون العقيدة الجهادية الدافعة لتطلعاتهم الحزبية ونشاطهم في إطار من حرب العصابات المتحركة وعدم تقيدهم بأماكن لا يحرصون على الدفاع عنها؛ ما يؤدي إلى صعوبة توجيه الضربات المتتالية ضدهم من قبل طيران التحالف بهدف شل التنظيم وكبح جماح فعالياته .
أما العامل الثاني : فهو عدم وحدة جبهة المواجهة ضدهم وتفككها أمامهم، فالأطراف المقاتلة لا تملك إدارة العمل المشترك والتنظيم والهدف الموحد، فتركيا وإيران لا مصلحة لهما بتقوية الأكراد حتى لا ينعكس ذلك على خيارات الكرد الإستقلالية في بلديهما، وفصائل ولاية الفقيه المرتبطة بالسياسات الإيرانية لا مصلحة لهم بتقوية السنة وإنتصارهم، والسنة متحفظون نحو إسهامات فصائل الحشد الشعبي الممولة من قبل إيران نظراً لسلوكهم الانتقامي العدواني ضد العشائر السنية، وهكذا نجد أن كل طرف يقف ضد القاعدة وضد داعش، لديه خصم إضافي أخر يستنزف جهده، ما يترك أثراً سلبياً على مجموع جبهة القوى المعادية لداعش وللقاعدة بسبب عدم وحدتهم وبعثرة جهدهم .
ولكن على الرغم من مقومات القوة المادية والعقائدية التي تملكها داعش، وضعف جبهة القوى المعادية لها، ولكن العامل الأهم الذي زعزع مكانتها وسط حاضنتها الشعبية هو الجرائم والمجازر التي قارفتها ليس فقط ضد الشيعة بل وضد السنة وضد المسيحيين وضد كافة العراقيين؛ ما يدلل على أن تنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من الفصائل الجهادية سواء كانت من السنة أو من الشيعة، لم يوفروا الأمن والاستقرار والطمأنينة لمجموع الشعب العراقي بعربه وأكراده، ولمسلميه ومسيحييه، ولسنته وشيعته على أساس المواطنة المتساوية المتكافئة والندية من الجميع ونحو الجميع .
h.faraneh@yahoo.com