برنامج إسقاط نتنياهو
بصعوبة نجح نتنياهو في تشكيل حكومته، بعد أن واجه ثلاث مشاكل داخلية، الأولى مع ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا»، وحصيلة خلافه معه أن بقي خارج الائتلاف ومعارضاً للحكومة، والثانية مع نفتالي بينيت وحزبه «البيت اليهودي»، الذي استطاع الابتزاز ونال أكثر مما يستحق من الحقائب والسياسات، والثالثة مع قيادات حزب الليكود وخاصة مع جلعاد أردان الذي نال المركز الأول في انتخابات مؤتمر مركز الليكود الداخلية، ولكنه لم يحصل على أي حقيبة وزارية، ولم يحظ بأي نصيب من الكعكة وبقي خارج الحكومة، وهذا يعكس هشاشة الحكومة وضعف إدارة نتنياهو وغلو تسلطه وتفرده، تعبيراً عن أزمة المشروع الاستعماري التوسعي، الذي ما زال قوياً لامتلاكه ثلاثة عوامل توفر له القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات والاستمرار في تنفيذ برنامجه التوسعي الاستعماري وهي:
1- قدراته الذاتية البشرية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والاستخبارية والتي تجعله متفوقاً على إمكانات الشعب الفلسطيني المتواضعة.
2- دعم الطوائف اليهودية المتنفذة في العالم وخاصة لدى الولايات المتحدة وأوروبا وتوظيف نفوذها لمصلحة السياسة الاستعمارية التوسعية الإسرائيلية.
3- تبني الولايات المتحدة للمشروع الإسرائيلي وإسناده وتوفير مظلة حماية أمنية وسياسية ودبلوماسية له، تجعله متمرداً ومحمياً من العقوبات ومنع العزلة عنه.
ومع ذلك يصطدم المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي بعوامل عنيدة، تزداد صلابة في مواجهة استمرار امتلاكه لمصادر قوته وتعمل على إضعافه وتآكل تفوقه التدريجي، فقد فقدَ أهم دوافع تعاطف المجتمع الدولي معه، بفقدانه الأخلاقي والمعنوي لعنصري الهولوكوست – المحرقة أولاً، والعمليات الفلسطينية غير المقبولة لدى المجتمع الدولي ثانياً، وهي العمليات التي كانت تستهدف المدنيين الإسرائيليين، ولكن مقابل فقدانه لدوافع هذا التعاطف، فقد زادت عمليات الانتقاد لسياساته وإجراءاته التوسعية وخاصة نحو الاستيطان وتحميل المستوطنين مسؤولية الإعاقة لأي تسوية محتملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو تحول مهم في مزاج المجتمع الدولي ضد السياسة الإسرائيلية، ويوازيه التحول الإيجابي لدى المجتمع الدولي لصالح السياسة الفلسطينية، والتصويت داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/2012 بواقع 138 دولة مع فلسطين ضد 9 دول، انعكاس جلي لهذا التحول.
حكومة نتنياهو المقبلة ستوفر للفلسطينيين سلاحين، بعد أن وفرت سياسات حكوماته الثلاث السابقة سلاحاً واحداً يتمثل بسياساته المتطرفة الاستيطانية التوسعية الاحتلالية القمعية ضد فلسطينيي مناطق الاحتلال العام 1967 أبناء الضفة والقدس والقطاع، بينما سياسات وإجراءات حكومته المقبلة العنصرية ضد المواطنين الفلسطينيين أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة في مناطق 48، ستوفر سلاحاً إضافياً في تعرية سياساته العنصرية الفاقعة ضد أهالي النقب وغيرهم، ما دفع رئيس المعارضة إسحق هيرتسوغ لتحذير نتنياهو في جلسة الحصول على ثقة البرلمان من المس بالمواطنين العرب، أو تشريع القوانين العنصرية ضدهم.
لقد حقق المكون الثالث للشعب العربي الفلسطيني الذين بقوا في وطنهم العام 1948 حضوراً سياسياً لافتاً، ليس فقط في حصولهم على 13 مقعداً بدلاً من 11 ورفعوا نسبة التصويت بذهابهم إلى صناديق الاقتراع من 56 إلى أكثر من 65 بالمائة، وهي أرقام مجردة إيجابية لها دلالاتها السياسية، ولكن التحول النوعي الذي طرأ لصالحهم، وفعلوه بأيديهم وبقرار منهم هو تحالف كتلهم الأربع: 1- الجبهة الديمقراطية و2- الحركة الإسلامية و3- التجمع الوطني و4 ـ الحركة العربية للتغيير، وشراكتهم مع بعضهم البعض في برنامج عمل متفق عليه، وإبرازهم كتمثيل عربي موحد، أعطى إشارة للمجتمع الدولي أن ثمة شعباً وهوية وقومية أخرى موجودة ومقيمة على أرض فلسطين، ليست يهودية ولا صهيونية، وإن كانت تقبل الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لتمثيل نفسها ومصالحها وتقبل المعايير الديمقراطية وقيمها لاستعادة حقوقها المنهوبة على أرضها وداخل وطنها، وأنها جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، ومن نضاله المتماسك والمكمل لبعضه البعض لاستعادة حقوقه الكاملة: 1- المساواة في مناطق 48، و2 - الاستقلال لمناطق 67، و3- العودة للاجئين.
القائمة البرلمانية المشتركة بحاجة لخطة عمل، وبرنامج سياسي، ووضع أولويات لها ومن خلالها لشعبها، كي يتعزز دورهم ويزدادوا احتراماً وتقديراً ومهابة من قبل الإسرائيليين ومن قبل المجتمع الدولي، وهذا يتطلب وضع أولويات التفاهم مع المعارضة البرلمانية وخاصة مع كتلتي «المعسكر الصهيوني» و»حركة ميرتس» من أجل إسقاط نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة والاحتلالية الاستعمارية من جهة أخرى.
h.faraneh@yahoo.com