وزراء أميون!

ليس في مصلحة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات، الذي فرض إيقاعًا من العمل الجاد والحازم في الفترة الماضية، في عناوين كثيرة، لها علاقة بوزارة التربية والتعليم، ان يكون أميًا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، لأن العالم يذهب الآن إلى تعريف جديد للأمية، ليس لها علاقة بالقراءة والكتابة، بل بالتعامل مع وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي الحديث.
فالنفي الذي أطلقه الناطق الاعلامي باسم وزارة التربية والتعليم عن وجود صفحة خاصة أو حساب باسم نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الدكتور الذنيبات على أي من مواقع التواصل الاجتماعي Facebook Twitter" Linkedin" أو أي مواقع أخرى، ليس في مصلحة الدكتور، ولا في مصلحة التعليم عموما.
قد يكون هذا النفي مرتبط بمعلومة او توضيح نشر على لسان الذنيبات وهي غير صحيحة، لكن ان يتم التباهي بعدم وجود صفحة او حساب باسم الوزير، نقطة تسجل عليه لا له، ولأن نهج الشفافية والوضوح اللذين يعلن الوزير التزامه بهما يستدعي التواصل مع الجميع عبر صفحات التواصل الاجتماعي..
للأسف، كثير من السياسيين والمسؤولين من اوزان ثقيلة، واعلاميين وصحافيين يحتلون مواقع متقدمة، وفنانين من أصحاب الشهرة الكاسحة، يتفاخرون بأنهم لا يتعاملون مع وسائل الاعلام الحديثة، ولا يعرفون ما هي قصة الفيس بوك وتويتر، وليست لهم صفحات خاصة على هذه المواقع، وكل ما ينشر عنهم فيها انما هو اختراعات من قبل مغرضين يحاولون النيل منهم ومن انجازاتهم.
هؤلاء ذواتهم يتصدرون الندوات والمؤتمرات واللقاءات المتلفزة والحوارات الساخنة ليتحدثوا عن دور الشباب، وأهمية بناء استراتيجيات لهم، يخاطبون الشباب بلغة خشبية لا يفهمونها، ويصيغون خطابًا شبابيًا يرتكز على ما تعلموه قبل خمسين أو ستين سنة، لكن؛ عندما يأتي الأمر على ذكر الوسائل التي يتقنها الشباب، ويبدعون فيها، ولا يتعاملون إلّا معها، لحظتها يستنكر السياسيون والاعلاميون الأميون في التكنولوجيا ان لهم علاقة من قريب أو بعيد بهذا الأمر.
السياسي الذكي، والاعلامي العبقري، اذا لم يستطع التخلص من أمية التكنولوجيا بإمكانه الاستعانة بشاب عبقري يدير له أعماله التكنولوجية، لكن تحت عينه، ويتحمل مسؤولية كل ما ينشر على لسانه من مواقف، وفي هذه الحالة يقترب أكثر من لغة العصر، ومن وسائل التواصل، ويعرف ماذا يريد الشباب تحديدا.
تستفز لقطات في المشهد السياسي الأردني، عندما ترى رجالات الحقبة العرفية يتصدرون مناسبات الحديث عن الاصلاح السياسي، ويبدأون بسيل الكلام والعبارات التي تمجد الاصلاح السياسي، وان لا تطور للبلاد اذا لم يتم الشروع في الاصلاح السياسي الحقيقي، ويدافعون عن الحريات، وعن التعددية وضرورة احترام رأي الآخر.
هذا التناقض العجيب في عقلية رجالات المرحلة التي لا أحد يتمنى أن تعود إلّا هُمْ، يصيب المرء بالانفصام، عندما يستمع إلى عقلية عرفية تنظّر بالديمقراطية، والى خطيب يعتلي منبر مهرجان أو مؤتمر، فتستمع إلى خطاب مختلف متناقض مع شخص المتحدث.
وسائل الإعلام الحديثة كشفت الكثير من عيوب المثقفين المزعومين، ومن تكلس عقلية السياسيين الذين لا يؤمنون بنظرية التطور، وانما بنظرية؛ "خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام".