لماذا هبط معدل التضخم؟

بلغ معدل التضخم محسوباً على متوسط أسعار المستهلك خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الماضية 11ر3% ، وهبط المعدل السنوي إلى8ر2% بعد انخفاض أسعار البترول ، كما أن وزارة المالية تتوقع أن يهبط المعدل مرة أخرى إلى 4ر2% هذه السنة.
الأردن معتاد على معدلات تضخم عالية وصلت في بعض السنوات إلى 14% واستقرت في السنوات الاخيرة فوق 5% ، فلماذا ينخفض معدل التضخم حتى قبل انخفاض أسعار البترول ، ولماذا يتوقع له أن يواصل الانخفاض في المستقبل القريب؟.
من حيث المبدأ فإن السياسات النقدية والمالية تستهدف عادة السيطرة على التضخم وعدم السماح له بالارتفاع ، وقلما يزعجها انخفاض التضخم لدرجة تبرر التدخل بقصد إحداث تضخم أو رفع نسبته.
انخفاض التضخم الحالي ليس نتيجة سياسات نقدية أو مالية معينة ، ذلك أن عرض النقد يرتفع بأسرع من النمو الاقتصادي ، كما أن إجمالي الإنفاق العام من قبل وزارة المالية في ارتفاع ، وهي حقائق كان يجب أن تنتج معدلات تضخم أكبر.
انخفاض معدل التضخم في الأردن في هذه المرحلة لم يحدث بفضل سياسات نقدية أو مالية مقصودة ، بل بالرغم من هذه السياسات.
هبوط التضخم الراهن يعود إلى التباطؤ في النمو الاقتصادي ، فالركود يحد من الطلب ، والبطالة تحد من ارتفاع الأجور ، يضاف إلى ذلك زيادة الاستيراد من بلدان تدعم صناعاتها مثل تركيا ودول الخليج ، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدينار تجاه العملات الاخرى (عدا الدولار) مما يخفض أسعار المستوردات من غير أميركا.
انخفاض أسعار البترول خفـّض الرقم القياسي لأسعار المستهلك بمقدار 63ر2% ، وبما أن الانخفاض الفعلي اقتصر على 81ر0% فمعنى ذلك أن معدل التضخم الأساسي هو +82ر1%.
3% هو المعدل الصحي للتضخم الذي يؤمن الاستقرار الاقتصادي ، كمأ انه المعدل الصحي للبطالة الذي يسمح بانتقال العامل من عمل إلى آخر (البطالة الاحتكاكية). وعلى هذا الأساس فإن أهداف السياسات الاقتصادية بجميع فروعها هو تحقيق معدل 3% للتضخم ، والبطالة إن أمكن.
فيما يتعلق بالتضخم فقد تحقق هذا الهدف تلقائياً الآن ، ولذا فإن التركيز يجب أن يتوجه نحو خلق فرص عمل تهبط بمعدل البطالة من المستوى العالي الراهن وهي 12% تضاف إليه 4% تمثل عاطلين توقفوا عن البحث عن عمل ، وهذه نسب عالية لها تداعيات سلبية على المستوى الاجتماعي والأمني.