آخر الأخبار
ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات ticker عوني عمار فريج يحصد فضية بطولة المحترفين الرابعة للتايكواندو على مستوى المملكة ticker قرارات مرتقبة ومراجعة شاملة لمواقع قيادية في الأردن ticker المختبرات الطبية تدرس رفع الأجور ticker العرموطي يوجه 12 سؤالا للحكومة حول ضريبة المركبات الكهربائية ticker البنك الأردني الكويتي يبارك لمصرف بغداد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق لعام 2024 ticker عزم النيابية: خطاب العرش خارطة طريق لمرحلة جديدة ticker البرلمان العربي يثمن جهود الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية ticker برئاسة الخشمان .. تسمية اللجنة النيابية للرد على خطاب العرش ticker السفير البطاينة يقدم اوراق اعتماده في حلف الناتو ticker وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام ticker رئيس هيئة الأركان يستقبل قائد قوات الدعم الجوي الياباني ticker لقاء تفاعلي حول التعليمات الصادرة عن نظام إدارة الموارد البشرية ticker النوايسة يلتقي أعضاء قطاع الإعلام الشبابي في المعهد السياسي ticker بالصور .. الأمن ينفذ تمرينا تعبويا شاملا لمواجهة الطوارئ ticker افتتاح مشروع نظام تجفيف الحمأة في البيوت الزجاجية الشمسية ticker المصري يؤكد أهمية تطوير أداء البلديات ورفع سوية خدماتها ticker وزير الأشغال يطلع على الأعمال النهائية لمركز حفظ المقتنيات الأثرية ticker ضبط كميات كبيرة من التمور مجهولة المصدر في الكرك ticker المستشار في الديوان الأميري الكويت يستقبل وزير الثقافة والوفد المرافق

تـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود - الحلقة 15

{title}
هوا الأردن - حمادة فراعنة

مقدمة لا بد منها
كتابي السابع عشر هذا « التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود « يصدر في سياق تفاقم حالة الصراع في العالم العربي واحتدامه بشكل عبثي ودموي، بعد انفجار ثورة الربيع العربي التي توسلت البحث عن : 1- التحرر والاستقلال، وامتلاك زمام المبادرة وحرية اتخاذ القرار، 2- الطمأنينة ولقمة العيش الكريم متضمنة ثلاثة مطالب أساس يفتقدها المواطن العربي هي الراتب المناسب، التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي عند التقاعد والوصول إلى الشيخوخة، و3- الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع، ولذلك جاءت كتبي في سلسلة قضايا ثلاث رئيسة متداخلة، سلسلة الكتب الأردنية تحت عنوان : معاً من أجل أردن وطني ديمقراطي، وسلسلة الكتب الفلسطينية تحت عنوان : معاً من أجل فلسطين والقدس، وسلسلة الكتب العربية تحت عنوان : من أجل عالم عربي تعددي ديمقراطي موحد .


وكتابي السابع عشر هذا مرتبط بكتابين، سبق نشرهما، وهما: 1- حزب الإخوان المسلمين في الميزان، و2- الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين، في إطار تنظيمات وأحزاب التيار الإسلامي، تأكيداً لدورهم ومكانتهم وقيادتهم للحركة السياسية في العالم العربي، في غياب أحزاب التيار اليساري، وأحزاب التيار القومي، وأحزاب التيار الليبرالي، التي تضررت بفعل الحرب الباردة ونتائجها .


كما جاء كتابي هذا على خلفية كتابي الذي صدر العام 2013 عن ثورة الربيع العربي أدواتها وأهدافها، وحصيلتها أن الثورة ما كانت لتكون لولا توافر العامل الموضوعي المحفز للاحتجاجات والدافع لها والمتمثل بغياب الاستقلال السياسي والاقتصادي عن بعض البلدان العربية، وهيمنة اللون الواحد، والحزب الواحد، والعائلة الواحدة، والطائفة، والشخص الفرد المتحكم بمفرده في إدارة الدولة، في أكثر من بلد عربي، وأخيراً بسبب غياب العدالة والطمأنينة وعدم توافر الخدمات الأساس من صحة وتعليم وضمانات اجتماعية للمحتاجين .


أما العامل الذاتي في ثورة الربيع العربي، فقد اقتصر على مؤسسات المجتمع المدني بما تحمل من مفاهيم عصرية عن الديمقراطية والتعددية واحترام مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، وبما تملك هذه المؤسسات ( مؤسسات المجتمع المدني ) من علاقات مع مؤسسات أوروبية وأميركية توفر لها الحصانة والدعم المطلوبين، ولكن بسبب غياب دور الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، فقد استثمرت أحزاب التيار الإسلامي حصيلة الربيع العربي ونتائجه كي تكون هي صاحبة القرار، سواء عبر تفاهمها مع الأميركيين، أو عبر حصولها على الأغلبية البرلمانية كما حصل في فلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب، أو لامتلاكها الخبرات القتالية على أثر دورها في أفغانستان، ورغبتها في التغيير الثوري الجوهري، فاحتكمت إلى وسائل العنف واستعمال السلاح لمواجهة الاحتلال الأميركي للعراق، او لإسقاط النظم القائمة في ليبيا وسوريا واليمن، وحصيلة ذلك إخفاق ثورة الربيع العربي للآن، رغم توافر العامل الموضوعي ونضوجه لقيام الثورة، تغييراً للواقع، نحو الأفضل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الإخفاق الفاقع يعود لعدم نضوج العامل الذاتي، وكثرة نواقصه، وعدم اكتماله، بصفته أداة الثورة ومحركها، وطالما أن العامل الذاتي كان ناقصاً، ولم تكتمل حلقات نضوجه، فقد انعكس ذلك على ضعف أدائه وعلى نتيجة أفعاله، فغياب أحزاب التيارات الثلاثة اليسارية والقومية والليبرالية وضعفها، جعل الوضع متروكاً لقوة ونفوذ أحزاب التيار الإسلامي، التي لا تؤمن لا بالتعددية ولا بالديمقراطية، ولا تملك البرامج الاقتصادية والاجتماعية الكافية، لجعلها أداة في يد عامة الناس، وهدفاً لها كي تلتحم مع الثورة وتلتف حولها، فانطبق على المواطن العربي المثل القائل أنه مثل الشخص الذي هرب من الدلف فوقع تحت المزراب، وغدت الأنظمة السابقة بعجرها وبجرها، هي أفضل حالاً مما وقع لاحقاً، من هيمنة ونفوذ وتأثير الأحزاب الإسلامية، وقيادتها للعمل السياسي وللتغيير الثوري، مسنودة بعواصم إقليمية، فحاضنة الإخوان المسلمين تركيا وقطر، وحاضنة ولاية الفقيه الدولة الإيرانية؛ ما خلق حالة من الصراع الإقليمي والدولي المباشر في منطقتنا، وعلى أرضنا، وعلى حساب دماء شعبنا وثرواته .


إذن هذا الكتاب، ليس فلسفة معرفية، بل هو إضافة سياسية تراكمية، لوضع ثورة الربيع العربي في سياقها من أجل إنتصار الديمقراطية في العالم العربي، وتحقيق الطمأنينة بلقمة العيش الكريم بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتحرير فلسطين .


هذا الكتاب يسلط الضوء على التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، أي أنه يستهدف القوى الإسلامية الأساس القيّا تأثيراً ومكانة في العالم العربي، ولا يستهدف تنظيمات إسلامية محلية في هذا البلد العربي أو ذاك، بصرف النظر عن قوتها أو ضعفها، بل هو يستهدف التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، والتي تعمل في السياسة، ولها تأثير على صنع القرار، أو على صنع الأحداث الجارية :


1- حركة الإخوان المسلمين . 2- ولاية الفقيه الإيرانية . 3- تنظيم القاعدة . 4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش . 5- حزب التحرير الإسلامي.


لذا أرجو أن يقدم شيئاً جديداً، للقارئ، وللمكتبة العربية، وأن ينال الاهتمام كما يستحق، وفق الجهد الذي بذل وتحقق.


حمادة فراعنة *

الأميركيون مع الثورة الأولى وضد الثانية

لم يكن ودياً ، لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الأميركي يوم 22/7/2014 في القاهرة ، ليس فقط بسبب إجراءات الأمن ووسائل التفتيش التي مست الوزير الأميركي جون كيري وإستفزته ، ودفعته للإحتجاج ، بل بسبب مضمون اللقاء وفحوى النقاش الذي إختصره كيري بقوله وطلبه من الرئيس السيسي أن « إرفعوا يدكم عن الإخوان المسلمين « الذي إعتبره الرئيس المصري على أنه تدخل فظ من قبل الأميركيين ، في أكثر القضايا المصرية حساسية ، فمصر اليوم تواجه أربعة تحديات : أمنية وفي طليعتها مواجهة الإرهاب ، وسياسية تتمثل بالإخوان المسلمين ، ودستورية بهدف إستكمال الخطوات التشريعية والإنتخابات البرلمانية ، وأخيراً معالجة الوضع الإقتصادي الصعب والثقيل ، على حياة المصريين المعيشية والمصحوب بسوء الخدمات ، ولكن الرئيس السيسي الذي وعد المصريين بتحسين أوضاعهم وحياتهم ، لا يستطيع تحقيق ذلك بدون معالجة الوضع الأمني المتفجر بين الحين والأخر بسلسلة عمليات الإغتيال ، والتدمير ، والتفجير للمؤسسات والمنشأت المصرية ، كما لا يستطيع تحقيق ذلك ، بدون تركيع الإخوان المسلمين والتفاهم معهم ، ودفعهم نحو التسليم بنتائج ثورة حزيران 2013 ، والإقرار بإنتخابه رئيساً للجمهورية ، وما يستتبع ذلك من خطوات وإجراءات وتداعيات ومواقف سياسية مستجدة تستجيب للمعطيات المستقبلية .


وتأكيداً للإهتمام الأميركي ، طلبت السفارة الأميركية في القاهرة ، حضور محاكمات قادة الإخوان المسلمين ، بوفد دبلوماسي ، رفضه القاضي ، تمسكاً بالسيادة المصرية ، ورفضاً للمراقبة الأميركية لسير محاكمات الإخوان المسلمين ومرشدهم وقياداتهم ، ليزيد من فجوة الخلاف ، مما دفع وزير الخارجية سامح شكري ليقول علناً لمحطة العربية التلفزيونية ، إن خلافاتنا مع الأميركيين ليست سراً ، وتتعلق بكيفية معالجتنا لمشكلة الإخوان المسلمين ورفع الحظر عنهم ، وضرورة إشراكهم في مؤسسات الدولة ، وأن هذا الموضوع دفع واشنطن لتأخير تسليم أسلحة متفق عليها مع القاهرة ومنها طائرات إف 16 ، بهدف الضغط على الرئيس السيسي كي يتهاون في معالجة قضية الإخوان المسلمين وحلها بأقرب فرصة ممكنة .


علاقات الإخوان المسلمين مع الأميركيين قديمة وتاريخية ، ولم تكن سرية طوال فترة الحرب الباردة منذ عام 1950 حتى عام 1990 ، أو مبنية على التواطؤ ، بل كانت علنية وتحالفية ، قائمة على التفاهم ، وأساسها المصلحة المشتركة ، بينهما ، ضد العدو المشترك : الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي ، والعمل المشترك ضده حتى تمت هزيمته ، مع نهاية الحرب الباردة ، في نهاية الثمانينات ، وبداية العقد التاسع من القرن الماضي ، القرن العشرين .


ولم يكن التعاون والتنسيق بين الأميركيين والإخوان المسلمين ، ضد الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي ، مقتصراً على ذلك ، بل إمتد عملهما المشترك ، ليشمل الأنظمة العربية اليسارية والقومية في بلدان العالم العربي ، وبلدان العالم الإسلامي ، ضد أنظمة عبد الناصر وصدام حسين وحافظ الأسد ، واليمن الجنوبي ، وضد منظمة التحرير الفلسطينية ، وعبر التحالف والتعاون مع الأنظمة العربية والصديقة للولايات المتحدة والمتحالفة معها ، وفي طليعتها النظام الخليجي ، والسادات وجعفر النمري والدولة الأردنية ، وقد جنى هذا التحالف ثمار الإنتصار على الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي ، بصعود مكانة حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي ، وأصبحت أقوى الحركات السياسية الإسلامية ، العابرة للحدود في العالم العربي ، ومقابل ذلك ، تراجع وضعف دور وثقل أحزاب التيارين اليساري والقومي في العالم العربي .


وبدءاً من أقصى الشرق الإسلامي ، في أفغانستان ، كان لحركة الإخوان المسلمين ، الدور العملي والنظري في رفع راية الجهاد وتوظيفها ضد الإحتلال السوفيتي ، فكان عبد الله عزام ، وبرهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف من قادة الإخوان المسلمين ، الذين قادوا معركة « الجهاد « ضد السوفييت ، وبعد إنسحاب القوات السوفيتية بداية أيار 1988 ، وهزيمتهم ، تولى برهان الدين رباني بعد الرئيسين محمد نجيب الله وصبغة الله مجددي ، رئاسة الدولة ، وأحمد شاه مسعود كان نائبه قبل أن يتم إغتياله من قبل تنظيم القاعدة في 9 أيلول 2001 ، وحينما إستولت القاعدة بقيادة أسامة بن لادن والملا عمر ، على النظام في أفغانستان ، تحالف الإخوان المسلمون مع الأميركيين مرة أخرى على أثر عمليات سبتمبر في واشنطن ونيويورك في 2001 ، ودخل برهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف مع الدبابات الأميركية إلى كابول ، وتحالف رباني مع صنيعة الأميركيين الرئيس حامد قرضاي ، وأصبح رئيساً للمجلس الأعلى للسلام بقرار من قرضاي ، إلى أن تم إغتياله من قبل تنظيم القاعدة في 20 أيلول 2011 ، بعد زيارته لمصر واللقاء مع المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع في القاهرة ، كما سبق وحصل مع نائبه مسعود ، حيث قُتل كلاهما على أيدي تنظيم القاعدة .


وفي العراق ، تحالف الإخوان المسلمون مع الأميركيين ، ودخلوا بغداد مع الدبابات الأميركية ، وفي حمايتها وعملوا تحت مظلتها عام 2003 ، وبعد إسقاط نظام حزب البعث القومي ، وتولي « بول بريمر « حكم العراق ، تم تعيين قادة حركة الإخوان المسلمين 1- محسن عبد الحميد ، و2- صلاح الدين بهاء الدين ، أعضاء في مجلس الحكم المحلي ، و3- حاجم الحسني رئيساً للجمعية الوطنية ، و4- طارق الهاشمي نائباً لرئيس الدولة ، في ظل الإحتلال الأميركي ، وبقرار من واشنطن .


وفي عهد مبارك ، طلب الأميركييون ، إجراء الإنتخابات البرلمانية بمشاركة الإخوان المسلمين ، فوافق مبارك مرغماً ، وعقد مدير مخابراته عمر سليمان ، صفقة مع المرشد العام للإخوان المسلمين بمنحهم 88 مقعداً مقابل قبولهم بالتوريث ، وهذا ما تم حيث أعلن المرشد محمد بديع علناً على عدم إعتراض الإخوان المسلمين على توريث جمال مبارك ، على أن يتم ترشحه لرئاسة الجمهورية عبر الإنتخابات ، وهكذا دخلوا البرلمان المصري ، بقرار أميركي ورضى الرئيس مبارك ، مقابل صفقة التوريث .


ولكن إذا لم يستطع أحد ، نفي تورط حركة الإخوان المسلمين ، بالعمل المسلح ، أو المشاركة في إنقلاب ، أو ممارسة عمليات إغتيال ، كان ذلك في أكثر من بلد عربي ، وخاصة لدى البلد المؤسس ، مصر أيام الملكية أواخر الأربعينيات ، فقد تورطوا بسلسلة عمليات بدءاً بإغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا ، ولأحد القضاة الذين حاكمهم ، وشاركوا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، في تشكيل حركة الضباط الأحرار ، لتحقيق الإنقلاب العسكري في تموز 1952 ، ونجاح ثورة يوليو ، قبل أن ينقلبوا على عبد الناصر وإتهامهم له أنه سرق الثورة ، وإنحرف بها نحو اليسار ، ونحو الفكر القومي الإشتراكي ، ورداً عليه تورطوا في محاولة إغتياله في حادثة المنشية عام 1954 .


وحاولوا إسقاط نظام الرئيس حافظ الأسد ، بالعمل المسلح بالسبعينيات ، وها هم شركاء أساسيون في العمل المسلح المماثل في صفوف المعارضة السورية ، بهدف إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد ، وكانوا شركاء فاعلين أو صامتين ، لإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين ، والمشاركة في النظام البديل الذي أوجده السفير بريمر على أثر التدخل العسكري ، والإحتلال الأمريكي للعراق .


في أعقاب ثورة الربيع العربي 2011 ، في تونس ، وتواصلت في مصر ، لتنتشر إلى باقي الأطراف العربية ، لم يكن ذلك ليتم ، ولم يكن ذلك ليتحقق ، ولم تكن تنتصر ، بدون تكامل العناصر الثلاثة التي عملت وتعاونت وأكملت حلقاتها ، مع بعضها البعض ، وهي :


1- مظاهرات الناس في الشوارع الذين حرضتهم وحركتهم وقادتهم مؤسسات المجتمع المدني ، التي تملك برنامجاً عصرياً يقوم على الديمقراطية ، والتعددية ، ومشاركة المرأة ، والإحتكام إلى صناديق الإقتراع ، وضد الدكتاتورية والتسلط واللون ، والحزب ، والطائفة ، والعائلة ، والرجل الواحد الأوحد ، ولم يكن للأحزاب دور أو تأثير أو فضل على حركة الناس وتحركاتها ، فالأحزاب كانت ضعيفة ولا تزال ، بسبب ما تعرضت له من قمع ، أو حرمان من العمل ، أو بسبب فشل مرجعيات الأحزاب اليسارية والقومية ، على أثر نتائج الحرب الباردة بهزيمة الشيوعية والإشتراكية والإتحاد السوفيتي عام 1990 ، وتدمير العراق 1991 وحصاره وإحتلاله عام 2003 ، وإسقاط نظامه القومي .


2- تدخل العامل الدولي ، الذي ترافقت تصريحاته سواء من قبل الرئيس الأميركي ، أو من قبل أبرز القادة الأوروبيين مع تطور الأحداث الجارية على الأرض لدى البلدان التي إجتاحتها أحداث ثورة الربيع العربي وخاصة في تونس ومصر ، ولاحقاً في ليبيا واليمن وسوريا ، ولذلك شكل العامل الدولي وتصريحات القادة الأميركيين والأوروبيين ، غطاء لحركة الشارع ودعماً لها ، وتحريضاً على النظام ، ومنعاً لإستعمال قوته لردع المتظاهرين .


3- حركة الجيش في كل من تونس رشيد عمار ، ومصر محمد حسين الطنطاوي ، اللذين أجبرا رئيسيهما على المغادرة ، ولم يكن ذلك ليتم من قبل الجيش ، لولا تحركات الشارع المناهضة للنظام ، ولولا الضغط الدولي الأميركي والأوروبي اللذين شكلا مجتمعين غطاء لحركة الجيش بهدف إقالة هادئة ومتزنة وبأقل الخسائر ، وبشكل سريع غير متوقع ، للرئيسين زين العابدين بن علي ، ومحمد حسني مبارك ، ولذلك كانت العوامل الثلاثة المكملة لبعضها ، حركة الشارع ، الغطاء الدولي ، والجيش ، هم أدوات التغيير وأسباب النجاح ، بصرف النظر عن نوعية النتائج ، ومدى إيجابيتها أو تأثيرها السلبي .


ولكن ماذا يمكن تسمية ما جرى في مصر عقب أحداث يناير وفبراير 2011 ، إذا كانت إنقلاباً ، فثمة ما يشير لذلك ، وإذا كانت ثورة فهي تحمل ما تتضمن ذلك ؟؟ والذي جرى في يونيو 2013 في مصر ، هو شبيه لما جرى في يناير 2011 ، حركة في الشارع ، وتحرك للجيش ، ولكنها إفتقدت للعامل الوسيط ، وهو العامل الدولي ، نظراً لوقوع التفاهم بين الأميركيين والإخوان المسلمين ، الذي حال دون توفير الغطاء الدولي والأميركي تحديداً ، لما جرى في يونيو ويوليو 2013 ضد الرئيس مرسي ، والمظاهرات التي جرت ضد المرشد وحركة الإخوان المسلمين ، ولذلك أشارت الوقائع إلى تماثل العوامل المحلية التي صنعت الحدثين في عامي 2011 و 2013 ، فإذا كانت أحداث يناير 2011 إنقلاباً فجره إحتجاجات المتظاهرين ونفذه الجيش ضد الرئيس مبارك ، فهذا ما حصل أيضاً في يونيو 2013 ضد الرئيس محمد مرسي ، وإذا كانت أحداث 2011 ثورة في التغيير ضد مبارك ، فالذي حصل أيضاً في يونيو 2013 ثورة في التغيير ضد مرسي ، وإذا كان مرسي حصيلة ما جرى 2011 وتم إنتخابه عبر صناديق الإقتراع ، فقد كان السيسي أيضاً حصيلة ما جرى 2013 وتم إنتخابه عبر صناديق الإقتراع !! .


وعلى الرغم من هذه القراءة لوقائع ما جرى ، فالإخوان المسلمون ، لم يتورطوا بالعمليات المسلحة الإرهابية ، لا ضد النظام ولا ضد مؤسساته الأمنية ، وكثيراً ما شجبوا عمليات الإغتيال والتفجير ضد الجيش أو ضد مؤسسات ومواقع مدنية ، ولكن التهم كانت جاهزة من قبل الإعلام بإطلاق تعبير « عمليات إخوانية « بما يشير أو يوحي على أن الإخوان المسلمين هم من قام بتنفيذ هذه العمليات ، رغم أن التنظيمات المتطرفة من غير الإخوان المسلمين ، كانوا يعلنون مسؤوليتهم عن هذه العمليات ، وهم ينتمون علناً لتنظيمي القاعدة أو داعش ، والأجهزة الأمنية الرسمية تعرف منفذي هذه العمليات وتتابعها ، ولكنها تتجاهل إتهامات وسائل الإعلام للإخوان المسلمين على أنها من تقف وراء هذه العمليات ، أو ترحب بها ، أو تشكل غطاء لها ، مع أن الإخوان المسلمين ، هم من المتضررين من نتائج هذه العمليات الإرهابية ، لأنها حرمتهم من حق العمل العلني ، وأفقدتهم رئاسة الجمهورية ، وشلحتهم الأغلبية في البرلمان ، ووفرت غطاء جماهيرياً للبطش بهم ، بدون أن يجدوا أي تعاطف شعبي معهم .

تابعوا هوا الأردن على