«التجزئة داخل الحدود!»

خلافا للجعجعة التي دأب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على إصدارها، محذرا من «مخاطر» الاتفاق النووي مع إيران على «أمن» إسرائيل، طالعنا في صدر الصفحة الأولى لصحيفة «معاريف» العبرية أمس الأربعاء، رأيا له اعتبار خاصة، لرئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية المعروفة باسم «أمان» يبسط ولو بشكل مبهم، الجوانب الإيجابية لهذا الاتفاق لصالح إسرائيل، وهو رأي يبدو ناشجزا، إلا أنه في رأيي ينطوي على أهمية خاصة، إذا ما ربطناه بما يسميه بعض الباحثين مشروع أمريكي غربي لإعادة إنتاج الشرق العربي وفق مفهوم التجزئة داخل الحدود بعد تعذر تنفيذ مخططاتهم لتقسيم المنطقة على أسس إثنية عرقية ومذهبية، لإجهاض أي مشروع نهضوي وحدوي، حتى ولو كان شعبيا، أو من خلال أي تنظيمات أو حركات عابرة للحدود، كالحركة الإسلامية، بعد أن أظهرت ثورات الربيع العربي مدى قدرتها، على الحشد، وتقدم الصفوف، في أي انتخابات حقيقية، تنزوي فيها المشاعر الإثنية عرقية كانت أو مذهبية!
يظهر تقدير «أمان» الشاذ في وثيقة نصف سنوية تصدر عن شعبة الاستخبارات، عرضت في الأيام الاخيرة على القيادة السياسية في إسرائيل. وضمن امور أخرى قدر كُتّاب الوثيقة بأن
أن الاتفاق مع إيران يخلق «أرضية خصبة للحوار بين ايران والولايات المتحدة في مواضيع إقليمية أخرى» دون مزيد من الإيضاح والشرح، وتورد معاريف تقديرا لرئيس دائرة البحوث، العميد ايلي بن مئير مفاده بأن «هناك عددا غير قليل من الجوانب الجيدة في الاتفاق»!
الربط بين هذا الموقف، وما قلناه عن التجزئة داخل الحدود يتمثل في التعاون الذي يمكن أن يأخذ أشكالا أكثر وضوحا بين إيران والولايات المتحدة، والغرب عموما، للعب دور كبير في إغراق المنطقة في صراع إثني، بدأت «ثماره» في العراق، وسورياودول عربية اخرى .
مصطلح التجزئة داخل الحدود يعني فيما يعنيه «إعادة صياغة الأنظمة السياسية من خلال إضعاف مؤسسات الحكم المركزي ودعم المجموعات الإثنية والمذهبية التي تطالب بدور أكبر في إدارة شؤونها ضمن إطار الدولة» وهو موضوع ربما يحتاج منا لمقالة أخرى، للحديث فيه بشكل مفصل، إن شاء الله.