امية .. الرسول والانسان
( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ( 52 ) صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ( 53 ) .
قبل أكثر من 1445سنة يردد الرسول الأمي الكريم في غار حراء غار الخلوة والتفكر كلمة ما أنا بقارئي إجابة لأمر الخالق من خلال رسول السماء جبريل عليه السلام ثم يُضًم الرسول بعد كل أمر وإجابة ثلاثا ،لتهيئة القلب المؤمن لبصيرة العلم والمعرفة لخلق الإنسان وكيانه وخلق الكون وتكوينه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ( 1 ) خلق الإنسان من علق ( 2 ) ،فالقراءة هنا تعني العلم والمعرفة ولا تكون إلا باسم الخالق تعالى يلزمها بدايتا الإيمان بالخالق، ومكانها القلوب التي تنار بنور الإيمان ،لتبصر كلمات الله وكلمات رسوله،وفي ذلك دلالة على أن العلم والمعرفة من الله تعالى الذي (له ما في السموات وما في الأرض)،فحتى العلم ألدنوي والاختراعات التي أدركها ويدركها العقل البشري لخدمة الإنسان في الحياة الدنيا سواء بالصدفة أو بالتجربة ،فقد توصل إليها باسم الرحمن الذي خلق الإنسان وعلمه البيان ،فليس للصدفة مكان في قانون الله تعالى(ألا إلى الله تصير الأمور) وان الانبهار الحق لما يتوصل إليه الإنسان لا بد أن يكون لمن خلق هذا العقل وقدرته على التدبر والتفكر والتحليل والاستبيان ومعرفته بالأسماء وتميز خَلق الإنسان (اقرأ وربك الأكرم ( 3 ) الذي علم بالقلم ( 4 ) علم الإنسان ما لم يعلم ( 5 ، انبهار لا بد أن يهز القلوب لتخشع أن ما توصل إليه قد ذكره الخالق في كتابه الكريم وسنة حبيبه وان ما توصل إليه ناتج من تسخير الكون له فمن اوجد المادة وحدد قوانينها الدقيقة ، خشوع يحي القلوب وينيرها ولا يكون ذلك إلا لمن تواضع للحق واحترم عقله وسفه نفسه ،
( اقرأ باسم ربك الذي خلق ( 1 ) خلق الإنسان من علق ( 2 ) اقرأ وربك الأكرم ( 3 ) الذي علم بالقلم ( 4 ) علم الإنسان ما لم يعلم ( 5 ) ..............
إن معرفة العلم والتوصل إليه من الخالق سبحانه وتعالى ، فلو نظر الإنسان للعلم والمعرفة في حياة الإنسان ومراحل تطوره لوجد أن الخالق قد علم الإنسان ورعاه وهو في عالم الأرحام ، وهو طفلا لا يفقه ولكنه علم أن غذائه في الثدي، ولو نظر الإنسان للعديد مما خلق الله تعالى لوجد العجب ،أعجبني ما رواه العالم الجليل السامرائي عن سبب إيمانه وتقربه لله تعالى ( وهو يقول من علم البعوضة أن تضع بيضها في جراب كالقارب صنعته بنفسها يطفوا فوق سطح الماء إلى أن تفقص وتكبر ودون أن تشاهد هذه العملية لتعيد الكرة مع بيوضها من جديد دون أن يكون عندها خبرة آو مشاهده من قبل ) والأمثلة عديدة فهل لزم البعوض والطفل أن يقرا ويكتب آم أنها معلومات في جينات الخلق ...............
إن الإنسان قد هداه الله تعالى النجدين طريق الخير وطريق الشر ، فأما طريق الخير فلم يكلف الله الإنسان إلا الإتباع ،فالكون كله لله والطريق للعيش الكريم والسلامة والاطمئنان جعل على الطريق المستقيم ، أما طرق الشر طريق الأحزان وطريق الخوف تؤدي للخسران والندم في الدنيا، فالإنسان حتى المتعلم الذي يقرا ويكتب والعالم الذي يبحث ويكتشف إن وضع علمه ومعرفته في غير ما أمر به تعالى ضل عن الحق، لهذا كله وغيره فان الأمية تعني الضلالة عن الطريق المستقيم( ووجدك ضالا فهدى) وهذه لا يمكن إن يسير عليها الإنسان إلا بالاقتداء بتعاليم الكتاب الكريم الذي لم يترك مثلا إلا وعلمه للإنسان، حديث( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله ، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم ) وكذلك ما تذكر به سورة السبع مثاني فاتحة الكتاب الكريم في طلب الهدية لطريق الله من خلال الدعاء والدعاء من المفروض أن يكون منبعه الإيمان (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)..........
لهذا فقد صنف الكتاب الكريم وفي بدايته مباشرة بعد فاتحة الكتاب لقد صنف الكتاب الكريم وفي بدايته الناس إلى ثلاثة: مؤمن(أولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)البقرة ،وكافر(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) أو أن يكون منافقا(في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)من هنا يمكن مشاهدة الواقع الذي تعيشه البشرية اليوم فالكافر ضال عن الحق عن الأمن والأمان سائر في تدمير الحضارة من خلال عدم احترام القيم فالفساد قد عم وخراب القلوب قد ابعد الناس عن الرحمة عالم مادي زد على ذلك الأمراض النفسية عند المنافقين فقد اختاروا طريق الضلال والغضب الذي ينعكس عليهم من أعمالهم .......
إن الإيمان يفتح باب المعرفة المكنونة في كتاب الله وسنة الحبيب انه يمكن الإنسان الأمي من إدراكك مالم يدركه العلم انه يسبق كل اكتشاف ومعلومة ليوم الدين أقول معلومة مكنونة لان فهمها لا يتحقق بمجرد ألقرائه إنما يلزمه الإيمان بالله،انه يجيب الإنسان عن أسباب شقائه وعذابه في كل الأمور ،فبدون الإيمان يصعب على الإنسان السيطرة على هوى النفس وتكبرها ومداخل الشيطان عليها فكل أعمال الخير ثقيلة على النفس البشرية فالتعامل والعلاقات والحقوق والعدل والخُلق ومقابلة السيئة بالإحسان والإيثار والصدقات الخالصة لوجه الله وإنفاق مما تحب لا يمكن تحققه إلى بالإيمان ................
إن طريق الهداية وسبل الضلال قد جعل منها الرسول صلى الله عليه وسلم بداية لجميع خطبه لأهميتها ( إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَإِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِين) والكثير من الأحاديث التي تحث الإنسان على الإيمان والإتباع ،إن للزمان والمكان لبعثة الرسول الكريم أهمية ،فالزمان هو فترة انقطاع الرسل والمكان يذكر بالرسالات التي ضل الإنسان عنها رغم انه ما زال يمارس شعائر الطواف حول البيت العتيق إلا إن استعباد الإنسان للإنسان والضلال والجهل هو ظاهر الحياة ، ومع الهداية وانتشارها عم السلام وانتشر العلم والمعرفة فقد توصل الإنسان للحكمة من العبادة وهي لإصلاح الحياة وقيام الحضارة ،والحكمة من الإخلاص لاستقرار المعاملات والأعمال والحياة على نهج واحد بعيدة عن أهواء النفس ،إن من يستبعد ويستهجن نزول الهداية على الرسول كونه أمي لا يقرا ويكتب والجواب فان علم القران مكانه القلوب يكتب بنور الإيمان ويقرا ببصيرة الرحمن هداية من الله وهو يشمل كل علوم الدنيا والآخرة لهذا فقد ذكر قبل خلق الإنسان في سورة الرحمن والله اعلم ،، أما علم البيان والأسماء مكانه العقل البشري نتيجة الخبرة والبحث والذي من خلاله أيضا يستدل على علم القران وهذا هو الإعجاز القرآني،نسال الله تعالى لحقيقة الإيمان ولنور القران ليصلح حيتنا ويبعدنا عن ضلالة حب الدنيا ويفهمنا الحكمة من الوجود لنذوق لذة الإيمان والعمل به أمين.