آخر الأخبار
ticker خلود السقاف .. صاحبة البصمة والأثر الطيب ticker مساعدة: دولة فلسطينية شرط أساسي لاستقرار الشرق الأوسط ticker عطية: حماية أرواح الأردنيين لا تقبل التبرير ticker مقتل 4 عناصر من الأمن السوري برصاص مسلحين في ريف إدلب ticker إجراءات الحصول على تذاكر مباريات النشامى في مونديال 2026 ticker 20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة ticker الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار ticker نظام معدل للأبنية والمدن .. تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف ticker إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم ticker مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة ticker الأردن يدين الهجوم على قاعدة أممية في السودان ticker إحالة مدير عام التدريب المهني الغرايبة إلى التقاعد ticker الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا ticker السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك ticker الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدرة و50 غراماً من الكريستال ticker الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة ticker الأردن يؤكد وقوفه مع استراليا بعد الهجوم الإرهابي ticker قافلة المساعدات الأردنية تصل إلى اليمن ticker ربيحات: مدافئ حصلت على استثناء لإدخالها بعد عدم تحقيقها للمواصفات ticker الشموسة .. نائب جديد يطالب باستقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات

كـامـيـرا خفـيـّة

{title}
هوا الأردن - راتب المرعي الدبوش

شاعَ في العُقودٍ الثلاثةِ الأخيرة ِ ، وخاصةً بعد انتشارِ ظاهرةِ الفضائياتِ التي مَلأتْ بلادَ العرب - نمطٌ من البرامجِ التلفازيّةِ ، يُسَمّيهِ أهلُهُ وذووهُ بالكاميرا الخفيّة .
وقد جاءتْ فكرةُ هذا النّمَطِ من البرامج نَقْلاً وتقليداً لما تفعلُه بعضُ محطاتِ التلفزةِ في الغرب . غيرَ أنّ الأصلَ الغربيّ ، سواء كان أوروبياً ، أو أمريكياً - مختلفٌ جداً عن الفَهْمِ المُشَوّهِ ، والمَغْلُوطِ الذي نقلتْهُ، أو تَمَثّلَتْهُ محطّاتُ التلفزةِ العربية . 
تتصفُ برامجُ الكاميرا الخفيّةِ الأوروبيةُ والأمريكيةُ بما يُمْكِنُ أنْ نُسمّيَه (خفّةَ الدم ) . ويتميّـزُ القائمون على إنتاجِها بقُدْرتهم الفائقةِ على ابتكارِ العديدِ من المواقفِ الطريفة، والظريفة .
وهي مواقفُ لا تستدْعي ممّن يتعرضُ لها أكثرَ من ابتسامةٍ عَفْويَةٍ وطبيعية، بعيدةٍ عن التكلّفِ والتّصنّع؛ وذلك لسرعةِ اكتشافهِ سِرَّ الفكاهةِ في الموقف، ما يجعلُه يتعاملُ معه كموقفٍ عابرٍ، ومُسَلٍّ في آنٍ معاً.
أمّا ما يُسمّى ببرامجِ الكاميرا الخفيةِ في ( بلاد العُربِ أوطاني)، فهي لا تتعدّى وَضْعَ الطرَفِ المُستهدَفِ في موقفٍ مثيرٍ للأعصاب، باعثٍ على التوتّر، دافعٍ إلى إنهاءِ الموقفِ بمشروعِ مشاجرةٍ كبيرة. هذا إذا كان المُسْتَهْدَفُ من ذلك النوعِ الذي يمكنُ أنْ يثورَ ، وأنْ يلجأ إلى العنفِ ، واستخدام القوةِ للرّدع . أمّا
إذا لمْ يكنْ كذلك، لسببٍ أو لآخرَ، فهو في موقفٍ لا يُحْسَدُ عليه من الشّعورِ بالحَرَج ، وامتهانِ الكرامة.
وممّا يُميّزُ برامجَ الكاميرا الخفيّةِ عند الغربيين - أنها تُعرّضُ للموقفِ مجموعاتٍ من الناسِ في الوقتِ نفسِه، أو بشكلٍ متتابعٍ وسريع. 
فهي لا تقصدُ فرداً مُحَدّداً بعينِه، ولا تُشْعِرُهُ بأنّه هو المقصود، ولا تـُخَطّطُ للإيقاعِ بفردٍ ما ؛ لأنّه هو بالذات ، ولا تُوحي بأيّ انطباعٍ ، يشير إلى أنّ في الأمرِ ما يُمكنُ تسميتُه بسبْقِ الإصرارِ والترصّد.
أما برامجُ الكاميرا الخفيةِ العربيةُ، فتستهدفُ، في العادةِ، فرداً واحداً، أو فرديْن معاً، بصورةٍ انتقائيةٍ تجعل من هذه البرامجِ أبعدَ ما تكونُ عن الذوقِ، وخفّةِ الدم. وتُحوّلُها إلى نوعٍ من (جَهْدِ البَلاءِ ) الذي يُسْتعاذُ منه. 
ومن هنا ، فإنّ الموقفَ كثيراً ما يستدعي ألفاظاً خشنةً ، وتعبيراتٍ نابيةً ، وشتائمَ قاسيةً ، بل لجوءاً إلى الشّروعِ باستخدامِ العنفِ من قِبَلِ المُستهدَفِ الضحيّة ، لولا أن القائمَ على افتعالِ الموقفِ يبادرُ إلى الهَرَبِ ، مما يوشِكُ أن يتعرضَ له، وذلك بالتوسّلِ إلى المُستهدَفِ الضحيةِ أنْ ينظرَ معَه إلى حيثُ يُشير ... إلى الكاميرا المنـزويةِ في طَرَفٍ خفيّ ؛ ليصحوَ المستهدفُ الضحيةُ من هذا الكابوسِ المزعجِ الغليظِ الذي أثارَ أعصابَه إلى حدّ التفكيرِ بارتكابِ جريمة ، ولينتهيَ المشهدُ إمّا بإخفاءِ المستهدَفِ العربيّ وجهَه ؛ خجلاً من انفعالِه وتوترِه ( مع أنه مَعْذور ) ، أو باحتضانٍ مُفْتَعَلٍ وسَمِجٍ بين الطرفين ، لسانُ حالِ المُستهدَفِ فيه يقولُ لفريقِ البرنامج، ما لا أريدُ أنْ أتلفّظَ به.
***
أعتقدُ أنّ على المتعاملينَ ببرامجِ الكاميرا الخفيّةِ العربيةِ أن
يُدركوا أنّ هذا النمطَ من البرامجِ ،ليس مجردَ نوعٍ من"التخويثات" ، أو " العَبَاطةِ " أو " التّغابي"، يُمارسونَه كيفما اتّفق؛ لأنّ المتعةَ المَنْشودةَ ليست استمتاعَ الكاميرا والقائمينَ عليها بحالةِ الإرباكِ التي تصيبُ المواطنَ العربيَ في هذا الموقفِ المفتعلِ ، أو ذاك . بل إنّ المتعةَ الحقيقيةَ، هي متعةُ المُشاهِدِ بذكاءِ الكاميرا، وذكاءِ القائمينَ عليها، في ابتكارِ موقفٍ طريفٍ ما، لرصْدِ ردةِ الفعلِ السريعةِ والعفوية. أقولُ السريعةَ والعفوية ، لمن يمرّ بذلك الموقف. 
ومعروفٌ أنّ المُشاهِدَ، وهو يشاهدُ التلفازَ في بيتِه، يضعُ نفسَه دائماً في موقعِ المستهدَف، بمعنى أنه لا يحبُ أن يكونَ موضوعاً لتلاعبِ القائمين على الكاميرا بهِ، بهذا الشكلِ الفجّ والغليظِ، البعيدِ عن الذوقِ والكياسة.
***
ونقطةٌ أخرى، لا بدّ من الإشارةِ إليها في معرضِ التباينِ بين الفهمِ الغربيِّ لبرامجِ الكاميرا الخفيةِ ، وفهمِنا العربيّ لها . وتتمثلُ هذه النقطةُ في المِساحةِ الزمنيةِ التي تستغرقُها اللقطةُ أو مجموعةُ اللقطاتِ التي تشكلُ نسيجَ البرنامج . 
صحيحٌ أنّ عدداً غيرَ قليلٍ من الناسِ يمرّون بالموقفِ الذي تصطنعُه الكاميرا الغربية، ولكنّه موقفٌ لا يعيقُ أياً منهم، ولا يُعَطّلُه، ولا يُوقِعُه في مأزِق، ولا يُشْعِرُه بحرجٍ أو ضيق؛ لأنّ أياً منهم لا يَشعرُ أنه هو المُستهدَفُ شخصياً، ولأنّ كلّ فردٍ من هؤلاء لا يتعرضُ للموقفِ أكثرَ من ثوانٍ معدودات .
أما في الكاميرا الخفيةِ في بلادِ بني يعرب ، فالموقفُ يكادُ يكون كتغريبةِ بني هلال ، في طوله ، وتداخلاته ، وكالوقوع في 
شجرة (علّيق ) أذى وألماً وتورّطاً .
شاهدوا برامجَ الكاميرا الخفيةِ التي ينتجُها الغرب : أوروبا وأمريكا ، ثم شاهدوا ما يُنتِجُه بنو قومِنا منها ، ولاحظوا الفرق . وهو فرقٌ هائلٌ وكبير .

تابعوا هوا الأردن على