آخر الأخبار
ticker المواقع السياحية في الطفيلة تشهد حركة سياحية نشطة ticker في عيد الجلوس .. فعاليات المفرق تحتفي بإنجازات الملك عبدالله الثاني ticker في ذكرى الجلوس .. أبناء العقبة يستذكرون الإنجازات التي تحققت في عهد الملك ticker عيد الجلوس الملكي .. نهج مستمر برعاية ذوي الإعاقة ودمجهم ticker عجلون تسجّل انتعاشا سياحيا خلال عطلة العيد ticker الملكية لشؤون القدس : عيد الجلوس استمرار لمسيرة البناء ticker متصرفية الأغوار الشمالية تدعو لعدم الاقتراب من المسطحات المائية ticker ترامب يعلن مباحثات تجارية بين واشنطن وبكين في لندن ticker ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين إلى 3.2853 تريليون دولار في أيار ticker القسام تعلن تفجير عين نفق بقوة صهيونية من 6 جنود ticker أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو ticker مظاهرات في عواصم أوروبية تنديدا بحرب الإبادة والتجويع في غزة ticker سوريا تعفي الأردنيين من رسوم التأشيرة وسماح الاقامة لمدة 6 أشهر ticker تكية أم علي تباشر بتوزيع لحوم الأضاحي المحلية الطازجة ticker مظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى ticker 100 ألف أضحية سورية تساهم في استقرار الأسعار بمحافظات الشمال .. والعاصمة عمان الأعلى مبيعا ticker ارتفاع رؤوس أموال شركات الصرافة إلى 119 مليون دينار في 2024 ticker تراجع الإعفاءات على رسوم تصاريح عاملات المنازل 80% ticker نقل مجاني لحاملي هذه التذاكر عبر الباص السريع وباص عمّان ticker سوريا تفكك مخيم الركبان قرب حدود الأردن وتنهي "مثلث الموت"

إبراهيم العبسي.. مُعلِّم آخر يرحل..!

{title}
هوا الأردن - علاء الدين أبو زينة

عندما  يُذكر اسم إبراهيم العبسي، لا بد أن تستعيد الذاكرة معه أجواء عمَّان الثقافية القديمة، ورابطة الكتاب القديمة. ومهما جهدتُ، لن تسعفني الكلمات لوصف تلك المناخات بالضبط، بما خلَّفته من الانطباعات والصور والمشاعر الجليلة. لكنَّ كل ما وسم تلك الحقبة التي أتذكرها من عمان السبعينيات والثمانينيات، بناسها وحيويتها وحراكها ونتاجها، أصبح مُفتقداً الآن، وبشدة. كانت تلك الحقبة هي التي أسَّست للثقافة المحلية، وجعلتها حاضراً يومياً محسوساً في الحياة الأردنية. ثم وضعت هذه الثقافة المتمايزة النابضة في سياق الحياة الأدبية العربية، والعالمية. وكان الذين أقاموا تلك الأسس مُعجزين تقريباً في نوع انهماكهم بعمل الثقافة والإبداع وصناعة العقل، وبطريقة فريدة وعزيزة.
كان رحيل الأديب والأستاذ إبراهم العبسي عن هذه الدنيا قبل يومين خبراً حزيناً. ولا عدد لأسباب الحزن بالنسبة لمحبيه وطلبته وقرائه، لكنَّ رحيله يضيف إلى الفراغ الكبير الذي خلفه غياب أبناء ذلك الجيل من شاغلي ركن الثقافة الساحر في الحياة الأردنية. وتعويضهم صَعب، لأن التجربة التي صنعتهم مختلفة؛ وطريقة انشغالهم بما اشتغلوا به كانت تختلف أيضاً. وإذا كانت انطباعاتي المحفوظة من تلك الأيام دقيقة، فقد استحال أن يكون العمل الثقافي والإبداعي في حياة أولئك الرواد عملاً إضافياً أو جزئياً، وإنما بدوام كامل، 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع. وعندما يكتبون، فإنهم لم يكونوا يضطرون إلى الاختلاق. كان عليهم فقط إعمال هباتهم التعبيرية لإعادة وضع تجربة اشتباكهم المستمر والواعي مع الحياة في العالم –كتابةً.
مجايلو إبراهيم العبسي من الأدباء الكبار والحقيقيين في ذلك الزمن لم يكونوا يحتكرون المنصَّات ويخافون من المنافسة، وإنما فتحوا المساحات للمزيد من الأصوات المبدعة التي تستحق الانطاق. ولا بد أنهم أدركوا المصلحة في التجمع، واحتفلوا بانضمام الزملاء وأخذوا بيد المترددين من المنطوين على مبدأ الإبداع، ولم يكن للإقصاء محلٌّ في حساباتهم. ولذلك اتسع المشهد وتقاطر إليه المبدعون الحقيقيون الآخرون وتشرّبوا من الرواد فكرة الإيمان بالمشروع. وعلى الرغم من كل التناقضات، أصبحت هناك رواية أردنية، وقصة قصيرة، وشعر ونص درامي ومسرحي أردني. وكان عامل الصدق الشخصي والإبداعي هو الذي جعل من نتاجات ذلك الجيل مغوية للآخرين باستهلاك الثقافة والمعرفة والحسّ. وصنع اندغامهم بالناس إلفة مع الناس وشكل أداة تكوينية لكيانات المتفاعلين مع تلك التجليات، والتي انعكست في نوع الوعي الفردي، فالأداء الاجتماعي الذي سار حتماً في طريق تقدمي.
بالإضافة إلى ما تعلمته مع غيري من قراءة إبراهيم العبسي ومشاهدة أعماله، كان العبسي هو أول ما نشَر لي شيئاً في الصحافة الأردنية. كان ذلك في الثمانينيات حين كان مدير تحرير الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة صوت الشعب. وقد شجعني صديق في ذلك الحين على محاولة الترجمة والنشر، وقدمني إلى العبسي الذي رحب بي ونشر تجربتي الأولى في الملحق. وبعد ذلك، بقيت لفترة ضيفاً شبه أسبوعي على ملحق صوت الشعب الثقافي لبعض الوقت. وعندما أغيب، كان الأستاذ إبراهيم يتصل بي ويحثني على إنتاج شيء. وقد نشرت لي بعد ذلك الكثير من النتاجات والترجمات في الصحف والمجلات. لكنني كلما تذكرت تلك النشوة الخاصة التي تصاحب نشر العمل الأول وظهور اسمي أولاً في مطبوعة، لا بدَّ أن أتذكر إبراهيم العبسي، بحفاوته وتشجيعه وتقاطيعه المحفورة في الذاكرة من ذلك الوقت.
عمل العبسي في القصة القصيرة، ونص الدراما التلفزيونية والمسرحية؛ وكلها ضروب جديدة نسبياً على الأدب المحلي في تلك الحقبة. لكنه استكشف كل هذه الزوايا الإبداعية بحسِّ العاشق، فقالت له أسرارها. ولا أعرف إذا كان جيل العبسي قد سعدوا أو ندموا على الاشتغال بهذا العمل الذي يحتُّ الأعصاب ويستند إلى التوتر والانتباه الدائمين. لكنَّهم في كل الأحوال صنعوا نموذجاً محبباً مغرياً بالتقليد، ووعياً حاضراً لا يُمحى في جيل متوسط اضطلع، وما يزال، بحصته من العمل في هذا العالم. وإذا كان رحيل العبسي مناسبةً حتميَّة للحزن والفقدان، فإنها مناسبةٌ أيضاً لاستعادة تلك المشاعر والانطباعات الفريدة التي ساهم في خلقها بحضوره الشخصي والأدبي في الحياة الأردنية، وتلك الأوقات الصعبة –والآملة- التي وثقها في عمله الذي لن يطويه النسيان.

تابعوا هوا الأردن على