آخر الأخبار
ticker النشامى يضمنون 4 ملايين دولار مكافآت في كأس العرب ticker الصفدي وغوتيريش يؤكدان أهمية دعم الأونروا لضمان استمرار خدماتها للاجئين الفلسطينيين ticker إصابة يزن النعيمات بقطع في الرباط الصليبي الأمامي ticker ولي العهد: مبارك للأردن .. النشامى لنصف نهائي كأس العرب ticker أبو ليلى أفضل لاعب في مباراة الاردن والعراق ticker ولي العهد: كلنا مع النشامى ticker وزير الثقافة يفتتح معرض "ما وراء الإطار – فراشي من أجل الحرية" ticker 3420 ميجا واط أقصى حمل كهربائي مسجل الجمعة ticker أبو ليلى: بني عطية صديقي منذ 20 عاماً .. ولو شارك شلبية لتألق أيضاً ticker الملكة رانيا للنشامى: فخرنا فيكم ما له حدود ticker مرضي: لسنا منتخب صدفة .. وعلوان: لم تكن أفضل مبارياتنا هجوميًا ticker النشامى يلتقي نظيره السعودي في كأس العرب الإثنين ticker النشامى إلى نصف نهائي كأس العرب بفوزه على المنتخب العراقي ticker الأمير هاشم يشجع النشامى بين الجماهير الأردنية في قطر ticker الأردن ودول عربية وإسلامية: الاقتحام الإسرائيلي لمقر أونروا تصعيد غير مقبول ticker الكرك والسلط الأعلى هطولًا .. المنخفض الجوي يرفع الأداء المطري ticker مصادقة إسرائيلية على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة ticker وقف ضخ المياه من محطة الزارة ماعين احترازياً ticker الجيش: القبض على شخص حاول التسلل عبر الحدود الشرقية ticker 5 وفيات من عائلة واحدة بتسرب غاز مدفأة في الزرقاء

إبراهيم العبسي.. مُعلِّم آخر يرحل..!

{title}
هوا الأردن - علاء الدين أبو زينة

عندما  يُذكر اسم إبراهيم العبسي، لا بد أن تستعيد الذاكرة معه أجواء عمَّان الثقافية القديمة، ورابطة الكتاب القديمة. ومهما جهدتُ، لن تسعفني الكلمات لوصف تلك المناخات بالضبط، بما خلَّفته من الانطباعات والصور والمشاعر الجليلة. لكنَّ كل ما وسم تلك الحقبة التي أتذكرها من عمان السبعينيات والثمانينيات، بناسها وحيويتها وحراكها ونتاجها، أصبح مُفتقداً الآن، وبشدة. كانت تلك الحقبة هي التي أسَّست للثقافة المحلية، وجعلتها حاضراً يومياً محسوساً في الحياة الأردنية. ثم وضعت هذه الثقافة المتمايزة النابضة في سياق الحياة الأدبية العربية، والعالمية. وكان الذين أقاموا تلك الأسس مُعجزين تقريباً في نوع انهماكهم بعمل الثقافة والإبداع وصناعة العقل، وبطريقة فريدة وعزيزة.
كان رحيل الأديب والأستاذ إبراهم العبسي عن هذه الدنيا قبل يومين خبراً حزيناً. ولا عدد لأسباب الحزن بالنسبة لمحبيه وطلبته وقرائه، لكنَّ رحيله يضيف إلى الفراغ الكبير الذي خلفه غياب أبناء ذلك الجيل من شاغلي ركن الثقافة الساحر في الحياة الأردنية. وتعويضهم صَعب، لأن التجربة التي صنعتهم مختلفة؛ وطريقة انشغالهم بما اشتغلوا به كانت تختلف أيضاً. وإذا كانت انطباعاتي المحفوظة من تلك الأيام دقيقة، فقد استحال أن يكون العمل الثقافي والإبداعي في حياة أولئك الرواد عملاً إضافياً أو جزئياً، وإنما بدوام كامل، 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع. وعندما يكتبون، فإنهم لم يكونوا يضطرون إلى الاختلاق. كان عليهم فقط إعمال هباتهم التعبيرية لإعادة وضع تجربة اشتباكهم المستمر والواعي مع الحياة في العالم –كتابةً.
مجايلو إبراهيم العبسي من الأدباء الكبار والحقيقيين في ذلك الزمن لم يكونوا يحتكرون المنصَّات ويخافون من المنافسة، وإنما فتحوا المساحات للمزيد من الأصوات المبدعة التي تستحق الانطاق. ولا بد أنهم أدركوا المصلحة في التجمع، واحتفلوا بانضمام الزملاء وأخذوا بيد المترددين من المنطوين على مبدأ الإبداع، ولم يكن للإقصاء محلٌّ في حساباتهم. ولذلك اتسع المشهد وتقاطر إليه المبدعون الحقيقيون الآخرون وتشرّبوا من الرواد فكرة الإيمان بالمشروع. وعلى الرغم من كل التناقضات، أصبحت هناك رواية أردنية، وقصة قصيرة، وشعر ونص درامي ومسرحي أردني. وكان عامل الصدق الشخصي والإبداعي هو الذي جعل من نتاجات ذلك الجيل مغوية للآخرين باستهلاك الثقافة والمعرفة والحسّ. وصنع اندغامهم بالناس إلفة مع الناس وشكل أداة تكوينية لكيانات المتفاعلين مع تلك التجليات، والتي انعكست في نوع الوعي الفردي، فالأداء الاجتماعي الذي سار حتماً في طريق تقدمي.
بالإضافة إلى ما تعلمته مع غيري من قراءة إبراهيم العبسي ومشاهدة أعماله، كان العبسي هو أول ما نشَر لي شيئاً في الصحافة الأردنية. كان ذلك في الثمانينيات حين كان مدير تحرير الملحق الثقافي الأسبوعي لصحيفة صوت الشعب. وقد شجعني صديق في ذلك الحين على محاولة الترجمة والنشر، وقدمني إلى العبسي الذي رحب بي ونشر تجربتي الأولى في الملحق. وبعد ذلك، بقيت لفترة ضيفاً شبه أسبوعي على ملحق صوت الشعب الثقافي لبعض الوقت. وعندما أغيب، كان الأستاذ إبراهيم يتصل بي ويحثني على إنتاج شيء. وقد نشرت لي بعد ذلك الكثير من النتاجات والترجمات في الصحف والمجلات. لكنني كلما تذكرت تلك النشوة الخاصة التي تصاحب نشر العمل الأول وظهور اسمي أولاً في مطبوعة، لا بدَّ أن أتذكر إبراهيم العبسي، بحفاوته وتشجيعه وتقاطيعه المحفورة في الذاكرة من ذلك الوقت.
عمل العبسي في القصة القصيرة، ونص الدراما التلفزيونية والمسرحية؛ وكلها ضروب جديدة نسبياً على الأدب المحلي في تلك الحقبة. لكنه استكشف كل هذه الزوايا الإبداعية بحسِّ العاشق، فقالت له أسرارها. ولا أعرف إذا كان جيل العبسي قد سعدوا أو ندموا على الاشتغال بهذا العمل الذي يحتُّ الأعصاب ويستند إلى التوتر والانتباه الدائمين. لكنَّهم في كل الأحوال صنعوا نموذجاً محبباً مغرياً بالتقليد، ووعياً حاضراً لا يُمحى في جيل متوسط اضطلع، وما يزال، بحصته من العمل في هذا العالم. وإذا كان رحيل العبسي مناسبةً حتميَّة للحزن والفقدان، فإنها مناسبةٌ أيضاً لاستعادة تلك المشاعر والانطباعات الفريدة التي ساهم في خلقها بحضوره الشخصي والأدبي في الحياة الأردنية، وتلك الأوقات الصعبة –والآملة- التي وثقها في عمله الذي لن يطويه النسيان.

تابعوا هوا الأردن على