آخر الأخبار
ticker المواقع السياحية في الطفيلة تشهد حركة سياحية نشطة ticker في عيد الجلوس .. فعاليات المفرق تحتفي بإنجازات الملك عبدالله الثاني ticker في ذكرى الجلوس .. أبناء العقبة يستذكرون الإنجازات التي تحققت في عهد الملك ticker عيد الجلوس الملكي .. نهج مستمر برعاية ذوي الإعاقة ودمجهم ticker عجلون تسجّل انتعاشا سياحيا خلال عطلة العيد ticker الملكية لشؤون القدس : عيد الجلوس استمرار لمسيرة البناء ticker متصرفية الأغوار الشمالية تدعو لعدم الاقتراب من المسطحات المائية ticker ترامب يعلن مباحثات تجارية بين واشنطن وبكين في لندن ticker ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين إلى 3.2853 تريليون دولار في أيار ticker القسام تعلن تفجير عين نفق بقوة صهيونية من 6 جنود ticker أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو ticker مظاهرات في عواصم أوروبية تنديدا بحرب الإبادة والتجويع في غزة ticker سوريا تعفي الأردنيين من رسوم التأشيرة وسماح الاقامة لمدة 6 أشهر ticker تكية أم علي تباشر بتوزيع لحوم الأضاحي المحلية الطازجة ticker مظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى ticker 100 ألف أضحية سورية تساهم في استقرار الأسعار بمحافظات الشمال .. والعاصمة عمان الأعلى مبيعا ticker ارتفاع رؤوس أموال شركات الصرافة إلى 119 مليون دينار في 2024 ticker تراجع الإعفاءات على رسوم تصاريح عاملات المنازل 80% ticker نقل مجاني لحاملي هذه التذاكر عبر الباص السريع وباص عمّان ticker سوريا تفكك مخيم الركبان قرب حدود الأردن وتنهي "مثلث الموت"

طرابيشي إذ يذكر المثقفين بما يحبون نسيانه

{title}
هوا الأردن - إبراهيم غرايبة

ربما تنطبق على جورج طرابيشي مقولة الأشخاص القليلين الذين في تمسكهم لرؤية المسائل كما هي أو كما يجب أن تُفهم، حين يعمل العقل والمنطق بحرية واستقلالية، صاروا مختلفين عن المجموع لدرجة "الهرطقة". فما يسميه طرابيشي "هرطقات" ليست سوى مقاربات علمية ومنطقية حول مسائل الديمقراطية والعلمانية والحداثة، وبأدوات وأفكار بدهية. والحال أن "الهرطقة" ليست عمليا أو قانونيا سوى الاختلاف.
لقد وجد طرابيشي نفسه وحيدا أو جزءا من فئة قليلة لا يحب أن يستمع إليها علناً أغلب المثقفين، ولكنهم في سرهم أو في خلواتهم يؤمنون بما يؤمن به (طرابيشي) ويقولون ما يقول. وحتى أولئك الذين لا يؤمنون بمقولاته، يدركون غالبا ويعترفون أحيانا بتناقضهم مع أنفسهم ومع ما يدعون إليه، وأعني فئة من المثقفين والمناضلين الذين يفكرون علمانيا ويقولون كهنوتيا، ويدعون شموليا وجذريا ويسلكون واقعيا. في كتابه "هرطقات"، يذكرنا جورج طرابيشي بما يجب أن نتذكره أو ما نحب أن ننساه، ولذلك فإن مشكلته أو "هرطقته" ليست في صحة أو خطأ ما يقوله، ولكنها في استحضار المسكوت عنه والمتواطأ على السكوت عنه وتناسيه.
فالديمقراطية بما هي منظومة للحكم والتشريع والعلاقات نتفق عليها جميعا أو أغلبنا، ليست مجرد آلية انتخابية، ولكنها منتج اجتماعي اقتصادي لا يمكن تحقيقها إلا بشروطها الموضوعية. وهنا يذكّر بما لا يتذكره إلا قليل من "الديمقراطيين"؛ بأن أهم شرط للديمقراطية هو الحامل الاجتماعي. فالديمقراطية وإن لم تتواجد حيثما تواجدت البورجوازية، فإنها تغيب حيثما غابت. ولذلك، فإن سر المأزق الديمقراطي العربي هو تغييب البورجوازية. ومع التسليم بعلات البورجوازية العربية، إلا أنه من دونها سيظل المأزق الديمقراطي يعيد إنتاج نفسه، بل إن المجتمعات العربية تدفع ثمن غياب البورجوازية في أنظمة سياسية استبدادية وحركات شعبية شمولية ترفض قيم الحداثة والديمقراطية.
والمأزق الثاني للديمقراطية هو ازدواجية السلطة واستقواء مؤسسات من الدولة على المجتمع والدولة والقانون. وما من مخرج من المأزق سوى ردّ الاعتبار للدولة، وسلطة القانون ومبدأ العنف الشرعي؛ فلا ديمقراطية من دون الشرطة وتطبيق القانون. وهنا يؤشر طرابيشي إلى عورات "الديمقراطيين" المكشوفة، وذلك في انحيازاتهم السهلة والاحتفالية والفاسدة والمفسدة. فالديمقراطية في جوهرها هي النضال لأجل سيادة القانون وتكريس الرابطة القانونية ومواجهة الاستقواء على الدولة والقانون، هي -أولا- عملية معقدة تجمع بين مواجهة السلطة ومعارضتها، وبين الدفاع عنها وحمايتها أيضا في الوقت نفسه، وهي إدارة واعية ونزيهة للمصالح والعلاقات لا تسمح بالتحالفات والتواطؤات الصامتة والناعمة كما الخشنة والفجة والتي تُفرغ الدولة والديمقراطية من محتواهما.
المأزق الثالث هو أن المجتمع الأهلي العربي ليس ديمقراطيا، ومصاب بالفئوية الطائفية و"اللوبية" الدينية. وبذلك تغيب الديمقراطية جوهريا، وتقع حرية الفكر بين فكي كماشة رقابة السلطة السياسية والرقابة الشعبية الدينية؛ فلا يمكن أن تكون الديمقراطية نظاما للحكم وهي ليست نظاما للمجتمع. وإذا كان الانتخاب أهم آليات الديمقراطية، فإن الآلية الانتخابية الديمقراطية غير قابلة للعمل والفاعلية من غير ثقافة ديمقراطية. وإذا كانت الأنظمة السياسية لا تتحمل انتخابا حرا، فإن المجتمعات لا تتحمل رأيا حرا؛ فالمجتمع يريد الديمقراطية في السياسة ولا يريدها في الفكر، وبخاصة في الدين والحريات الشخصية والفردية.
وبرغم موافقته على صحة مقولة وجود أسس للعلمانية الإسلامية كما في المسيحية، لكن العلمانية لا تنشئها استدلالات دينية أو تاريخية وتراثية؛ العلمنة الإسلامية ينشئها مشروع حقيقي وفعال مستمد من الثورة المعرفية، وبذلك يمكن توظيف البحث المعرفي في التراث الإسلامي في هذا الاتجاه. وهنا تبدو كل مقولات الديمقراطية الإسلامية ليست ديمقراطية وليست إسلامية.
وينتقد طرابيشي "الإنتلجنسيا" العربية؛ فهو يراها ترفض أداء وظيفتها، وتجامل الجماهير والموجات السائدة والصاعدة، بدلا من أن تواصل نضالها للتأثير في المجتمعات والاتجاهات. لكن الأسوأ من ذلك أنها تزين لنفسها وللجماهير التناقض، وتساهم في تزييف الوعي؛ بل إنها (النخب) تدعس على قناعاتها وأفكارها، أو تكتمها، وتمضي مع المقولات والشائعات.

تابعوا هوا الأردن على