آخر الأخبار
ticker خلود السقاف .. صاحبة البصمة والأثر الطيب ticker مساعدة: دولة فلسطينية شرط أساسي لاستقرار الشرق الأوسط ticker عطية: حماية أرواح الأردنيين لا تقبل التبرير ticker مقتل 4 عناصر من الأمن السوري برصاص مسلحين في ريف إدلب ticker إجراءات الحصول على تذاكر مباريات النشامى في مونديال 2026 ticker 20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة ticker الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار ticker نظام معدل للأبنية والمدن .. تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف ticker إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم ticker مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة ticker الأردن يدين الهجوم على قاعدة أممية في السودان ticker إحالة مدير عام التدريب المهني الغرايبة إلى التقاعد ticker الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا ticker السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك ticker الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدرة و50 غراماً من الكريستال ticker الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة ticker الأردن يؤكد وقوفه مع استراليا بعد الهجوم الإرهابي ticker قافلة المساعدات الأردنية تصل إلى اليمن ticker ربيحات: مدافئ حصلت على استثناء لإدخالها بعد عدم تحقيقها للمواصفات ticker الشموسة .. نائب جديد يطالب باستقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات

منازل كثيرة.. ولا بيت أزرق

{title}
هوا الأردن - نادر رنتيسي

جاءت سيّارة أجرة متوسّطة لتحملَ أثاثنا، الخفيف، القليل. عرفَ الطفلُ الذي كنته في الخامسة، أنّ هذا البيت الأزرق من غرفة ومنافع مشتركة، لم يكن بيتنا، وأننا ذاهبون أيضاً إلى بيت لن يكون بيتنا. وليس لنا أيُّ بيت، فقد كنّا نسكنُ مقابل أجرة شهريّة، ونتنقل رُحّلاً تحت السقوف المقشورة، فقبل أنْ أعي كنّا نسكن بيتاً مفتوحاً، وأبي تزوّج أمّي في بيت يتطلب الدخول إلى الحمّام ورقة "لا مانع" من عائلتين، فأدركَ الطفلُ الذي لم يعد في الخامسة أنّ البيت أيضاً يمكن هو سيّارة أجرة.
احتجتُ إلى مرحلتين تعليميّتين لأعرف الفرق الكبير كـ"الحوش" المشترك، بين "البيت" و"المنزل". تلك إذن التي كانت منازل الطفولة والصّبا، أقمنا فيها لليال متتالية كانت بحساب بسيط تعادل نصف العمر، ولمّا صِرتُ فتى بعينين مُسبّلتين، وأصبح لي فؤادٌ خفيفٌ كما خفّ من أثاثنا بين المنازل، يتنقّل من هوى شرقيٍّ إلى هوى غربيٍّ، ومثل أيِّ عاشق عبّاسيٍّ، كان للحبِّ مردٌّ واحد وحبيبٌ "أوّل"، وحتى يكتمل الشبه والمشبه به في بَيْتي القصيدة "التمّاميّة"، كان عليّ أنْ أجيب: لأيِّ منزلٍ أحنُّ؟، وكلُّ المنازل للعابر، والمسافر، واللاجئ، أولى.. وأخيرة!
صار لي سيّارة تعيسَة للنقل البطيء من منزل أبي إلى منزل أمّي، أشاهدُ من زجاجها المغبرّ البيوت الثابتة، هناك أعلى التلة "فيلا" من طابقين وسطح من القرميد الأخضر. قلتُ في حسد إنّ عددَ الغرف فيها أكثر من الأصابع في اشتباك اليدين بالحَسْرة، وكنتُ قرأتُ إعلان بيعها بمقاس كبير في الصحيفة، هكذا كُتِبَ: "فيلا للبيع بسعر مُغْرٍ"، وكأي كائنٍ بليدٍ لم يبدر مني سوى أن أسخر، إنْ كان معنى الإغراء أنّها ستكشِف عن أعلى ذراعيها أو تخلَع عن رأسها القرميد، وشاهدتُ في الإياب "قصراً منيفاً" وراء نصف غابة، قلتُ في كيد إنّ عدد الغرف فيه أكثر من الأصابع في مصافحة كثيرة الودِّ، وتثبيت السلام بالكفِّ الثالثة!
لي منزلٌ من علبة كبريت وعلبة سجائر، مقتطع من "فيلا"، كانت قبل عشرين عاماً لعائلة سعيدة، قرّرت فيما يبدو أن تضاعف سعادتها، فانتقلت إلى قصر نصفه في اليابسة ونصفه في الماء، أما جيراني في "الفيلا"، فهم عائلات تسكن بالإيجار، تكتظ كلُّ عائلة في غرفتين وشبه البيت، أسمع أصوات التذمر من حصص الهواء، والسباق إلى الجلوس في الزوايا المثاليّة، وفي الأمس فقط غادرت أسرة شقّتها. جاءت سيّارة أجرة متوسطة، وحملت الأثاث، يراقبه طفل في الخامسة، وقفتُ بجانبه، وكنتُ أكبر، أو أطول منه بثلاثين حنيناً.
وسأكبر خمسة وعشرين حنيناً، لستُ متأكِّداً إنْ كان سيكون لي عائلة أم سأظلُّ وحيداً كعود الخيزران، لكنني متأكِّدٌ أنّه سيكون بإمكاني شراء بيتٍ، هو شقة من علبة سردين مريحة، كافية للتمدد فيما يتبقى من حياة، وربّما أستطيع شراء مزرعة لنهاية الأسبوع، وقد أفعل ما فعله ذلك النجم الشهير، الذي كان طفلاً (في الخامسة ربّما) حين طُرِدت عائلته من البيت للتأخر بتسديد الإيجار، فصار يشتري بيتاً في كلّ مدينة يقيم فيها عامين متتاليين. لستُ متأكداً تماماً، أظنُّ أنني سأفضّل الإقامة الأخيرة في "الأجنحة الفندقية".. كأيِّ عاشقٍ يخشى ألاّ يَعْدلَ في الحنين!

تابعوا هوا الأردن على