آخر الأخبار
ticker المواقع السياحية في الطفيلة تشهد حركة سياحية نشطة ticker في عيد الجلوس .. فعاليات المفرق تحتفي بإنجازات الملك عبدالله الثاني ticker في ذكرى الجلوس .. أبناء العقبة يستذكرون الإنجازات التي تحققت في عهد الملك ticker عيد الجلوس الملكي .. نهج مستمر برعاية ذوي الإعاقة ودمجهم ticker عجلون تسجّل انتعاشا سياحيا خلال عطلة العيد ticker الملكية لشؤون القدس : عيد الجلوس استمرار لمسيرة البناء ticker متصرفية الأغوار الشمالية تدعو لعدم الاقتراب من المسطحات المائية ticker ترامب يعلن مباحثات تجارية بين واشنطن وبكين في لندن ticker ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين إلى 3.2853 تريليون دولار في أيار ticker القسام تعلن تفجير عين نفق بقوة صهيونية من 6 جنود ticker أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو ticker مظاهرات في عواصم أوروبية تنديدا بحرب الإبادة والتجويع في غزة ticker سوريا تعفي الأردنيين من رسوم التأشيرة وسماح الاقامة لمدة 6 أشهر ticker تكية أم علي تباشر بتوزيع لحوم الأضاحي المحلية الطازجة ticker مظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى ticker 100 ألف أضحية سورية تساهم في استقرار الأسعار بمحافظات الشمال .. والعاصمة عمان الأعلى مبيعا ticker ارتفاع رؤوس أموال شركات الصرافة إلى 119 مليون دينار في 2024 ticker تراجع الإعفاءات على رسوم تصاريح عاملات المنازل 80% ticker نقل مجاني لحاملي هذه التذاكر عبر الباص السريع وباص عمّان ticker سوريا تفكك مخيم الركبان قرب حدود الأردن وتنهي "مثلث الموت"

منازل كثيرة.. ولا بيت أزرق

{title}
هوا الأردن - نادر رنتيسي

جاءت سيّارة أجرة متوسّطة لتحملَ أثاثنا، الخفيف، القليل. عرفَ الطفلُ الذي كنته في الخامسة، أنّ هذا البيت الأزرق من غرفة ومنافع مشتركة، لم يكن بيتنا، وأننا ذاهبون أيضاً إلى بيت لن يكون بيتنا. وليس لنا أيُّ بيت، فقد كنّا نسكنُ مقابل أجرة شهريّة، ونتنقل رُحّلاً تحت السقوف المقشورة، فقبل أنْ أعي كنّا نسكن بيتاً مفتوحاً، وأبي تزوّج أمّي في بيت يتطلب الدخول إلى الحمّام ورقة "لا مانع" من عائلتين، فأدركَ الطفلُ الذي لم يعد في الخامسة أنّ البيت أيضاً يمكن هو سيّارة أجرة.
احتجتُ إلى مرحلتين تعليميّتين لأعرف الفرق الكبير كـ"الحوش" المشترك، بين "البيت" و"المنزل". تلك إذن التي كانت منازل الطفولة والصّبا، أقمنا فيها لليال متتالية كانت بحساب بسيط تعادل نصف العمر، ولمّا صِرتُ فتى بعينين مُسبّلتين، وأصبح لي فؤادٌ خفيفٌ كما خفّ من أثاثنا بين المنازل، يتنقّل من هوى شرقيٍّ إلى هوى غربيٍّ، ومثل أيِّ عاشق عبّاسيٍّ، كان للحبِّ مردٌّ واحد وحبيبٌ "أوّل"، وحتى يكتمل الشبه والمشبه به في بَيْتي القصيدة "التمّاميّة"، كان عليّ أنْ أجيب: لأيِّ منزلٍ أحنُّ؟، وكلُّ المنازل للعابر، والمسافر، واللاجئ، أولى.. وأخيرة!
صار لي سيّارة تعيسَة للنقل البطيء من منزل أبي إلى منزل أمّي، أشاهدُ من زجاجها المغبرّ البيوت الثابتة، هناك أعلى التلة "فيلا" من طابقين وسطح من القرميد الأخضر. قلتُ في حسد إنّ عددَ الغرف فيها أكثر من الأصابع في اشتباك اليدين بالحَسْرة، وكنتُ قرأتُ إعلان بيعها بمقاس كبير في الصحيفة، هكذا كُتِبَ: "فيلا للبيع بسعر مُغْرٍ"، وكأي كائنٍ بليدٍ لم يبدر مني سوى أن أسخر، إنْ كان معنى الإغراء أنّها ستكشِف عن أعلى ذراعيها أو تخلَع عن رأسها القرميد، وشاهدتُ في الإياب "قصراً منيفاً" وراء نصف غابة، قلتُ في كيد إنّ عدد الغرف فيه أكثر من الأصابع في مصافحة كثيرة الودِّ، وتثبيت السلام بالكفِّ الثالثة!
لي منزلٌ من علبة كبريت وعلبة سجائر، مقتطع من "فيلا"، كانت قبل عشرين عاماً لعائلة سعيدة، قرّرت فيما يبدو أن تضاعف سعادتها، فانتقلت إلى قصر نصفه في اليابسة ونصفه في الماء، أما جيراني في "الفيلا"، فهم عائلات تسكن بالإيجار، تكتظ كلُّ عائلة في غرفتين وشبه البيت، أسمع أصوات التذمر من حصص الهواء، والسباق إلى الجلوس في الزوايا المثاليّة، وفي الأمس فقط غادرت أسرة شقّتها. جاءت سيّارة أجرة متوسطة، وحملت الأثاث، يراقبه طفل في الخامسة، وقفتُ بجانبه، وكنتُ أكبر، أو أطول منه بثلاثين حنيناً.
وسأكبر خمسة وعشرين حنيناً، لستُ متأكِّداً إنْ كان سيكون لي عائلة أم سأظلُّ وحيداً كعود الخيزران، لكنني متأكِّدٌ أنّه سيكون بإمكاني شراء بيتٍ، هو شقة من علبة سردين مريحة، كافية للتمدد فيما يتبقى من حياة، وربّما أستطيع شراء مزرعة لنهاية الأسبوع، وقد أفعل ما فعله ذلك النجم الشهير، الذي كان طفلاً (في الخامسة ربّما) حين طُرِدت عائلته من البيت للتأخر بتسديد الإيجار، فصار يشتري بيتاً في كلّ مدينة يقيم فيها عامين متتاليين. لستُ متأكداً تماماً، أظنُّ أنني سأفضّل الإقامة الأخيرة في "الأجنحة الفندقية".. كأيِّ عاشقٍ يخشى ألاّ يَعْدلَ في الحنين!

تابعوا هوا الأردن على