آخر الأخبار
ticker مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات ticker عوني عمار فريج يحصد فضية بطولة المحترفين الرابعة للتايكواندو على مستوى المملكة ticker قرارات مرتقبة ومراجعة شاملة لمواقع قيادية في الأردن ticker المختبرات الطبية تدرس رفع الأجور ticker العرموطي يوجه 12 سؤالا للحكومة حول ضريبة المركبات الكهربائية ticker البنك الأردني الكويتي يبارك لمصرف بغداد حصوله على جائزة أفضل مصرف تجاري في العراق لعام 2024 ticker عزم النيابية: خطاب العرش خارطة طريق لمرحلة جديدة ticker البرلمان العربي يثمن جهود الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية ticker برئاسة الخشمان .. تسمية اللجنة النيابية للرد على خطاب العرش ticker السفير البطاينة يقدم اوراق اعتماده في حلف الناتو ticker وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام ticker رئيس هيئة الأركان يستقبل قائد قوات الدعم الجوي الياباني ticker لقاء تفاعلي حول التعليمات الصادرة عن نظام إدارة الموارد البشرية ticker النوايسة يلتقي أعضاء قطاع الإعلام الشبابي في المعهد السياسي ticker بالصور .. الأمن ينفذ تمرينا تعبويا شاملا لمواجهة الطوارئ ticker افتتاح مشروع نظام تجفيف الحمأة في البيوت الزجاجية الشمسية ticker المصري يؤكد أهمية تطوير أداء البلديات ورفع سوية خدماتها ticker وزير الأشغال يطلع على الأعمال النهائية لمركز حفظ المقتنيات الأثرية ticker ضبط كميات كبيرة من التمور مجهولة المصدر في الكرك ticker المستشار في الديوان الأميري الكويت يستقبل وزير الثقافة والوفد المرافق

منازل كثيرة.. ولا بيت أزرق

{title}
هوا الأردن - نادر رنتيسي

جاءت سيّارة أجرة متوسّطة لتحملَ أثاثنا، الخفيف، القليل. عرفَ الطفلُ الذي كنته في الخامسة، أنّ هذا البيت الأزرق من غرفة ومنافع مشتركة، لم يكن بيتنا، وأننا ذاهبون أيضاً إلى بيت لن يكون بيتنا. وليس لنا أيُّ بيت، فقد كنّا نسكنُ مقابل أجرة شهريّة، ونتنقل رُحّلاً تحت السقوف المقشورة، فقبل أنْ أعي كنّا نسكن بيتاً مفتوحاً، وأبي تزوّج أمّي في بيت يتطلب الدخول إلى الحمّام ورقة "لا مانع" من عائلتين، فأدركَ الطفلُ الذي لم يعد في الخامسة أنّ البيت أيضاً يمكن هو سيّارة أجرة.
احتجتُ إلى مرحلتين تعليميّتين لأعرف الفرق الكبير كـ"الحوش" المشترك، بين "البيت" و"المنزل". تلك إذن التي كانت منازل الطفولة والصّبا، أقمنا فيها لليال متتالية كانت بحساب بسيط تعادل نصف العمر، ولمّا صِرتُ فتى بعينين مُسبّلتين، وأصبح لي فؤادٌ خفيفٌ كما خفّ من أثاثنا بين المنازل، يتنقّل من هوى شرقيٍّ إلى هوى غربيٍّ، ومثل أيِّ عاشق عبّاسيٍّ، كان للحبِّ مردٌّ واحد وحبيبٌ "أوّل"، وحتى يكتمل الشبه والمشبه به في بَيْتي القصيدة "التمّاميّة"، كان عليّ أنْ أجيب: لأيِّ منزلٍ أحنُّ؟، وكلُّ المنازل للعابر، والمسافر، واللاجئ، أولى.. وأخيرة!
صار لي سيّارة تعيسَة للنقل البطيء من منزل أبي إلى منزل أمّي، أشاهدُ من زجاجها المغبرّ البيوت الثابتة، هناك أعلى التلة "فيلا" من طابقين وسطح من القرميد الأخضر. قلتُ في حسد إنّ عددَ الغرف فيها أكثر من الأصابع في اشتباك اليدين بالحَسْرة، وكنتُ قرأتُ إعلان بيعها بمقاس كبير في الصحيفة، هكذا كُتِبَ: "فيلا للبيع بسعر مُغْرٍ"، وكأي كائنٍ بليدٍ لم يبدر مني سوى أن أسخر، إنْ كان معنى الإغراء أنّها ستكشِف عن أعلى ذراعيها أو تخلَع عن رأسها القرميد، وشاهدتُ في الإياب "قصراً منيفاً" وراء نصف غابة، قلتُ في كيد إنّ عدد الغرف فيه أكثر من الأصابع في مصافحة كثيرة الودِّ، وتثبيت السلام بالكفِّ الثالثة!
لي منزلٌ من علبة كبريت وعلبة سجائر، مقتطع من "فيلا"، كانت قبل عشرين عاماً لعائلة سعيدة، قرّرت فيما يبدو أن تضاعف سعادتها، فانتقلت إلى قصر نصفه في اليابسة ونصفه في الماء، أما جيراني في "الفيلا"، فهم عائلات تسكن بالإيجار، تكتظ كلُّ عائلة في غرفتين وشبه البيت، أسمع أصوات التذمر من حصص الهواء، والسباق إلى الجلوس في الزوايا المثاليّة، وفي الأمس فقط غادرت أسرة شقّتها. جاءت سيّارة أجرة متوسطة، وحملت الأثاث، يراقبه طفل في الخامسة، وقفتُ بجانبه، وكنتُ أكبر، أو أطول منه بثلاثين حنيناً.
وسأكبر خمسة وعشرين حنيناً، لستُ متأكِّداً إنْ كان سيكون لي عائلة أم سأظلُّ وحيداً كعود الخيزران، لكنني متأكِّدٌ أنّه سيكون بإمكاني شراء بيتٍ، هو شقة من علبة سردين مريحة، كافية للتمدد فيما يتبقى من حياة، وربّما أستطيع شراء مزرعة لنهاية الأسبوع، وقد أفعل ما فعله ذلك النجم الشهير، الذي كان طفلاً (في الخامسة ربّما) حين طُرِدت عائلته من البيت للتأخر بتسديد الإيجار، فصار يشتري بيتاً في كلّ مدينة يقيم فيها عامين متتاليين. لستُ متأكداً تماماً، أظنُّ أنني سأفضّل الإقامة الأخيرة في "الأجنحة الفندقية".. كأيِّ عاشقٍ يخشى ألاّ يَعْدلَ في الحنين!

تابعوا هوا الأردن على