بين العام والخاص
بكلمات قليلة ولكنّها معبرة أعرب جلالة الملك عن عدم ارتياحه لنتائج تقييم الوزارات والدوائر الحكومية في الجوائز التي يديرها مركز الملك عبدالله الثاني للتميّز، والتي أظهرت تراجعاً في أداء عدد منها، ورئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور خصص جانباً من جلستين متتابعتين من جلسات مجلس الوزراء لمناقشة تلك النتائج المثيرة للقلق، ودعا إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لمعالجة الفجوات بين واقع الحال، وبين ما يجب أن يكون عليه الحال .
قبل ذلك مرّ التقرير السنوي الثاني لوزارة تطوير القطاع العام مرور الكرام مع أنه أظهر تراجع الأداء، وتراجع درجة وترتيب الأردن في المؤشر الدولي الذي يتضمن (26) مؤشراً تعتمد عليها الجهات المانحة لتنفيذ أو عدم تنفيذ مشروعاتها الاستثمارية، ومنح القروض والمساعدات، من بينها مؤشرات تنافسية المواهب، والإبداع، والسعادة، والتعليم، وحرية الصحافة، وسيادة القانون، والفجوة بين الجنسين، والبطالة، وجاهزية الشبكات وغيرها .
صحيح أنّ القطاع العام هو المسؤول عن الجانب الأكبر من الأداء العام للدولة، ولكن القطاع الخاص مسؤول كذلك بغض النظر عن درجة المسؤولية، فتلك مسألة ترتبط بشكل وثيق بطبيعة القطاع العام ومستوى أدائه، والفكرة السائدة بإمكانية تفوق القطاع الخاص على القطاع العام ليست صحيحة إلاّ من ناحية شكلية !
تراجع أداء القطاع العام ينعكس بصورة مباشرة ومؤثرة جداً على القطاع الخاص، لأن دوره ومكانته في الاقتصاد الوطني جزء من الاستراتيجية العامة "إن وجدت" وتكفي مراجعة بسيطة على واقع الاستثمار من زاوية هروب المشاريع أو فشلها، وتعثّر الصناعات أو عدد المصانع التي أُغلقت، فضلاً عن غياب الحد الأدنى من التعاون والتنسيق بين القطاعين، لكي ندرك معنى وخطورة التراجع الذي نسجله على المستويين المحلي والدولي !
سنظل على هذا الحال إن لم نتراجع إلى مراتب أدنى إذا بقينا نتكلم عن المشاكل والتحديات ولا نحلها ونواجهها، وقد مر زمن طويل ونحن نعيد الكلام نفسه، ونعد الخطط لتظل مكتوبة على الورق فلا ننفذها، ولا نتابعها، ويكفي أن نسأل سؤالاً واحداً فقط ما هو حال الخطة العشرية للاقتصاد الوطني التي تم إعدادها العام الماضي ؟
بين القطاع العام والخاص مسافات بعيدة، وبين كليهما والمؤشرات والمعايير الوطنية والدولية مسافات بعيدة أيضا !