المبادرة الفرنسية
يعقد يوم الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر بمشاركة 28 دولة من كافة أنحاء العالم ، والأهداف الرئيسية للمؤتمر هو إعادة المفاوضات الفلسطينية الصهيونية من أجل حل القضية الفلسطينية ..
بحسب المستند الذي عممته الخارجية الفرنسية على الدول المشاركة ، تحديد سقف زمني لأي مفاوضات مستقبلية بين الطرفين ، وتحديد بنود التفاوض والمواضيع الخلافية التي يجب إيجاد حل لها ، ووضع معايير دولية يلتزم بها الطرفان ، حتى التوصل إلى اتفاق نهائي حول تفاصيل حل الدولتين ..
نتنياهو رفض المبادرة الفرنسية ، زاعمًا إنه مستعد للتفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس دون شروط مسبقة ، لكنه حاول إملاء الشرط الأول ، قائلًا إنه على السلطة الفلسطينية الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة الشعب اليهودي ، وعندها يمكن الجلوس إلى طاولة المفاوضات ..
وحازت المبادرة الفرنسية على دعم جامعة الدول العربية خلال الاجتماع الطارئ الذي عقد قبل أيام ..
واقع الأمر أنّ الفلسطينيين قدموا تنازل بمجرد قبول الفكرة. وهو العودة للمفاوضات من دون وقف الاستيطان ومن دون إطلاق ما تبقى من الأسرى وهما الشرطان الأساسيان لاستئناف المفاوضات.
وحتى الآن لا يوجد تصور معلن واضح لكيف سيعمل المؤتمر فهل ستجرى لقاءات احتفالية مثل مشاهد المفاوضات منذ ربع قرن ؟ ثم يجري العودة للمفاوضات الثنائية حتى وإن بحضور دولي ؟ ما الجديد إذن هنا ؟ وما هو السقف الزمني للتفاوض ؟ فهل تحقق أهداف العدو ، وتنسجم مع تكتيكهم بإضاعة الوقت ، حيث يستمر الاستيطان والتضييق على الفلسطينيين ، وتستمر كل سياسات فرض الأمر الواقع.
يتحدث المشروع الفرنسي عن قضية القدس كمدينة موحدة وكعاصمة مشتركة ، بحيث تقع الأحياء اليهودية والمواقع المقدسة لليهود تحت السيادة الصهيونية الكاملة ، والأحياء الفلسطينية والأماكن المقدسة للمسلمين تحت سيادة فلسطينية وهنا الطامة الكبرى بالنسبة لموضوع القدس.
ويتحدث المشروع الفرنسي عن الترتيبات الأمنية على طول الحدود الفاصلة بين الكيانين ، بما في ذلك تواجد طويل الأمد لقوات جيش العدو في منطقة الأغوار على الحدود الأردنية الفلسطينية مع نشر قوات دولية ، وبحيث تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح تماما.
وضع جدول زمني شبه مفتوح ، سواء للمفاوضات أو لتطبيق الاتفاق سقف منخفض مشروع المبادرة التي يجري التداول الآن بشأنها داخل كواليس الدبلوماسية الغربية بالتواصل مع الطرف الفلسطيني والصهيوني ، وتبتعد عن قرارات الشرعية الدولية ومرجعياتها وتهبط إلى تحت سقفها ، لتجعل من منطق ما يتم التفاوض بشأنه والاتفاق عليه بديلا لقرارات ومرجعية الشرعية الدولية.
وهو ذات الموقف الأميركي الذي قاد العملية السياسية باتجاه الجدار المسدود منذ سنوات طويلة ، ذلك لأن المبادرة الفرنسية تكرر المكرر ، لكن بطبعة دولية أوسع من اللجنة الرباعية الدولية الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ، وروسيا ، والأمم المتحدة التي لم يعد أحد يسمع بها.
المبادرة الفرنسية التي ستقدم إلى مجلس الأمن تعكس موازين القوى على الأرض ، وتترجم واقع الحال العربي ، وخطورتها تكمن في النقاط التالية ,المبادرة تسوية نهائية وهذا يعني شطب كل المطالب الفلسطينية التاريخية,الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح لن تقام على حدود 67 ، لأن المبادرة تتحدث عن تبادل الاراضي ، وتستجيب للاحتياجات الأمنية الصهيونية. وهذا ما يتوافق مع الاعتراف بالطابع اليهودي للكيان الصهيوني . فمعنى ذلك أن من حق جيش العدو اقتحام مدن الدولة الفلسطينية , أما قضية اللاجئين الفلسطينيين فيجري التعامل والتعاطي معها بطريقة مشتركة ومتوافق عليها بعيدا عن القرار 194 القاضي بحقهم في العودة إلى أرض الآباء والأجداد في فلسطين .
قضية اللاجئين جاء البند الذي يقول إيجاد حل عادل ومتوازن وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، بالاستناد على آلية تعويض . إن ورود لفظة المتوازن تعني الاعتراف بقضية اليهود اللاجئين ، أما لفظة الواقعي فإنها تلغي حق اللاجئين في عودتهم إلى وطنهم ، بالتالي لم يبق إلا التعويض المالي بهدف التوطين
وصولا إلى الاعتراف المتبادل بين الكيانين وإنهاء الصراع ..
الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم هم ضيوف لدى الدول المضيفة لهم ، بسبب نكبتهم وتهجيرهم عن أرضهم ، وهم متمسكون بالعودة لوطنهم الأم مهما طال الانتظار ليقينهم أن حقهم في أرضهم لا أحد يستطيع منازعتهم على هذا الحق المكتسب الذي لا يسقط بفعل مرور الزمن.
العودة حق شرعي وقانوني وإنساني وحتمي ويحفظها اللاجئون عن ظهر قلب ، ويعلمون الأبناء وأحفادهم على مدار الساعة ، ويكرسوا كل جهودهم ليحققوها في واقع حياتهم ، فحق كل إنسان أن يعود إلى وطنه ، وليس من حق أحد أن يمنع هذا الحق ولو أدى ذلك لقتاله ، هذا إن كان الوطن أي وطن فكيف إذا كان الوطن فلسطين!
وهذا ما يستوجب الحراك الشعبي لرفض النكبة الجديدة.
جمال ايوب